الدرر الغراء من كتاب روضة العقلاء ونزهة الفضلاء - (4)

منذ 2015-05-10

يقول ابن حبان في مقدمة كتابه الذي بين أيدينا: "فلما رأيت الرُّعَاع من العالَم يغترون بأفعالهم، والهمجَ من الناسِ يقتدون بأمثالهم، دعاني ذلك إلى تصنيف كتاب خفيف، يشتمل متضمنه على معنى لطيف، مما يحتاج إليه العقلاء في أيامهم، من معرفة الأحوال في أوقاتهم، ليكون كالتذكِرة لذوي الحجى عند حضرتهم، وكالمعين لأولي النُّهى عند غيبتهم.."

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد:
لما ابتعد الناس كثيرًا عن حال سلفنا الصالح؛ علمًا وعملًا، سلوكًا ومنهاجًا، كان لزامًا علينا أن نقف ونستخرج من بطون كتبهم وما خلّفوه لنا من تراث وأدب، ينير الطريق ويستنهض الهمم، سيما في الجانب التربوي الذي نحن بأمس الحاجة إليه، في دنيا الماديات وكثرة المغريات وانكباب الناس على الشهوات.

ومن تلك الكتب النافعة، التي حوت عبارات جامعة، وفقرات ماتعة؛ كتاب "روضة العقلاء ونزهة الفضلاء" للإمام العلامة الحافظ أبو حاتم محمد ابن حبان البستي (ت:354هـ)، صاحب الكتب المشهورة منها كتاب: "صحيح ابن حبان المسمى "المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع"، قال عنه الحاكم كما في السير: "كان ابن حبان من أوعية العلم في الفقه، واللغة، والحديث، والوعظ، ومن عقلاء الرجال".

يقول ابن حبان في مقدمة كتابه الذي بين أيدينا: "فلما رأيت الرُّعَاع من العالَم يغترون بأفعالهم، والهمجَ من الناسِ يقتدون بأمثالهم، دعاني ذلك إلى تصنيف كتاب خفيف، يشتمل متضمنه على معنى لطيف، مما يحتاج إليه العقلاء في أيامهم، من معرفة الأحوال في أوقاتهم، ليكون كالتذكِرة لذوي الحجى عند حضرتهم، وكالمعين لأولي النُّهى عند غيبتهم، يفوق العالِمُ به أقرانه، والحافظ له أترابه، يكون النديمَ الصادق للعاقل في الخلوات، والمؤنس الحافظَ له في الفلوات، إن خَصَّ به من يحب من إخوانه، لم يفتقده من ديوانه، وإن استبدَّ به دون أوليائه، فاق به على نظرائه".

اعتمدت في كتاب "روضة العقلاء" على طبعة مطبعة السنة المحمدية (1368هـ- 1949م)، وقمت بانتقاء واختيار بعض العبارات النفيسة والمقولات المهمة لابن حبان أو من نقل عنهم، دون ذكر السند لسهولة الوصول والاستفادة من تلك الدرر، مع وضع عناوين تناسب كل مقولة أو فقرة.

في حالة ذكر العبارة دون نسبتها لقائل، هذا يعني أنها من كلام المصنف أبي حاتم ابن حبان رحمه الله، كما قمت بوضع فقرة تحت عنوان (الدرر الغراء مما قلَّ ودلّ) للمقولات القصيرة التي لا تتجاوز السطر الواحد ذات الدلالات الكبيرة، وفقرة (الدرر الغراء مما قيل شعرًا) مع ذكر رقم الصفحة لكل عبارة أو جملة أو شعر.

صاحب الأخيار ولا تصاحب الأشرار.
"العاقل يلزم صحبة الأخيار، ويفارق صحبة الأشرار؛ لأن مودَّة الأخيار سريعٌ اتصالها، بطىءٌ انقطاعها، ومَوَدَّة الأشرار سريع انقطاعها، بطىء اتصالها، وصحبة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار، ومَن خادن الأشرار، لم يسلم من الدخول في جملتهم" (ص105).

