مع القرآن - النظام العالمي بين المعضوب عليهم والضالين

منذ 2015-03-22

النظام العالمي لا يخرج عن سبيل المجرمين سواء كانوا ضالين أو مغضوباً عليهم، والأمة الإسلامية تمتلك مفاتيح الخروج من الأزمة، ولكنها تركتها والتمست وسائل أعدائها لفتح الطريق.. ولكن هيهات!

الأمة الإسلامية تنوء بحمل رسالتها بعد تراجعها وسيادة الغرب المخالف لها اعتقاداً وعملاً، والذي يسعى نظامه العالمي للإجهاز على الأمة الإسلامية والقضاء على ما تبقى منها من رمق أو بقية حياة..

النظام العالمي لا يخرج عن  سبيل المجرمين سواء كانوا ضالين أو مغضوباً عليهم، والأمة الإسلامية تمتلك مفاتيح الخروج من الأزمة، ولكنها تركتها والتمست وسائل أعدائها لفتح الطريق.. ولكن هيهات!

صراط الله المستقيم  وشرعه القويم هو المفتاح الوحيد والحل الذي لا حل غيره؛ لخروج الأمة من أزمتها وشفائها من مرضها وقيامها من رقادها، لتسود أعدائها وليس لتواجههم فحسب، فالشرع الكريم والصراط المستقيم يكفل للأمة السيادة التامة.

قال الإمام ابن كثير رحمه الله، موضحاً اختلاف سبيل الأمة عن طريق المغضوب عليهم وعن سبيل الضالين: "روى أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب فضائل القرآن، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: أنه كان يقرأ: (غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ، وَغَيْر الضَّالّين) وهذا إسناد صحيح، -وكذا حكي عن أبي بن كعب أنه قرأ كذلك- وهو محمول على أنه صدر منه على وجه التفسير، فيدل على ما قلناه من أنه إنما جيء بها لتأكيد النفي، -لئلا يتوهم أنه معطوف على {الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}-.

وللفرق بين الطريقتين، لتجتنب كل منهما، فإن طريقة أهل الإيمان مشتملة على العلم بالحق والعمل به، واليهود فقدوا العمل، والنصارى فقدوا العلم، ولهذا كان الغضب لليهود، والضلال للنصارى، لأن من علم وترك استحق الغضب، بخلاف من لم يعلم.

والنصارى لما كانوا قاصدين شيئًا لكنهم لا يهتدون إلى طريقه، لأنهم لم يأتوا الأمر من بابه، وهو اتباع الرسول الحق ضلوا، وكل من اليهود والنصارى ضال مغضوب عليه، لكن أخص أوصاف اليهود الغضب -كما قال فيهم: {مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ} [المائدة من الآية:60]، وأخص أوصاف النصارى الضلال -كما قال: {قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيل} [المائدة من الآية:77]-، وبهذا جاءت الأحاديث والآثار -وذلك واضح بين-.

عن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المغضوب عليهم قال: «اليهود»، -قال- قلت: الضالين، قال: «النصارى»، وقال السُّدِّي، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود، وعن أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: «{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} هم اليهود، {وَلَا الضَّالِّينَ} هم النصارى».

وقال الضحاك، وابن جُرَيْج، عن ابن عباس: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} اليهود، {وَلَا الضَّالِّينَ} -هم- النصارى، وكذلك قال الربيع بن أنس، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغير واحد، وقال ابن أبي حاتم: ولا أعلم بين المفسرين في هذا اختلافًا".

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
سؤال الهداية
المقال التالي
إياك وباقي الطرق