الليبرو صفوية والوطنية السعودية
أدوار خطيرة تعمل على تفريغ الوطن من مصادر قوته الحقيقية -كدور أولي- من خلال نزع هويته الحقيقية وفكره الموحَّد والموحِّد في المناهج التعليمية والدعوية، لتتم تعبئة هذا الفراغ الفكري والقيَمي بالثقافة الغربية التغريبية كدور ثانٍ، ويقوم هذا التيار (الليبروصفوي) بالدورين معاً تمهيداً للمشروع الإيراني في السيطرة على دول المنطقة وبلاد الحرمين، وهو في الوقت ذاته خدمة مُثلى للمشروع الصهيوأمريكي.
إضافة لما ورد في المقالات السابقة من أقوال (الغنامي) والأستاذة (وداد خالد) والدكتورة (نورة الصالح) عن كشف حقيقة الوطنية لدى دعاة الليبرالية السعودية، فقد أوضحت د. (نورة الصالح) كذلك عن الوطنية الحقة، ومن ينتمي إليها ويُضحِّي من أجلها، وكذلك عن الليبروصفوية في الوطن السعودي بما يكشف عن المزايدات الوطنية منهم، فقالت: "على الجانب الآخر رأيت (الإسلاميين) مع ضعفهم إعلاميًا، هم الأقوى والأشرف، وهم الذين يبذلون دماءهم في سبيل الأوطان، وضد الهجمة الصليبية على أوطاننا، وجدتهم في فلسطين الكريمة، وفي العراق، وفي أفغانستان، لقد كانوا خط الدفاع الأول ضد التوسع الأمريكي، تسَاءَلْتُ: ما لي لم أرَ ليبراليًا واحدًا وجدوه صدفة يدافع عن أوطان المسلمين المحتلة! مجرد نفاق للسلطة، وشهرة إعلامية، ورفاهٍ مالي، وتفريط في الصلاة، ومشروبات، وعلاقات غير مشروعة.. هذه هي قصة الليبرالية في وطني، ولا ينبئك مثل خبير".
وقبل هؤلاء كانت مكاشفات أو مراجعات الدكتور (عبد الله الغذامي) عن الليبرالية الموشومة! -كما يسميها- التي أكَّدت على عدم وجود منهج ليبرالي صِرف في الأوساط الثقافية السعودية، مستدلاً بأن أعلى قيمة في الليبرالية هي التسامح مع من يَختلِف معها، وهذا هو المفقود، حيث الليبراليين السعوديين -كما يصفون أنفسهم- يضيقون ذرعاً بالرأي الآخر، بل يصنعون الصراع، ويسعون إلى إقصاء من يخالفهم الرأي، وهذه هي الوطنية لديهم، تصنيف وصراع وإقصاء.
وأوضح الغذامي ما هو أكثر من ذلك عن حقول الليبرالية وموضوعاتها لدى دعاة الليبرالية في أمور الوطن والوطنية فقال: "فحصتُ المقالات التي يكتبها مجموعة من إخواننا الذين يسمون أنفسهم بالليبراليين، خذوا الحقول التي رأيتها: نقد هيئة الأمر بالمعروف، نقد المناهج، نقد الغلو، نقد الإرهاب، نقد الأهلة!".
بل لقد وصل بأحد دعاة الليبرالية السعودية من كتَّاب الصحافة الذين يتغنون بالوطنية أن يطرح ما يسوِّغ مطالبة إيران بالمدينة المنورة أو إدارتها المقدسة وإمامتها للحرمين -حفظها الله من كل سوء-، حينما كتب في صفحات إحدى الصحف المحلية -مع الأسف-، وليس في الصحافة الإيرانية بعنوان: "النخاولة -النخليون- ونخل الحقيقة عنهم"، وفيه أشاد بـ(كتاب) معني بهم لمؤلفه: (حسن بن مرزوق رجاء الشريمي النخلي)، وفيه عن الأحقية التاريخية للنخاولة في المدينة المنورة، وأن أهل السنة بقبائلهم وعشائرهم وأسرهم طارئون على المدينة مُستَجلَبون لها من خارجها -كما زعما-.
ولإثبات العلاقة الحميمية بين الليبراليين والشيعة كذلك فإن الكاتب نفسه بعد مقاله السابق دوَّن مقالاً آخر بعنوان: "وعلماء الشيعة من يشايعهم؟" في الصحيفة نفسها، فهل هذه المقالات وأمثالها الكثيرة من (الليبروصفوية) تعكس الولاء للهوية الوطنية، أو الانتماء الحقيقي لهذا الوطن؟ أم أن (الليبروصفوية) تعمل على تفتيت الهوية الوطنية بهذه المقالات وما يماثلها؟ وهل هذه الصحافة المحلية تُعدُّ وطنية بالمعايير الصحيحة من خلال هذا النشر المعادي للوطن ورسالته؟!
