محاكمات هزلية

منذ 2015-05-16

لا أتخيل والله كيف تطيب لنفس قاضٍ شريف أن يحكم بأحكام مسيسة، وقد نسي تمامًا أن هناك قبرًا ينتظره! "باع دينه بدنيا غيره"!

المحاكمات الهزلية التي تشهدها مصر إساءة لكل مصري، بل كل إنسان عنده ذرة إنسانية.. 
إعدامات بالجملة، أحكام قاسية جدًا لأسباب واهية على بنات شريفات وطالبات قاصرات في شتى المراحل العمرية!

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على أناس جلوس فقال: «ألا أخبركم بخيركم من شركم؟»، قال: فسكتوا، فقال ذلك ثلاث مرات، فقال رجل: بلى يا رسول الله أخبرنا بخيرنا من شرنا، قال: «خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره، وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره» (صححه الألباني).

ولا أتخيل والله كيف تطيب لنفس قاضٍ شريف أن يحكم بأحكام مسيسة، وقد نسي تمامًا أن هناك قبرًا ينتظره! "باع دينه بدنيا غيره"!

عن بريدة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «القضاة ثلاثة: اثنان في النار وواحد في الجنة، رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة، ورجل عرف الحق فلم يقض به وجار في الحكم فهو في النار، ورجل لم يعرف الحق فقضى للناس على جهل فهو في النار» (رواه الأربعة وصححه الحاكم).

وفي النهاية: قال تعالى على لسان سحرة فرعون:
{قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا . إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه:72-73].

قال ابن كثير في تفسيرها:
"فلما صال عليهم بذلك وتوعدهم، هانت عليهم أنفسهم في الله عز وجل، و{قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ} أي: لن نختارك على ما حصل لنا من الهدى واليقين، {وَالَّذِي فَطَرَنَا} يحتمل أن يكون قسمًا، ويحتمل أن يكون معطوفًا على البينات، يعنون: لا نختارك على فاطرنا وخالقنا الذي أنشأنا من العدم، المبتدئ خلقنا من الطين، فهو المستحق للعبادة والخضوع لا أنت.

{فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ}، أي: فافعل ما شئت وما وصلت إليه يدك، {إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}، أي: إنما لك تسلط في هذه الدار، وهي دار الزوال ونحن قد رغبنا في دار القرار [ص:305] {إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا} [طه من الآية:73]، أي: ما كان منا من الآثام، خصوصًا ما أكرهتنا عليه من السحر لنعارض به آية الله تعالى ومعجزة نبيه".

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.