فن الدعوة

منذ 2015-05-11

تعلموا العلم وبلغوا الناس أول بأول، الناس أغلبهم لا يعرفون شيئًا عن دين الله! ودي الحقيقة اللي بنصطدم بها في أوقات الأزمات! قلوب شربت سنين من مجارير إعلام فاسد! واحنا مقبلين على أيام فارقة! والإسلام محتاج جنود، محتاج قلوب سليمة!

في زمان نحتاج فيه أمام كل ألف رويبضة تافه يتكلم في أمر العامة نحتاج ألف كاتب جاد يصل للناس، فيكون ممحاة لما سبق نقشه من تشوهات فكرية، وينشر علمًا نافعًا (على صفحة بيضاء)، فالدعوة هي: "فن تحويل تفاح العلم عصيرًا لمن ليس له أسنان" -بلغة سهلة-.

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم من الآية:4].
سؤال: هل الكتابة الدعوية (موهبة)؟

لو شعر وكتابة ذات طابع أدبي مثلاً.. فنعم هي موهبة خص الله بها البعض.
أما فن الدعوة فده بيكون رزق خالص من الله، طب وإيه هي المعطيات؟

دي حاجة بسيطة جدًا..
أولاً تحرّي الرزق الحلال ثم الرزق الحلال ثم الرزق الحلال..

وطبعا تزكية المال بإخراج زكاة المال وكثرة التصدق بنية تطهير المال من غبار الربا، اللي الرسول صلى الله عليه وسلم قال عنه؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليأتين على الناس زمان لا يبقى أحد إلا أكل الربا، فإن لم يأكله أصابه من غباره» (رواه النسائي، وأبو داود، والإمام أحمد في المسند).

تجنب "(شبهات)" الربا ولو مجرد شبهة! واليقين في الله، فورب السماء إن الرزق نازل نازل واحنا أُمرنا بالإجمال في الطلب: «إن روح القدس نفث في روعي : أن نفسا لا تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله، فإن الله لايدرك ما عنده إلا بطاعته» (السلسلة الصحيحة:2866)

وفي تفسير الإجمال في الطلب أي طلب الرزق بالطرق الجميلة.
يبقى احنا في غنى عن شبهات الربا، سد عين ماء مختلط بمياة صرف غير صحي يغنيك ربك، ويفتح لك عين ماء صافي لذة للشاربين..

ثم قراءة القرآن بتدبر وقراءة العلم النافع..
والدعااء بتيسير طلب العلم النافع، وسؤال الله الحكمة والفهم والبصيرة وحسن البيان، وكثرة الاستغفار ثم الاستغفار ثم الاستغفار، لأن الذنوب تغلق أبواب الخير.

هتلاقي نفسك بتتملي -بالحرف وبمعنى الكلمة- بتتملي ما تخطه بيدك، ويلقي الله على لسانك كلام أنت نفسك تسمعه وتندهش! هتلاقي نفسك مجرد قلم في يد كاتب! وهتلاقي نفسك (موسمي)!

يعني يوم مرزوق ويوم محروم، لأنك هتكون حساس جدًا لذنوبك، كما قال الشافعي:
 

شكوت إلى وكيع سوء حفظي *** فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور *** ونور الله لا يهدى لعاصي!

يبقي حتى لا ننسى: الاستعانة بالله..
2-المال الحلال.
3- كثرة التصدق.
4- تدبر القرآن.
5- قراءة العلم النافع.
6- الدعاء والاستغفار.

«بلغوا عني ولو آية» (صحيح البخاري:3461).
ليكن شعارنا في هذه المرحلة: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران:104].

الحكاية مش محتاجة دكتوراة في العلم الشرعي! الحكاية مش فتوى لأن أجرأكم على الفتوى أجرأكم على النار، لأ المطلوب (الدعوة) والدعوة أدواتها بسيطة وهي: «بلغوا عني ولو آية»، آية في القرآن قرأت تفسيرها، حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم..

تعلموا العلم وبلغوا الناس أول بأول، الناس أغلبهم لا يعرفون شيئًا عن دين الله! ودي الحقيقة اللي بنصطدم بها في أوقات الأزمات! قلوب شربت سنين من مجارير إعلام فاسد! واحنا مقبلين على أيام فارقة! والإسلام محتاج جنود، محتاج قلوب سليمة!

مش بتكلم إن أقصى أمانينا هي النصر في معركة حق وباطل ورفع الظلم عن الموحدين فقط! لأ، بعد انتصار الحق بإذن الله عاجلاً أو آجلاً هيكون مجرد فوز في (مباراة)، ونلاقي نفسنا على أعتاب نهائي كأس العالم! محتاجين جنود، محتاجين قلوب؛ بسطة في العلم والجسم..

احنا في آخر الزمان والله أعلم، أي جيل سوف يشهد علامات القيامة الكبرى؟ هل جيلنا نحن أم الجيل الذي نربيه؟
مين اللي هيشهد الحروب الكبرى بين المسلمين واليهود، مين اللي هيشهد فتنة المسيخ الدجال -نعوذ بالله من فتنته-؟

بس الأكيد إن ناس كتير سقطت في امتحان تافة جدًا! امتحان ألف باء إسلام.. ألف باء حق وباطل.. ألف باء فطرة سليمة تم تشويهها سنين، واللي يسقط في امتحان أولى ابتدائي هيعمل إيه في امتحان الثانوية العامة وتحديد المصير؟

أنتِ في بيتك وأنت في شغلك، في المواصلات، على النت.. بلغوا الناس ولو آية، سيب وراك بطاقة، "وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين"، بلغ عن الله ورسوله بدون جدال ولا رغي كتير، بلغ وصل..

اقرؤوا تعلموا العلم علموا الناس، بلغوا، خليك لمبة، شمعة، سلك، فيشة، اختار أي شكل أو وسيلة..
المهم تكون موصل جيد للنور، للعلم، للدعوة.

3- عن لغة التبليغ:
اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم، وهي لغة جميلة ثرية، غنية، دسمة، محكمة جدًا، كل كلمة فيها لها تاريخ وعائلة ومعنى دقيق واشتقاقات منطقية جدًا، حتى أنك تجد أن مخارج الحروف وترتيبها يعبر عن معنى الكلمة وكأنك "تتذوقها"، فبعض الكلمات وحدها تكفي لوصف شيء لم تراه عينك، وكأنها تمثال تتحسس ملامحه من دقة "منحنيات" حروف الكلمة..

فالكلمة في اللغة العربية "منحوتة" ولها أبعاد كأنها تشغل حيز من الفراغ، لا كباقي اللغات تستشعر كأن كلماتها مجرد إشارات ورموز مسطحة! حتى أن بعض العلماء استنبطوا أن اللغة العربية لغة القرآن هي لغة سيدنا آدم وهي لغة أهل الجنة والله أعلم..

طب عايزة إيه بعد الغزل ده كله؟
عايزة أقول الحمد لله على نعمة اللغة العربية، والقدرة على فهمها وتذوقها، ولكن وآه من كلمة ولكن!

لازم نعترف أن المجتمع المصري والعربي بعيد جدًا عن اللغة العربية، لغة القرآن، لغة الإسلام، واللغة التي كتبت بها العلوم الشرعية! وأننا محتاجين نعيد تقديم الدين بلغة سهلة يفهمها الناس.. بالتوازي طبعًا مع إحياء اللغة العربية من جديد كلغة (أجنبية) للأسف، فأكثر الناس حاليًا لا عارفين يقرؤوا ولا عارفين حتى يكتبوا لغة عربية سليمة! حاجة محزنة جدًا!

دي مش دعوة للمزيد من إهمال وتهميش اللغة العربية، ولكن لو أصرينا على تقديم العلوم الشرعية بلغة تصرف الناس عن القراءة أو "يكسلوا" يقرؤوا يبقى احنا بنخبط راسنا في حيطة في حارة سد!

وربنا سبحانه وتعالى قال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [إبراهيم:4].

واحنا "لسان قومنا" النهاردة هي اللهجة العامية، ونحتاج لمحو الأمية الدينية، وفي سبيل ذلك كأي طبيب ماهر يحرص على شفاء المريض فيصف نوعين من الأدوية؛ دواء للإسعاف العاجل وتسكين الألم، ودواء لعلاج المرض المزمن بخطة علاجية طويلة الأمد.

محتاجين نوصل للناس اللي اتعودوا يشربوا المعلومات من الإعلام السهل، من الفيلم والمسلسل، ولما يقرؤوا يستسهلوا فيقرؤوا الحلمنتيشي (اللهجة العامية)!

محتاجين (نترجم) للناس الثوابت بدون تغييرها، المسألة هنا مسألة (ترجمة) مسألة دعوة.. فالدعوة كما قلنا هي: "فن تحويل تفاح العلم عصيرًا لمن لا أسنان له"!

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

ريهام فوزي

كاتبة إسلامية