وأخيراً: ماذا لو أن هذه المقالات منشورة في إحدى الصحف الإيرانية؟ ألا تستوجب سحب السفراء والاحتجاج السياسي؟!
(الوطن ومحاولات تقويض الهوية):
وبسبب التطرف الليبرالي غير المسبوق بحق الدين وكراهية تشريعاته ومؤسساته ورموزه، والعداوة الصريحة لرسالة الوطن حدثت المكاشفات والانكشافات والتراجعات السابقة واللاحقة، بل وارتفعت أصوات كثيرة من الغيورين على رسالة الوطن السعودي، ومن ذلك ما ورد في صحيفة الاقتصادية في مقال للدكتور (عدنان بن عبد الله الشيحة)، بعنوان: (لن نلبس ربطة العنق) ومما قال فيه: "يتصف النقاش الدائر على الساحة الوطنية من الليبراليين بالصراخ والصخب واستفزاز السياسيين ضد من يعدونهم خصومهم أكثر منه بالحكمة والرشد، ويبدو أن حالة غير مسبوقة من الانفلات الفكري والجرأة على الثوابت الوطنية، وأهمها منهج السلف الصالح، الذي هو عقدنا الاجتماعي وشرع الدولة وشرعية نظامنا السياسي".
"الأمر المخيف الذي لا يخلو من الجهالة والسطحية أنه استولى على البعض فكرة أن التقدم الحضاري والتطور الاجتماعي والسياسي لا يكون إلا بالتخلي عن قيم نهج السلف الصالح، وقاموا صباحًا ومساءً ينعتونه بالتشدد والتزمت فقط؛ لأنه يفرض سياجًا أخلاقيًا يحافظ على النزاهة والتوازن الاجتماعي والاستقرار، فلا يطيقونه ولا يستطيعون العيش داخله، وهو ما جعل البعض ينادي بإلغاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر! بل وصل بهم الحال إلى المطالبة بإلغاء جامعة الإمام (محمد بن سعود)! وهذا تعدٍّ صارخ على فكرة وفكر الدولة".
"إن السعي في تمييع هويتنا السياسية والثقافية والاجتماعية التي ترتكز على الشريعة الإسلامية هو عمل تخريبي إرهابي يصيب الوحدة الوطنية في مقتل، حتى ولو بهدوء، كما جاء في عنوان مقال أحدهم، وهو يطالب بتفكيك هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإذا لم تكن الدعوة إلى تغيير جوهرنا جهلاً وتخريبًا وإرهابًا فماذا إذاً؟!". وفي المقال ذاته يطالب بتوجيه المناصحة لهم، والمحاسبة وتطبيق العقوبة قائلاً: "وهذا يتطلب مناصحتهم وتثقيفهم بالشريعة، وإذا لم يكن ذلك رادعاً فيلزم محاسبتهم وتطبيق العقوبة النظامية بحقهم، فالتطرف يُوجِد التطرف أيَّاً كان نوعه وفي أي اتجاه كان، ولو كان الأمر بأيدي هؤلاء المنفلتين فكرياً المتغربين لفرضوا لباس الغربيين على مجتمعنا، ولألزمونا خنق أنفسنا برابطة العنق استكمالاً للإتيكيت، تماما كما يريدون خنقنا ثقافيًا استكمالاً لمظهر الديمقراطية الغربية"، ويصفهم بالإرهاب الأكثر بقوله: "إنَّ من يحملون أفكاراً تغريبية هم أكثر إرهاباً وتخريباً وفتكاً لأنهم يريدون شنقنا ثقافياً بربطة عنق!".
ما سبق يكشف بحق عن محاولات منَظَّمة وعن أدوار خطيرة تعمل على تفريغ الوطن من مصادر قوته الحقيقية -كدور أولي- من خلال نزع هويته الحقيقية وفكره الموحَّد والموحِّد في المناهج التعليمية والدعوية، لتتم تعبئة هذا الفراغ الفكري والقيَمي بالثقافة الغربية التغريبية كدور ثانٍ، ويقوم هذا التيار (الليبروصفوي) بالدورين معاً تمهيداً للمشروع الإيراني في السيطرة على دول المنطقة وبلاد الحرمين، وهو في الوقت ذاته خدمة مُثلى للمشروع الصهيوأمريكي -كما هو في مُجمل هذه المقالات-.
د. محمد بن عبد الله السلومي
1436هـ/12/6
مركز القطاع الثالث للاستشارات والدراسات الاجتماعية
- التصنيف: