المُعاون للظالمين منهم
قال ابن تيمية رحمه الله، في مجموع الفتاوى: "وقد قال غيرُ واحد من السلف: أعوان الظلمة مَن أعانهم ولو أنه لاقَ لهم دواةً، أو برَى لهم قلمًا! ومنهم من كان يقول: بل مَن يغسل ثيابَهم؛ من أعوانهم".
المُعاون للظالمين منهم.. وإن كان في حقير الأمر وصغيره!
في قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ} [القصص:17].
ذكرَ الإمام القرطبيّ رحمه الله: "وقال عبيد الله بن الوليد الوصّافي: قلت لعطاء بن أبي رباح: إن لي أخًا يأخذ بقلمِه –الحاكم-، وإنما يَحسب ما يدخل ويخرج، وله عيال، ولو ترك ذلك لاحتاج وادّان؟!
فقال: مَن الرأس؟
قلت: خالد بن عبد الله القَسْري -أحد أمراء بني أميّة، وكان فيه ظلم-!
قال: أما تقرأ ما قال العبدُ الصالح: {رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ}؟! فلا يُعِنهم أخوك.. فإن الله يُعينه! قال عطاء: فلا يَحِلّ لأحدٍ أن يُعين ظالمًا، ولا يَكتب له، ولا يَصحبه، وأنه إن فعل شيئًا من ذلك فقد صار معينًا للظالمين" (انظر: تفسير القرطبيّ).
قلتُ: وقد كان خالد بن عبد الله القسري، مُقيمًا للشريعة والجهاد، حاميًا لبلاد المسلمين وثُغورهم، قائمًا بأمر المسلمين، إلَّا أنه كان يأتي أبوابًا عظيمة من الظلم والجَور! فكان هذا هو الحكمُ فيه، ومَن عاونَه وقامَ معه، واندرجَ في سلكه!
فكيف بمَن يُعاون طواغيت اليوم، ويؤيّدهم، ويَنحاز إليهم، وقد تعدّوا حدود الظلم والطغيان، وجعلوا من المسلمين ودينهم كلأً مباحًا للكافرين والمنافقين هنا وهناك؟! فلا شكّ أن معاونيهم أجرَم.. ووِزْرهم سواء، ولا فرق في ذلك بين كبير المُعاونَة وصغيرها، وعظيمها وحقيرها.
قال ابن تيمية رحمه الله، في مجموع الفتاوى: "وقد قال غيرُ واحد من السلف: أعوان الظلمة مَن أعانهم ولو أنه لاقَ لهم دواةً، أو برَى لهم قلمًا! ومنهم من كان يقول: بل مَن يغسل ثيابَهم؛ من أعوانهم".
قلتُ: واعتذار هؤلاء الأعوان بادّعاء الفقر والحاجة والعيال، والإكراه والاضطرار.. إن هو إلَّا تزيين الشياطين، ومُخادعة السُّذّج الغافلين! ولا ينفعهم العُذر والاعتذار، وفي العذاب هم مشتركون إن لم يتوبوا ويَنزِعوا: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [هود من الآية:113].
أبو فهر المسلم
باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله
- التصنيف: