هناك حيث كانت

منذ 2015-10-13

صَدق ورَبّي من قال أنّها تاج لا يراه إلا المَرضى,.. أحسنوا استغلال أوقاتكم/ أعماركم.. فكلّ لحظة تَفنى لا تعود أبدًا.

هُناكَ.. حيثُ كانت .. يَكاد المشهد لا يُفارق ناظريها مهما حاولت ..
رَجلٌ قعيدٌ …. يجلس فوق كُرسيّ مُتحرّك مُتهالِك ..
يَرتدي سُترَة خفيفة فوق جلباب بسيط ..
سُترة بالية بعض الشيء -في هذا الصقيع ولا ينتَفض حتّى- !
جَسدٌ نحيل ويكأنّ العِظام مَكسوّة بجِلدٍ وَحَسب 
حقيقة رأتها بأمّ عينها لا مجاز أو خيال أبدًا
يرتدي على رأسه قُبّعة صوفيّة واسعة .. لا تُغطّي رأسه تمامًا ..
فتُظهر جزء كبير من الجهة اليُمنى ..

نَعم .. يتضح أنّ رأسه تكاد تكون صلعاء تمامًا ..
نظرة شاخصة .. لا تدري هي أينَ يُرسلها
يضع يد فوق يَدّ …. ويجلس بسكُونٍ كسكُون المَوتى ‘!
نَعم .. هدّ جسده وامتصّه سرطان خبيث -عافاها الله وإياكُم-
لحظات تَمتَمت بينها وبين نفسها .. "أواااه يا ربي .. ماذا لو كنت مكانه؟"
حَبست بسرعة دَمعاتها التي تَخنقها مُنذ وقوفها هُناك ..

وبدأت تُكررها بقلبها قبل لسانها لعلّها تسكن قليلًا ..
"الحمدُ لله الذي عافاني ممّا ابتلى به كثيرًا من خلقه".
أبْعَدَت نظرها عنه .. في مُحاولة عابثة لتُبعد فِكرها عن حَاله ..
وكلُّ من هُم على شاكِلته.
تُرى … كيف يعيشون.. بأيّ حالٍ يمضي يومهم ..
استرسلت في إكمال وِردها من الاستغفار ..

– وهذه المرّة يتمثّل أمامها كُلّ لحظة مرّت ولم تشكر الله حقّ شُكره ..
– لم تعبده حقّ عبادته ..
– لم تُحسن التودد والرضا بكلّ ما يشاء ..
– كُلّ مرّة لم يعي قلبها فيها معنى قوله الحكيم {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ}  [يونس:3] ..

اتّشَحَت ونفسها برداء الرضا وتَمتمت "شُكرًا يا ربّ" ..
اجعلني لا أنسى لحظًة أنّكَ رحيم ودود كريم لطيف جدًا ..
ثُمّ تمتمت بالصلاة على مُعلّمِ البشريّةِ الخير ..
هذا الذي لا ينطق عن الهَوى ..
وتجسّد أمامها حديثه الشّريف ..

«نِعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النَّاسِ : الصِّحَّةُ والفراغُ» (البخاري رقم 6412)  
أكْمَلَت وِردها … وأخذ لسانها يلهج ..
يا الله … يا الله .. أشكو لكَ قلبًا نَسيًّا ونفسًا أمّارة بالسوء ..
يا رَبِّ خفّف أوجَاعهم بمَزيدٍ منَ الصَّبر تُلهمهُم ,.
وَزخَّات رَحمَة تَشفِي صُدورَهُم .. يا رب

كلمات أخاطب بها نفسي وأخاطبكم :
احمدوا الله على الصحة والعافية كثيرًا..
فَصَدق ورَبّي من قال أنّها تاج لا يراه إلا المَرضى,..
أحسنوا استغلال أوقاتكم/ أعماركم.. فكلّ لحظة تَفنى لا تعود أبدًا.
وغدًا نُسأل فُرادى .. (عن عمرهِ فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه)
ورُغم كل شيء لا تنسوا أنّ الله رحيم ودود يفرح بتوبة العبد أيّما فرح وهو الغني!
فلنَتُب لله توبة نصوحًا ونستبشر خيرًا 

-------------------

بقلم: أملْ ناجِح