شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - (11) خُلق التواضع
ما أجمل التواضع لله واللين مع خلق الله، وخاصة إن كان المتواضع لله ممن عُرف بالجاه والسلطان، ذلك الخلق العظيم شيمة الأطهار سليمي القلب الخالي من الكبر والخيلاء، وإذا تتبعنا سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وجدناه خير من تواضع وألين من تعامل مع الناس أجمعين، بالرغم من نبوته وعلو قدره، لذلك كان هو المعلم والقدوة للجميع، كيف لا وقد رباه رب العالمين..
ما أجمل التواضع لله واللين مع خلق الله، وخاصة إن كان المتواضع لله ممن عُرف بالجاه والسلطان، ذلك الخلق العظيم شيمة الأطهار سليمي القلب الخالي من الكبر والخيلاء، وإذا تتبعنا سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وجدناه خير من تواضع وألين من تعامل مع الناس أجمعين، بالرغم من نبوته وعلو قدره، لذلك كان هو المعلم والقدوة للجميع، كيف لا وقد رباه رب العالمين، وجعل خُلقه القرآن الذي نهانا الله تعالى فيه عن التكبر والخيلاء..
فقال تعالى: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} [الإسراء:37].
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية: "هذا نَهي عن الخيلاء وأمر بالتواضع".
ومن نماذج تواضع الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يجلس مع الفقراء والمساكين ويصغي إليهم، ويجيب دعوة العبد وينصت للأمة فلا يتركها وينصرف حتى تنصرف، وفي ذلك يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: "كانت الأَمَةُ مِن إماءِ أهل المدينة لَتَأخُذُ بيدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فتَنطلِقُ به حيث شاءَتْ" (صحيح البخاري:6072).
وكان صلى الله عليه وسلم ينهى أصحابه من القيام بين يديه، فقال صلوات ربي عليه: « » (سنن أبي داود:5230)، وقال صلى الله عليه وسلم: « » (السلسلة الصحيحة:357)، وهذا من شدة تواضعه صلوات ربي عليه، بل أنه حذر ممن يحب ذلك ويتكبر على الناس ويحب القيام تعظيمًا له بأن ينتظر مقعده في النار..
وإذا نظرنا لحال البشر عندما يفتح الله عليهم ويعطيهم المال أو السلطان، نجدهم ينسون أصلهم وينسون أنهم ما خُلقوا ملوك أو رؤساء أو غيره من مناصب الدنيا الفانية، بل ولا يحاولون تذكر ذلك، ويسعون في طمث حياتهم السابقة، ولكن المصطفى صلوات ربي عليه كان دائمًا يقول: « » (السلسلة الصحيحة:496/2).
وكان صلوات ربي عليه يقول في جلوسه وطعامه: « » (صحيح الجامع:8)، ولذلك عندما خُير صلوات ربي عليه في حديث طويل بينه وبين جبريل على الصفا بين أن يكون نبيًا ملكًا، أو عبدًا نبيًا فقال عليه الصلاة والسلام: « » (حسن إسناده المنذري في الترغيب والترهيب:1734)، ولو شاء الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون نبيًا ملكًا لكان له ما طلب ولفتح الله عليه خزائن الأرض، ولكن خلقه الكريم وشدة تواضعه جعلته يأبى إلا أن يكون نبيًا عبدًا..!
وإذا نظرنا في تواضعه داخل بيته وبين زوجاته، تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عندما سُئلت عن عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته، قالت: "ما كان إلَّا بشَرًا مِن البشَرِ كان « »" (صحيح ابن حبان:5675)، وهذه رسالة لكل رجل يتكبر على زوجته ويأبى أن يساعدها ويرى أن ذلك يُنقص من رجولته وفتوته، فأين هو من معلم البشرية؟!
هذا غيض من فيض فلو وضعت كل ما يدل على تواضعه صلوات ربي عليه في كل حياته من مأكل ومشرب وملبس، وتعامل مع الناس واتباع للجنائز، وتبسمه إذا ما تطاول عليه سفيه، لأخذنا صفحاتٍ وصفحات، فاللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اتبعه بإحسانٍ إلى يوم الدين..
أم سارة
كاتبة إسلامية من فريق عمل موقع طريق الإسلام
- التصنيف: