المحاولة 100

منذ 2015-03-09

سأل خمسمائة رجل أعمال ناجح في الولايات المتحدة الأمريكية.. هل كان نجاحكم من أول تجربة أم تعرضتم لفشل وإخفاق في حياتكم العملية؟ فكانت الإجابة بالإجماع ولم تستثني أحداً.. لم ننجح من أول تجربة وتعرضنا لزلات ومحطات توقف.

عندما سئل أديسون.. كيف استطعت أن تحقق النجاح بعد 999 تجربة فاشلة؟ فأجاب قائلاً: "أنا أعرف 999 طريقة لا يضاء بها المصباح الكهربائي".

كنتاكي كذلك.. تقاعد في الستين من عمرة وحمل راتبه التقاعدي والذي لن يكفيه للأيام المقبلة، قرر أن يبحث عن مصدر للعيش بحيث لا يضطر إلى أن يمد يده للآخرين، راجع موارده الذاتية، وصنع خلطة الدجاج وانطلق بعدها لبيعها لأي مطعم وسمع وهو في هذا العمر 1100 مرة قيل له فيها لا.

لم يستسلم واستمر حتى باعها، وغدت صورته في عواصم العالم تشرق في مكان لتغرب عليه في مكان آخر.

هل تعرف حقيقة النجاح؟ هل تعرف ماذا تريد بالضبط؟ وهل سعيت إليه بجد وعزم وإصرار، لكنك لم تصل إلى الآن؟

هل أصابك الإحباط وهل فقدت الأمل في غدٍ أفضل؟ وهل تظن بأنك أقل حظا من أصدقائك وزملائك؟

أو ربما صدقت كلام الآخرين بأنك فاشل ولا سبيل لتحقيق النجاح؟

أو لعلك قررت أخيراً أن تغير تخصصك الدراسي فربما هناك الحل؟

أو أن تبحث عن فرصة للهجرة؟ فهذه الأرض لا تسمح لك بالتقدم وتحقيق الانجازات؟

إذا كنت من هؤلاء فنحن ندعوك إلى قراءة صفحات هذا الكتاب، فهو يحمل لك إجابة شافية لحيرتك وارتباكك، ويضع قدميك على أول الطريق المؤدي للنجاح والتميز والتفوق.

المحاولة الـ 100 كتاب نوضح من خلاله بأن النجاح ليس باباً يفتح وإنما سلماً يرتقى، فقد يظن البعض بأن النجاح هو خطوة أو صفقة أو فرصة وهذا الفهم غير صحيح تحت كل المقاييس، العملية والاجتماعية والسياسية والشرعية كذلك.

فالنجاح سلسلة لا منتهية من الخطوات الايجابية الناجحة، فكل محطة نجاح ترتقي بك إلى الخطوة التي تليها، وهكذا دواليك.

وأما الشكل الثاني من النجاح وهو ألذ نجاح وأحلى امتياز، الذي تحصل عليه بعد سلسلة طويلة من الإخفاقات والفشل المتكرر، لنحقق نجاحا بمقدار تلك الخطوات التي تعثرنا فيها، وقررنا رغم وجودها في حياتنا أن نستمر، وكلنا أمل في غد أفضل وأحسن وأجمل بإذن الله.

في كل مرحلة من حياتنا كنا نشاهد زملائنا أو أقربائنا يحصلون على أفضل الأشياء وعلى رعاية خاصة من أهالينا أو مٌدرسينا في المدرسة.

وبدأنا في تلك اللحظات المبكرة من حياتنا نشعر بأننا غير مميزين ولسنا من الأشخاص المحبوبين في الحفلات وتجمعات الأصدقاء، ومع الوقت فقدنا الإحساس بالذات أو الرغبة في الانجاز، وعندما بدأت الحياة تتضح معالمها وصعوبتها، قررنا مجدداً أن نثبت في أماكننا ولا نبارحها حتى نحقق الانجاز ونحظى بالاحترام والتقدير، ومجدداً كان هناك أشخاص أكثر تميزا فهم يحصلون على الوظائف بسرعة خارقة ويترقون في الوظائف بطريقة ملفته للنظر، بالرغم من الجهد الذي بذلناه في أيام الجامعة وتخرجنا بمعدلات تفوق معدلات هؤلاء.

إذن أين السر وأين يكمن الخلل؟ وبعد جهد كبير في البحث عن تبرير منطقي لما يحدث من حولنا، كان الجواب الأكثر منطقية وقبولاً لدى عقولنا، أن هؤلاء هم أصحاب الحظ.. نعم.. الحظ العظيم.. ونحن من فريق التعساء والخاسرين.

لكن الحقيقة بسيطة فتعريف الحظ: هو مجموع الاستعداد والفرصة معاً.

والفرص تأتي كل يوم، بل لن نبالغ إذا قلنا كل لحظة لكن يظل السؤال هل أنت مستعد وجاهز؟ هل أنت مؤهل بالقدرات والمهارات المطلوبة لذلك العمل..

فربما ترى إعلان لشركة تبحث عن موظف يحمل بكالوريوس محاسبة وهو أنت ويجيد الحاسوب وهو أنت ويتقن الإنجليزية وقيادة السيارات وهاتان ليستا متوفرتان لديك فتذهب الفرصة ويأخذها الأكثر استعداد لها.

سأل خمسمائة رجل أعمال ناجح في الولايات المتحدة الأمريكية.. هل كان نجاحكم من أول تجربة أم تعرضتم لفشل وإخفاق في حياتكم العملية؟ فكانت الإجابة بالإجماع ولم تستثني أحداً.. لم ننجح من أول تجربة وتعرضنا لزلات ومحطات توقف.

هؤلاء هم خريجو أفضل الجامعات، هؤلاء يسكنون في أفضل المجتمعات المادية المعاصرة هؤلاء الذين يعيشون حياة مادية صرفة تخلو من الروح والقيم لم يتمكنوا من تحقيق النجاح والتميز من أول تجربة، ولم تفلح أولى خطواتهم ولم تشفع لهم شهاداتهم العالمية ولا أسرهم الغنية، تذكر.. خطوة.. خطوة.. تليها خطوات مستمرة، هكذا يصنع النجاح.

هل نظرت لطفل انتهى من الحبو وشجعه أهله على السير والوقوف والمشي، ألم يبدأ أول خطواته بأنه ظل واقفاً في مكانه لا يتحرك ثم حرك قدمه فاختل توازنه وسقط، شجعناه مجدداً وصفقنا له.. وقف عندها ثم اتزن وتحرك وفي كل خطوتين يسقط ويقع، لماذا؟

ليقف مجدداً، لم يستسلم أو ييأس وحاول مجدداً بخطوات أخرى وهكذا حتى نجح وسار يمشي في أرجاء منزلة ثم حارته لينطلق بعدها في هذا العالم بيقين وخطوات ثابتة.

الأمر الثاني أن الجهد والمشقة في الحياة يشترك فيها كل بني الإنسان على اختلاف لغاتهم وأديانهم ومواقعهم الوظيفية لا نستثني أحداً، كان رجلاً أو امرأة، وزيراً أو غفيراً، رئيس جمهورية أو بواب عمارة، طفلا كان أو شيخاً، بوذياً أو نصرانياً أو مسلماً، الجميع.. بلا أي استثناء يبذلون جهوداً وكلهم يشعر بالمشقة ويصارع التحديات ويقف أمام مسئولياته، وهذه الحقيقة البسيطة ذكرها المولى عزّ وجل في سورة البلد من جزء عم.. حيث قال عزّ من قائل: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ}، أي مشقة، وركز معنا على كلمة الإنسان حيث تشمل الإنسان في أي زمن أو مكان.

طالما وهو يحيا على ظهر هذه البسيطة فالمشقة والعناء والتعب له منها نصيب، لكن الله أكرمنا على بقية الأمم بأن لنا رجاء وثقة ويقين بالله فإن كان الناس يألمون فإننا نألم، وإن كانوا يرجون فإننا نرجو..

والفارق أننا نرجو من الله الجنة وحسن الثواب.

أحبتنا، النجاح إذن ليس باباً يفتح، النجاح سلم ترتقي فيه كل يوم خطوة باتجاه المستقبل، باتجاه غد أفضل لا تنتظر حتى تحصل على الدكتوراه أو الأموال الكثيرة أو تدرس فنون التجارة إبدأ الآن وضع نفسك في الميدان وسترى أنك تتحسن على الدوام وترتفع قدراتك وكفاءتك باستمرار.

قرر الشافعي يوماً أن يجمع أقوال الفقهاء في كل المسائل الفقهية ويشكل مرجعاً إسلامياً يحفظ هذه الأمة من الاختلاف وكتب الكتاب تحت اسم الأم.

كتبه في عامين تقريباً، لكنه لم ينزله للوراقين ليقوموا بنسخة إلا بعد سنين طويلة جداً، لماذا تأخر وقد كتبه قبل سنين؟ سؤال يستحق منا أن نتوقف عنده قليلاً.

لقد تأخر في النسخة لأنه كل يوم كان يقوم بتعديله من إضافة وحذف وتغيير، حتى أعياه الجهد وفطن إلى الحقيقة أنه لن يصل ليوم يكون فيه بأفضل حالاته، وأحسن علومه وتجاربه وقدراته، وقال حينها " قضى الله أن لا يكون الكمال إلا لكتابه فقط".

رحمك الله أيها الشافعي فقد أدركت الحقيقة بأن النجاح والتميز خطوات مستمرة في الزمن، وإن كل يوم يمر عليك وأنت لم تستسلم بعد يضيف إلى رصيدك خبرات وتجارب جديدة تساعدك وتنفعك في الآتي من الأيام.
 

بشير بن علي