مع القرآن - أقبلوا على القرآن

منذ 2015-03-01

القرآن كتاب حياة، منهج متكامل، أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ليكون منهجاً متكاملاً للحياة، وليس مجرد آيات تسمع في سرادقات العزاء أو كتاب يعلوه التراب على أحد الأرفف وحسب، كثير من المسلمين لا ينتبه إلى أن القرآن منهج حياة فيرى فقط أنه بركة يقرأه متى يشاء، لا يجاوز ترقوته ولا يطبق منه إلا القليل، فتكاد الحنجرة التي تنطق بالقرآن تكون هي الجارحة الوحيدة في جسده التي استفادت من مرور القرآن عليه..

القرآن كتاب حياة، منهج متكامل.. أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ليكون منهجاً متكاملاً للحياة، وليس مجرد آيات تسمع في سرادقات العزاء أو كتاب يعلوه التراب على أحد الأرفف وحسب، كثير من المسلمين لا ينتبه إلى أن القرآن منهج حياة فيرى فقط أنه بركة يقرأه متى يشاء، لا يجاوز ترقوته ولا يطبق منه إلا القليل، فتكاد الحنجرة التي تنطق بالقرآن تكون هي الجارحة الوحيدة في جسده التي استفادت من مرور القرآن عليه..

كتاب عظيم يعلوه التراب على أحد الأرفف في البيت أو في السيارة، أما تعلمه وتعليمه وتطبيقه والتحاكم إليه فبعيد، والأعجب أن الكثير من المسلمين بسبب بعدهم عن تطبيقه يرون من يطبقه غريبًا، بل قد يرمونه بالتطرف والغلو..!

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في مقدمة تفسيره:
"فمن بلغه هذا القرآن من عرب وعَجَم، وأسودَ وأحمرَ، وإنس وجان، فهو نذير له؛ ولهذا قال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} [هود:17]، فمن كفر بالقرآن ممن ذكرنا فالنار موعده بنص الله تعالى، وكما قال تعالى: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ . وَأُمْلِي لَهُمْ..} [القلم:44-45].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بُعِثتُ إلى الأحمر والأسود».
قال مجاهد:يعني: الإنس والجن. فهو صلوات الله وسلامه عليه رسول الله إلى جميع الثقلين: الإنس والجن، مُبَلِّغًا لهم عن الله ما أوحاه إليه من هذا الكتاب العزيز الذي: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:42].

وقد أعلمهم فيه عن الله تعالى أنه نَدَبهم إلى تَفَهُّمه، فقال تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} [ النساء:82]، وقال تعالى:{كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ} [ص:29]، وقال تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:24].

فالواجب على العلماء الكشف عن معاني كلام الله، وتفسير ذلك، وطلبه من مظانه، وتَعلُّم ذلك وتعليمه، كما قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران:187]، وقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران:77]، فذم الله تعالى أهل الكتاب قبلنا بإعراضهم عن كتاب الله إليهم، وإقبالهم على الدنيا وجمعها، واشتغالهم بغير ما أمروا به من اتباع كتاب الله.

فعلينا -أيها المسلمون- أن ننتهي عما ذمَّهم الله تعالى به، وأن نأتمر بما أمرنا به، من تَعَلُّم كتاب الله المنزل إلينا وتعليمه، وتفهمه وتفهيمه، قال الله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نزلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ . اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الحديد:16-17]، ففي ذكره تعالى لهذه الآية بعد التي قبلها تنبيه على أنه تعالى كما يحيي الأرض بعد موتها، كذلك يلين القلوب بالإيمان بعد قسوتها من الذنوب والمعاصي، والله المؤمل المسؤول أن يفعل بنا ذلك. 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
من الأولويات: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ}
المقال التالي
أحسن طرق التفسير