لا حول ولا قوة إلا بالله!
إن الإرادة ما أشبهها بالدعاء! ولكن الفرق بينهما أن الإرادة شيء كفل الله تحقيقه للمؤمن وغير المؤمن، والدعاء كفل الله تحقيقه للمؤمن فقط، فكلاهما ليس لنا أي يد فيه.
الكثير منكم سيستغرب هذا السؤال، ولكن تأمل!
اسأل أحدًا من الناس وقل له كيف تحرك يديك؟ فضلًا صف لي الطريقة التي تتبعها حتى تحرك يدك، سينظر إليك بتعجب، ويحرك يديه، ويقول لك: "هكذا، ولكن لا أعرف كيف أصف لك طريقة معينة، كل ما أفعله اني أريد تحريك يدي فتتحرك"!
سبحان الله! إنه أمر مبهر للعقل، ولكن قد يأت آت ويقول لي الموضوع بسيط، لو أنك فقهت علم الطب، فالموضوع ببساطة ينشأ عن طريق سلسلة متتابعة للاستثارات العصبية لخلايا عصبية متجاورة حتى تصل إلى عضلات اليد فتتحرك.
ولكن دعني أسأله وما سبب أن الخلية الأولى التي أعطت أول اشارة اطلقت إشارتها؟ ولماذا لم تكن خليه أخرى؟ إنه يبدو وكأن هذه الإشارة الأولى هذه هي بداية الخيط داخل جسم الإنسان.
ولكن دعني أسأل ما هو امتداد هذا الخيط خارج الجسم؟ إنها الإرادة، إنني أردت فانطلقت الإشارة الأولى.
ولكن من أنا؟! هل أنا جسدي؟ وهل أقع داخله؟! مما لا يشك فيه عاقل أن (أنا) هو مفهوم معنوي بحت، وليس له علاقة بالمادة، فأنا هو أنا أثناء رحلة نموي طفلًا فشابًا فرجلًا بالرغم أن خلايا جسمي تغيرت وتبدلت مرات ومرات! ولكن كيف يتفاعل شيء معنوي بحت (أنا) بالخليه الأولى التي أطلقت الإشارة الأولى لتحرك يدي؟ ما الرابط بين الإرادة والإشارة المادية؟
من الممكن تخيل جدًا انني أريد أن أحرك يدي ولا أستطيع بدون أي سبب عضوي! وهذا يقابله كثيرًا ممارسو علم الطب أليس كذلك؟ إن الله عز وجل هو الذي يحول إرادتي هذه لإشارات مادية.
إن الإنسان وكأنه يطلب بشكل غير إرادي من الله أن يطلق الإشارة الأولى سواءً كان معترفًا بوجود الله أم لا!
إن الإرادة ما أشبهها بالدعاء! ولكن الفرق بينهما أن الإرادة شيء كفل الله تحقيقه للمؤمن وغير المؤمن، والدعاء كفل الله تحقيقه للمؤمن فقط، فكلاهما ليس لنا أي يد فيه.
إننا نريد أن نحرك أيدينا فيحركها الله لنا، وهنا تنجلي الحقيقة أنه (لا حول ولا قوة إلا بالله) ومعناها الذي أراه هنا أنه لا تحويل لإرادتنا لأمر ملموس إلا بتدخل من الله.
قال تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير:29].
والمشيئة هنا برأيي هي تحويل الإرادة لأمر ملموس فهذا لا يتم إلا بتدخل مباشر من الله!
قال تعالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ} [الأنفال:17].
وأيضًا ندعو الله بأمر معين فيتحقق بدون تدخل منا في هذا، و بعد كل هذا نجد من يهزؤون بتأثير الدعاء.
أتهزأ بالدعاء وتزدريه ... وما تدري بما صنع الدعاء
سهام الليل لا تخطئ ... ولكن لها أمد، وللأمد انقضاء
والله أعلى، وأعلم.
أحمد كمال قاسم
كاتب إسلامي
- التصنيف: