غيض من فيض مآسينا

منذ 2015-04-19

مما تفرضه النوازل والملمّات المعاصرة على المرأة أو الفتاة المسلمة، أن يكون من المعلوم من الدين بالضرورة عندها حكم الصيال على البضع، وحكم الإكراه على الزنا، وحرمة وعدم جواز الانتحار خشية الاغتصاب أو بعده

أداء الواجب تجاه كل أسيرة موحّدة، وما تفرضه النوازل المعاصرة على المرأة المسلمة، وحتمية وجود رؤية مجمع عليها عند النساء المسلمات السنّيات تحدد بوضوح دور المرأة المسلمة في الصراعات القائمة، وتعالج ما يترتب على هذا الدور من تبعات، هو ما نهدف إليه من هذه المجموعة من المقالات، وذلك من خلال رؤيتنا والتي نعلم أنها قد تختلف في كثير منها مع كثير من الرؤي الأخرى.

 

(والله لأوقفنّ كل موحد لم يفعل لنا شيئًا بين يدي الله)

كانت تلك هي الصرخة التي تنطق بها الفتاة السنّية عائشة المأسورة والمغتصبة في سجون الميليشيات الشيعية في العراق، والتي أسلفنا سرد قصتها بالتفصيل سابقًا، وما كان لمسلم في قلبه بقية من التوحيد أن تمر عليه هذه الصرخة التي يندى لها جبين كل حر دون أن يقف معها، ليتحسس الموضع الذي ستوقفه فيه كل عائشة يوم القيامة على رؤوس الأشهاد، ذلك الموقف الذي جعل الصحابي رضي الله عنه يؤثر الرحيل عن الدنيا على البقاء فيها، وذلك حين سمع صرخة المسلمة التي استغاثت حين انكشفت سوأتها في السوق بالمدينة على يد أحد الخونة من بني قينقاع، فتقدم المسلم ودافع عن تلك الأنثى دفاعًا يليق بهول الجريمة التي ارتكبها ذلك العربيد، باذلًا في سبيل ذلك حياته فداءً واستجابة لصرختها واستغاثتها، حيث قتله اليهود إثر انتصاره لشرفه ودفاعه عن عرضه المتمثل في هذه الموحّدة، وقد تم إجلاؤهم عن المدينة المنورة نهائيًا بعد حصارهم.

 

مما تفرضه النوازل والملمّات المعاصرة على المرأة أو الفتاة المسلمة، أن يكون من المعلوم من الدين بالضرورة عندها حكم الصيال على البضع، وحكم الإكراه على الزنا، وحرمة وعدم جواز الانتحار خشية الاغتصاب أو بعده، ومدى وجوب تحصيل ما لا يتم الواجب إلا بتحصيله، وعلى رأس ذلك واجب الحفاظ على النفس والعرض.

 

وصفوة القول في المسألة فيما نعرف أن المرأة المصول عليها من أجل اغتصابها والزنا بها يجب عليها أن تدفع عن نفسها ما أمكنها ذلك، ولا تمكّن من نفسها صائل مجرم يحاول اغتصابها ،لأنه في ترك الدفع نوع من التمكين، فإذا قتلت الصائل ولم يكن يندفع إلا بالقتل فلا شيء عليها ولا إثم في ذلك، بل إن القوانين والأعراف تكفل لها ذلك.

أما مسألة الإكراه على الزنا، كالتي يظفر بها مجرم أو مجرمون فيُطلب منها أن تمكّن من نفسها أو تُقتل، فالأفضل والعزيمة هي الشهادة والمقاومة حتى الاستشهاد، كما فعلت الفتاة الجامعية التركية (أوزجه جان أصلان) رحمها الله حين رفضت أن تمكّن خاطفها من نفسها، وألقت على وجهه رذاذ الفلفل وظلت تقاومه ببسالة حتى قتلها ذلك المجرم.

وأما إذا مكّنته من نفسها لتفتدي حياتها ونفسها فيجوز لها ذلك وهي في حكم المكرهة ولا حد عليها.

 

وأما عن تحصيل المرأة ما لا يتم واجب حماية نفسها والدفاع عن عرضها وشرفها إلا به فهذا مجال واسع في ظل التطور الذي أصبحت فيه المرأة الغربية بل والعربية (مريم المنصوري) تقود الطائرات الحربية وتتولى مهام وزارة الدفاع في دول غربية وتعمل بالأجهزة الأمنية والاستخباراتية.

يأتي ذلك في الوقت الذي امتنع عن قصد وعمد المضللون والسدنة أن يقدموا للمرأة المسلمة ما يجعل منها نموذجا معاصرًا لأسماء بنت يزيد بن السكن وأم عمارة نسيبة بنت كعب رضي الله عنهما وبلاء الأولى في اليرموك والأخيرة يوم أحد.

 

أربع قضايا رئيسة اشتملت عليها عبارة عائشة فك الله أسرها وهي:

المحاسبة في قولها: "لأوقفنّ"، والتوحيد، وخذلان الموحّدين، والوعيد باليوم الآخر.

وفي تقديري أنها كافية لتكون المحاور الأساسية لرؤيتنا القادمة بإذن الله.

ذلك لتعلم كل عائشة أحبت أمها عائشة رضي الله عنها واستمسكت أو أحبت الاستمساك بالذي كانت عليه عائشة أن ما يصيبها من أذى فإنما هو مصاب الأحرار جميعًا، وأن كلماتها وصرخة استغاثتها فإنما دونها النفس والنفيس وهي التي تنطلق لها الآراء وتصاغ منها الرؤى.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

حسن الخليفة عثمان

كاتب إسلامي