الحث على صحبة الأخيار:
قال مالك بْن دينار: "إنك أن تنقل الحجارة مع الأبرار، خير من أن تأكل الخبيص مع الفجار" (ص105).
قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: "الصَّاحِبُ الصَّالِحُ خَيْرٌ مِنَ الْوَحْدَةِ، وَالْوَحْدَةُ خَيْرٌ مِنَ الصَّاحِبِ السُّوءِ، وَمُمْلِي الْخَيْرِ خَيْرٌ مِنَ السَّاكِتِ، وَالسَّاكِتُ خَيْرٌ مِنْ مُمْلِي الشَّرِّ" (ص106).

"العاقل لا يصاحب الأشرار، لأن صحبة صاحب السوء قِطعة من النار، تُعقب الضغائن، لا يستقيم وده، ولا يفي بعهده" (ص106).

قال الحسن: "أيها الرجل، إن أشد الناس عليك فقدا، لرجل إذا فزعت إليه وجدت عنده رأيًا، ووجدت عنده نصيحة، بينا أنت كذلك إذ فقدته، فالتمست منه خَلَفا فلم تجده" (ص107).

قَالَ جعفر بْن مُحَمَّد: "من كان فيه ثلاث، فقد وجب له على الناس أربع: إذا خالطهم لم يظلمهم، وإذا حدثهم لم يكذبهم، وإذا وعدهم لم يخلفهم، وعلى الناس أن يظهروا عدله، وأن تكمل فيهم مروءته، وأن يجب عليهم أخُوَّته، وأن يَحرُم عليهم غيبته" (ص107).

"الواجب على العاقل أن يستعيذ بالله من صحبة من إذا ذكر اللَّه لم يُعنه، وإن نسي لم يذكره، وإن غَفَل حرضه على ترك الذكر" (ص108).

لا تكن من هذا الصنف:
قَالَ رجل من الأعراب: "مِن أعجز الناسِ مَن قَصَّر عَن طلب الإخوان، وأعجز منه من ظفر بذلك منهم، فأضاع مودتهم، وإنما يحسن الاختيار لغيره، من أحسن الاختيار لنفسه" (ص109).

لا تكن ذا لونين.
"العاقل لا يقصر في تعاهد الوداد، ولا يكون ذا لونين، وذا قلبين، بل يوافق سِرُّه علانيته، وقوله فعله، ولا خير في متآخيين ينمو بينهما الخلل، ويزيد في حاليهما الدغل" (ص109).

لا تصادق المتلون.
"العاقل لا يصداق المتلون، ولا يؤاخي المتقلب، ولا يظهر من الوداد إلا مثل مَا يضمر، ولا يضمر إلا فوق مَا يظهر، ولا يكون في النوائب عند القيام بها إلا ككونه قبل إحداثها والدخول فيها، لأنه لا يحمد من الإخاء مَا لم يكن كذلك" (ص111).

من صَحِبَ قومًا عُرِفَ بهم.
"العاقل يجتنب مماشاة المريب في نفسه، ويفارق صحبة المتهم في دينه؛ لأن من صحب قومًا عُرف بهم، ومن عاشر امرءًا نُسب إليه، والرجل لا يصاحب إلا مثله أو شكله، فإذا لم يجد المرء بدًا من صحبة الناس، تَحَرَّى صحبة مَن زانه إذا صحبه، ولم يشنه إذا عرف به، وإن رأى منه حسنة عَدَّها، وإن رأى منه سيئة سترها، وإن سكت عنه ابتدأه، وإن سأله أعطاه" (ص115).

الحث على زيارة الإخوان وإكرامهم.
يقول الفريابي: "جاءني وكيع بْن الجراح من بيت المقدس وهو محرم بعمرة، فقال: يا أبا مُحَمَّد، لم يكن طريقي عليك، ولكني أحببت أن أزورك، وأقيم عندك، فأقام عندي ليلة" (ص121).

تجنب صحبة الأحمق.
"العاقل وإن لم يصبك الحظ من عقله، أصابك من الاعتبار به، والأحمق إن لم يُعدِك حمقه، تدنست بعشرته" (ص124).

من علامات الحمق.
من علامات الحمق التي يجب للعاقل تفقدها ممن خفى عَلَيْهِ أمره: "سرعة الجواب، وترك التثبت، والإفراط في الضحك، وكثرة الالتفات، والوقيعة في الأخيار، والاختلاط بالأشرار" (ص125).

"والأحمق إذا أعرضت عنه اغتم، وإن أقبلت عَلَيْهِ اغترَّ، وإن حَلُمتَ عنه جهل عليك، وإن جهلت عَلَيْهِ حَلم عنك، وإن أسأت إليه أحسن إليك، وإن أحسنت إليه أساء إليك، وإذا ظلمته انتصفت منه، ويظلمك إذا أنصفته" (ص125).

"وإن من أعظم أمارات الحمق في الأحمق لسانه، فإنه يكون قلبه في طرف لسانه، مَا خطر على قلبه نطق به لسانه" (ص127).

لا تصاحب صاحب السوء.
قال سَعِيد بْن أَبِي أيوب: "لا تصاحب صاحب السوء، فإنه قطعة من النار، لا يستقيم وده ولا يفي بعهده" (ص126).

نصيحة من ذهب.
قَالَ عَبْد اللَّه بْن حسن لابنه: "يا بني، احذر الجاهل، وإن كان لك ناصحًا، كما تحذر العاقل إذا كان لك عدوًا؛ فيوشك الجاهل أن يورِّطك بمشورته في بعض اغترارك، فيسبق إليك مكر العاقل" (ص127).

من شيم الأحمق:
ومن شيم الأحمق: "العجلة، والخفة، والعجز، والفجور، والجهل والمقت، والوهن، والمهانة، والتعرض، والتحاسد، والظلم، والخيانة، والغفلة، والسهو، والغي، والفحش، والفخر، والخيلاء، والعدوان، والبغضاء" (ص127).

مثل الأحمق:
قال وهب بْن منبه: "الأحمق كالثوب الخلق، إن رفأته من جانب انخرق من جانب آخر، ومثل الفَخَّار المكسور، لا يُرقَّع، ولا يُشعَب، ولا يعاد طينًا" (ص128).

والأحمق: "إن صحبته عنَّاك، وإن اعتزلته شتمك، وإن أعطاك منَّ عليك، وإن أعطيته كَفَرك، وإن أسَرَّ إليك اتَّهمك، وإن أسررت إليه خانك، وإن كان فوقك حَقَّرك، وإن كان دونك غمزك" (ص129).

من شيم العاقل:
وإن من شِيمَ العاقل: "الحلم، والصمت، والوقار، والسكينة، والوفاء، والبذل، والحكمة، والعلم، والورع، والعدل، والقوة، والحزم، والكياسة، والتمييز، والسمت، والتواضع، والعفو، والإغضاء، والتعفف، والإحسان، فإذا وفق المرء لصحبة العاقل فليشُدَّ يديه به، ولا يزايله على الأحوال كلها" (ص130).

لا تشتغل بعيوب الناس عن عيبك.
"من اشتغل بعيوب الناس عَن عيوب نفسه، عمى قلبه، وتعب بدنه، وتعذر عَلَيْهِ ترك عيوب نفسه" (ص132).

من أعجز الناس:
إن من أعجز الناس من عاب الناس بما فيهم، وأعجزُ منه من عابهم بما فيه، ومن عاب الناس عابوه" (ص132).

كما تدين تُدان.
قال الشيباني: "في الكتب مكتوب كما تدين تدان، وبالكأس الذي تسقي به، تشرب وزيادة، لأن البادئ لا بد له من أن يزاد" (ص133).

العاقل يحسن الظن بإخوانه.
"العاقل يحسن الظن بإخوانه، وينفرد بغمومه وأحزانه، كما أن الجاهل يسيء الظن بإخوانه، ولا يفكر في جناياته وأشجانه" (ص133).

العاقل من يجتنب الحرص!
قال ابن المبارك: "سخاء النفس عما في أيدي الناس، أكثر من سخاء البذل، ومروءة القناعة أكثر من مروءة الإعطاء" (ص136).

إياك والحرص!
"الحرص سبب لإضاعة الموجود عَن مواضعه، والحرص محرمة، كما أن الجبن مقتلة، ولو لم يكن في الحرص خصلة تذم، إلا طول المناقشة بالحساب في القيامة على مَا جمع، لكان الواجب على العاقل ترك الإفراط في الحرص" (ص137).

"الحرص غير زائد في الرزق، وأهون مَا يعاقب الحريص بحرصه، أن يمنع الاستمتاع بما عنده من محصوله، فيتعب في طلب ما لا يدري أيلحقه أم يحول الموت بينه وبينه؟" (ص137).

"الحرص علامة الفقر، كما أن البخل جلباب المسكنة، والبخل لِقَاحُ الحِرص، كما أن الحميَّة لقاح الجهل، والمنع أخو الحرص، كما أن الأنفة توءم السفه" (ص138).

إياك والحسد.
"إن أهون خصال الحسد هو ترك الرضا بالقضاء، وإرادة ضد مَا حكم اللَّه جل وعلا لعباده، ثم انطواءُ الضمير على إرادة زوال النعم عَن المسلم، والحاسد لا تهدأ روحه، ولا يستريح بدنه، إلا عند رؤية زوال النعمة عَن أخيه، وهيهات أن يساعد القضاء، مَا للحساد في الأحشاء" (ص140).

كل نعمة لها حاسد.
كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يقول: "مَا مِنْ أَحَدٍ عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ نِعْمَةٌ إِلا وَجَدْتَ لَهُ حَاسِدًا، وَلَوْ كَانَ الْمَرْءُ أَقْوَمَ مِنَ الْقَدَحِ لَوَجَدْتَ لَهُ غَامِزًا، وَمَا ضَرَّتْ كَلِمَةٌ لَمْ يَكُنْ لَهَا خَوَاطِبُ" (ص140).

الحسد من أخلاق اللئام.
قَالَ ابن سيرين: "مَا حسدت أحدًا على شيء من الدنيا؛ لأنه إن كان من أهل الجنة، فكيف أحسده على شيء من الدنيا وهو يصير إلى الجنة؟ وإن كان من أهل النار، فكيف أحسده على شيء من الدنيا وهو يصير إلى النار؟" (ص141).

"الحسد من أخلاق اللئام، وتركه من أفعال الكرام، ولكل حريق مطفئ، ونار الحسد لا تطفأ" (ص141).
"ومن الحسد يتولد الحِقد، والحقد أصل الشر، ومَن أضمر الشر في قلبه، أنبتَ له نباتًا مُرَّا مذاقه، نماؤه الغيظ، وثمرته الندم" (ص141).

"العاقل يكون على إماتة الحسد بما قَدَرَ عَلَيْهِ، أحرصَ منه على تربيته، ولا يجد لإماتته دواء أنفع من البعاد، فإن الحاسد ليس يحسدك على عيب فيك، ولا على خيانة ظهرت منك، ولكن يحسدك لما تركب فيه من ضد الرضا بالقضاء" (ص142-143).

"الحاسد إذا رأى بأخيه نعمة بُهت، وإن رأى به عثرة شمت، ودليل مَا في قلبه كمين، على وجهه مبين، وما رأيت حاسدًا سالَمَ أحدًا" (ص144).

حقيقة لا بد منها:
"لن يبلغ المرء مرتبة من مراتب هذه الدنيا، إلا وجد فيها من يبغضه عليها، أو يحسده فيها" (ص143).

الحاسد خصم معاند.
"الحاسد خصم معاند، لا يجب للعاقل أن يجعله حكمًا عند نائبة تحدث؛ فإنه إن حكم لم يحكم إلا عَلَيْهِ، وإن قصد لم يقصد إلا له، وإن حرم لم يحرم إلا حَظه، وإن أعطى أعطى غيره، وإن قعد لم يقعد إلا عنه، وإن نهض لم ينهض إلا إليه، وليس للمحسود عنده ذنب، إلا النعم التي عنده" (ص143-144).

الحسود لا يرضى إلا بزوال النعمة.
"يسهل على المرء ترضي كل ساخط في الدنيا حتى يرضى، إلا الحسود؛ فإنه لا يرضيه إلا زوال النعمة التي حَسَدَ من أجلها" (ص144-145).

لا تغضب.
سرعة الغضب: "أنكى في العاقل من النار في يَبَس العَوسَج، لأن من غضب زايله عقله، فقال: "مَا سولت له نفسه، وعمل مَا شانه وأرداهُ" (ص145).

"لو لم يكن في الغضب خصلة تذم إلا إجماع الحكماء قاطبة على أن الغضبان لا رأي له، لكان الواجب عَلَيْهِ الاحتيال لمفارقته بكل سبب" (ص148).

قبل أن تغضب تذكر كم عصيت ربك.
عَن أَبِي سَعِيد، قَالَ: "كان عون بْن عَبْد اللَّه بْن عتبة إذا غضب على غلامه، قَالَ مَا أشبهك بمولاك! أنت تعصيني وأنا أعصي اللَّه، فإذا اشتد غضبه، قَالَ أنت حر لوجه اللَّه" (ص146).

احذر الطمع إلى الناس.
عَن سعد بْن عمارة أنه قَالَ لابنه: "يا بني أظهر اليأس، فإنه غنى، وإياك والطمع، فإنه فقر حاضر" (ص149).
"أشرف الغنى ترك الطمع إلى الناس، إذ لا غنى لذي طمع، وتارك الطمع يجمع به غاية الشرف، فطوبى لمن كان شعار قلبه الورع، ولم يعم بصره الطمع" (ص149).

الطمع ضرَّ ما نفع.
"العاقل يجتنب الطمع من الأصدقاء؛ فإنه مَذَلَّة، ويلزم اليأس عَن الأعداء؛ فإنه مَنجاة، وتركه مَهلكة" (ص151).
"فكم من طامع تعب وذل، ولم ينل بغيته، وكم من آيس، استراح وتعزز، وقد أتاه مَا أمل وما لم يأمل" (ص151).

الدرر الغراء مما قلَّ ودل:
قال سُفْيَان بْن عيينة: "من أحب رجلا صالحًا، فإنما يحب اللَّه تبارك وتعالى" (ص105).
قال وهب: "إن اللَّه ليحفظ بالعبد الصالح القبيل من الناس" (ص107).
عن عروة بن الزبير قال: "مكتوب في الحكمة أحبب خليلك وخليل أبيك" (ص111).
ما رأيت شيئا أدل على شيء، ولا الدخان على النار، مثل الصاحب على الصاحب" (ص114).
قال هبيرة: "اعتبر الناس بأخدانهم [3]" (ص114).

"المودة إذا أضر بها قلة الالتقاء، تكون مدخولة" (ص123).
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "أَكْرَمُ النَّاسِ عَلِيَّ جَلِيسِي، الَّذِي يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ حَتَّى يَجْلِسَ إِلَيَّ" (ص123).
قال الحسن: "أنا للعاقل المدبِر أرجى مني للأحمق المقبل" (ص129).
قال الحسن: "لا تسأل عَن عمل أخيك الحسن والسيئ، فإنه من التجسس" (ص131).
"من اشتغل بعيوبه عَن عيوب غيره أراح بدنه، ولم يتعب قلبه" (ص131-132).

قال ابن سيرين: "إذا لم يكن مَا تريد فأرد مَا يكون" (ص136).
"أغنى الأغنياء من لم يكن للحرص أسيرًا، وأفقر الفقراء من كان الحرص عَلَيْهِ أميرًا" (ص137).
"لا يكاد يوجد الحسد إلا لمن عظمت نعمة اللَّه عَلَيْهِ" (ص141).
قال ابن سيرين: "مَا حسدت أحدا على دين ولا دنيا" (ص142).

"أحسن الناس عقلاً من لم يَحرَد، وأحضر الناس جوابًا من لم يغضب" (ص145).
"سرعة الغضب من شيم الحمقى، كما أن مجانبته من زي العقلاء" (ص146).
"من طَمِعَ ذَلَّ وخضع، كما أن من قنع عَفَّ واستغنى" (ص149).
"الإياس هو بذر الراحة والعز، كما أن الطمع هو بذر التعب والذل" (ص150).
عَن أَبِي جعفر، قَالَ: "اليأس عما في أيدي الناس عز" (ص151).

الدرر الغراء مما قيل شعرًا:
أنشدني بعض أهل الأدب لأبي الأسود الدؤلي: (ص102).

وأحبِب إذا أحببت حُبَّا مُقاربًا *** فإنك لا تدري: متى أنت نازعُ؟
وأبغض إذا أبغضت غيرَ مجانب *** فإنك لا تدري: "متى أنت راجعُ؟
وكن مَعدنا للحلم واصفَح عَن الأذى *** فإنك راءٍ مَا عملتَ وسامعُ


أنشدني المنتصر بْن بلال الأنصاري: (ص108-109).

وكم من صديق وُدُّه بلسانه *** خؤون بظهر الغيب لا يتندم
يضاحكني كُرها لكيما أوَدُّه *** وتَتبَعُني منه إذا غبت أسهم


قال رجل من خزاعة: (ص111).

وليس أخي من وَدَّني بلسانه *** ولكن أخي من ودَّني في النوائب
ومن مالُه مالي إذا كنتُ معدِما *** ومالي له إن عَضَّ دهر بغارب
فلا تَحمَدن عند الرخاء مؤاخيا *** فقد تُنكر الإخوانُ عند المصائب
وما هو إلا كيفَ أنت ومرحبا *** وبالبيض[4] رَوَاغ كرَوغ الثعالب


أنشدني مُحَمَّد بْن أَبِي علي، لابن أَبِي اللقيش: (ص116).

إن كنت تبغي العلم أو نحوَه *** أو شاهدًا يخبر عَن غائب
فاعتبر الأرض بأسمائها *** واعتبر الصاحب بالصاحب


ما أشبه عشرة الحمقى إلا بما أنشدني مُحَمَّد بْن إِسْحَاق الواسطي: (ص126).

لي صديق يرى حقوقي عَلَيْهِ *** نافلات وحقه كان فرضا
لو قطعت الجبال طولاً إليه *** ثم من بعد طولها سِرتُ عَرضا
لرأى مَا صنعتُ غير كبير *** واشتهى أن أزيد في الأرض أرضا


أنشدني مُحَمَّد بْن يُوسُف بْن أيوب الأرمني: (ص128).

وَلَمَن يعادي عاقلًا خير له *** من أن يكون له صديق أحمقُ
فارغب بنفسك أن تصادقَ أحمقًا *** إن الصديق على الصديق مصدَّق


لقد أحسن الذي يقول: (ص132).

إذا أنت عبت الناس عابوا وأكثروا *** عليك وأبدَوا منك مَا كان يُسترُ
وقد قَالَ في بعض الأقاويل قائل *** له منطق فيه كلام مُحَبَّرُ
إذا مَا ذكرتَ الناس فاترك عيوبهم *** فلا عيب إلا دون مَا منك يُذكر
وإن عبت قومًا بالذي ليس فيهمُ *** فذلك عند اللَّه والناسِ أكبر
وإن عبت قومًا بالذي فيك مثلُه *** فكيف يعيب العُورَ من هو أعور؟
وكيف يعيب الناس من عَيبُ نفسه *** أشد إذا عدَّ العيوب وأنكر؟
متى تلتمس للناس عيبا تجد لهم *** عيوبا ولكن الذي فيك أكثر
فسالمهمُ بالكفِّ عنهم فإنهم *** بعيبك من عينيك أهدى وأبصر


أنشدني الكريزي: (ص133).

أرى كل إنسان يرى عيب غيره *** ويعمى عَن العيب الذي هو فيه
وما خير مَن تخفى عَلَيْهِ عيوبه *** ويبدو له العيب الذي لأخيه


أنشدني المنتصر بْن بلال الأنصاري: (ص134-135).

لا تلتمس من مساوي الناس مَا ستروا *** فيهتِكَ الناس سترًا من مساويكا
واذكر محاسن مَا فيهم إذا ذكروا *** ولا تعِب أحدًا عيبًا بما فيكا


أنشدني علي بْن مُحَمَّد البسامي: (ص137).

ألا رُبَّ باغ حاجةً لا ينالُها *** وآخرُ قد تُقضَى له وهو آيس
يحاولها هذا وتقضى لغيره *** وتأتي الذي تقضى له وهو جالس


أنشدني مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن زنجي البغدادي: (ص138).

وارضَ من العيش في الدنيا بأيسره *** ولا ترومنَ مَا إن رُمتَهُ صَعُبا
إنّ الغني هو الراضي بعيشته *** لا مَن يظل على مَا فات مكتئبا


لأبي العتاهية: (ص139).

لا تخضعنَّ لمخلوق على طمع *** فإن ذاك مُضِرٌّ منك بالدين


وأنشدني مُحَمَّد بْن نصر المديني، لحبيب بْن أوس: (ص143).

وإذا أراد اللَّه نشر فضيلة طويت *** أتاح لها لسانَ حسود
لولا اشتعال النار فيما جاورت *** مَا كان يعرف طيبُ عَرفِ العود
لولا التخوف للعواقب لم تزل *** للحاسد النُّعمَى على المحسود


أنشدني الكريزي: (ص146).

ولم أر فضلا تَمَّ إلا بشيمة *** ولم أر عقلا صحَّ إلا على الأدب
ولم أر في الأعداء حين اختبرتهم *** عدوا لعقل المرء أعدى من الغضب


قال محمد بْن عيسى بْن طلحة بْن عُبَيْد اللَّه: (ص147-148).

فلا تعجل على أحدٍ بظلم *** فإن الظلم مرتعُهُ وخيمُ
ولا تفحش وإن مُلِيت غيظا *** على أحد فإن الفحش لُوم
ولا تقطع أخًا لك عند ذنب *** فإن الذنب يغفره الكريم
ولكن دار عوراهُ برفق *** كما قد يُرقَعُ الخَلَق القديم
ولا تجزع لريب الدهر واصبر *** فإن الصبر في العقبى سليم
فما جَزَعٌ بمُغنٍ عنك شيئا *** ولا مَا فات تُرجِعُه الهموم



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] روضة العقلاء ونزهة الفضلاء ص15.
[2] الطبعة بتحقيق وتصحيح محمد محي الدين عبد الحميد، محمد عبد الرزاق حمزة، محمد حامد الفقي.
[3] أي أصدقائهم.
[4] البيض: الدراهم.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أيمن الشعبان

داعية إسلامي، ومدير جمعية بيت المقدس، وخطيب واعظ في إدارة الأوقاف السنية بمملكة البحرين.

المقال السابق
(3)
المقال التالي
(5)