الطريق إلى حل أزماتنا في مصر وسوريا والعراق واليمن

منذ 2015-05-07

إذا كنت قائدًا عسكريًا لجيش كبير وأصيب جيشك بهزيمة كبيرة أزاحته عن مسرح المعركة وخلخلت تشكيلاته وقُتل منه الكثير، وأُسر أكثر، وتم تدمير الكثير من معداته فماذا تفعل؟

نصف مشكلتنا سوف تُحل عندما يسكت غير المتخصص في شيء ويقول: "لا أدري"، ويذهب لأهل التخصص ويتعلم منهم؛ حتي لو كان هو القائد. وهذا هو السبب الجوهري في تعقد مشكلاتنا في مصر وسوريا والعراق واليمن وليبيا.

كنت في الثمانينيات أنا وغيري (وحتى 2010) نقول لأخوة الإخوان مبارك ضعيف ويمكن إسقاطه عبر إستراتيجية وتكتيكات مختلفة عما تفعلونه فيقولون: (لا مش ممكن وما فيش حاجة ممكن تتعمل غير اللي احنا بنعمله)، ثم اتعمل غير اللي هما بيعملوه وسقط مبارك!

وفي الثمانينيات كان أخوة الجماعة الإسلامية يعتقل الواحد منهم لأكثر من عام متواصل بسبب حضور إفطار جماعي في المسجد أو توزيع منشور دعوي فكنت أقول لهم أنا وغيري يا جماعة النظام لن يسقط بهذا التكتيك كما أن قيمة هذا التكتيك لا تساوي أن يُعتقل أحدكم كل هذه المدة فيردون: (لا.. ما ينفعش حاجة غير كده، هو إيه يعني اللي ممكن يتعمل ككفاح في هذه الظروف؟!)

ودارت الأيام وأثبتت أن كلامنا كان صحيحًا وظهر للجميع أن هناك تكتيكات شتى للعمل وإستراتيجيات مغايرة.

والشاهد أننا عندنا مرض اسمه الإفتاء بغير علم؛ ومن مظاهره أن ما نجهله نقول عنه: (هذا غير موجود)، وما نعلمه نقول عنه: (ما فيش غيره)، ولو فعل النبي صلى الله عليه و سلم مثلنا لما غيّر موقعه في غزوة بدر، ولما حفر الخندق، ولما أرسل من يتعلم صناعة المنجنيق واستخدمه في حصار الطائف لأول مرة في التاريخ العسكري للجزيرة العربية، ولما أنهى تكتيكات المشاة الراجل التي اعتادها الأوس والخزرج، ولما صار لديه 10 آلاف فارس مدرع فتح بهم مكة.

هذا المرض من آثاره السيئة علينا ليس فقط ما نحن فيه من هزائم مستمرة بل أيضًا يمنع ظهور أي إبداع أو تجديد بالعمل الإسلامي لأننا جميعًا إلا من رحم الله متشبثون بالأمر الواقع ولا نمد أنظارنا إلى الأفق البعيد.

 

إذا كنت قائدًا عسكريًا لجيش كبير وأصيب جيشك بهزيمة كبيرة أزاحته عن مسرح المعركة وخلخلت تشكيلاته وقُتل منه الكثير، وأُسر أكثر، وتم تدمير الكثير من معداته فماذا تفعل؟

1- الاستمرار في القتال حتى يفنى جيشك على أمل الانتصار.

2- الانسحاب إلى خط الدفاع الثاني والتحصن به ومواصلة القتال منه، واذا انهار خط الدفاع الثاني فتنسحب لخط الدفاع التالي له، وهكذا تتمسك بكل خط دفاع ممكن التمسك به إلى أن تفقدها كلها أو تصمد في أحدها.

3- أن تنسحب إلى قاعدتك الأساسية وتُعيد بناء قواتك من جديد وتُحل مقاتلين وقادة جدد مكان من قُتلوا ومن أُسروا، وتُحضر معدات جديدة مكان التي تم تدميرها وتعيد تقييم هزائمك وخططك وتجهز نفسك لجولة كبرى جديدة تتلافى فيها أخطاءك السابقة ثم تكر على عدوك بأوفر ما تكون عددًا وعدة واستفادة بأخطائك السابقة التي أدت لهزيمتك.

أيُ الخيارات الثلاثة تختار لو كنتَ القائد؟ أم لديك خيارًا رابعًا؟ (يوجد خيار رابع مهم لم أذكره لأترك لكم فرصة استخراجه).

والسؤال المهم هو: أي من هذا ينطبق على حالة الصراع السياسي الحالي في كل من مصر وسوريا والعراق واليمن؟

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

عبد المنعم منيب

صحفي و كاتب إسلامي مصري