العدو يترقب لحظة الانفجار
إن الأوضاع التي يصنعها الانقلاب ليست أوضاعًا لإقامة دولة ولا استقرار مجتمع، بل هو وضع مقلوب وتفجيري، يجعل المجتمع على شفا الانفجار بل ويمهد لنقطة انفجار.
انقلاب منكوس يمهد للحظة انفجار، والعدو يترقب..
جاء الانقلاب فقام بقلب الموازين، وكان عماده وشعاره "ثم نُكسوا على رؤوسهم"، وأخذ يشق طريقه منكسًا لكل شيء، وخارجًا عن طبيعة الأشياء، الأمن يحبس المجتمع من أجل حفنة محدودة من العلمانيين واليساريين والإباحيين، سواء كانوا سياسيين أو فنانين أو مثقفين أو إعلاميين، يرفض المصالحة المجتمعية ويذهب بعد استقرار المصالحة ليقلب الأوضاع في دلجا وكرداسة، حتى قُتل الضابط الذي شارك في المصالحة.
الانقلاب ما زال ينكس كل شيء، فيسير عكس الاتجاه، فيواجه هوية الأمة ويواجه أغلبية الشعب ويمنع حضورهم في المشهد، ويكبتهم ويقتلهم ويشردهم لصالح أقلية متغربة تحدد للأمة خياراتها باستعلاء ووقاحة وعنف، تحت عطاء ليبرالي!
يواجه الانقلاب هوية الأمة ليقر مآرب الشواذ والمثليين والأديان التي تبيح زواج المحارم، وذلك من خلال الدستور الذي تكتبه فئة صرخت لوجود الهوية الإسلامية في الدستور، وهذه الفئة هي التي تقرر أن الدستور لا يحمي الأديان! مخالفًا حتى دساتير أسياده، وهي نفس الفئة التي ترفض الانتماء إلى الأمة الإسلامية ليلغي التاريخ والانتماء والوجود! هذا لن يكون، ولكن تبقى الدلالة في تنكيس كل شيء وقلب كل حقيقة.
في السياسة أصبحت تقود الأمة أقلية -أو عصابة- فاشلة في كل استحقاق انتخابي، في مقابل سجن من فازوا بالأغلبية في كل حراك، إنه التنكيس! سموا المسلمين إرهابيين ومتطرفين، وهم الأغلبية والقادة الحقيقيون، والميدانيون لهذا المجتمع، يعايشون الناس كل يوم، يخدمونهم ويحلون مشاكلهم ويضمدون جراحهم ويواسون مصابهم! ثمة تنكيس استجاب له البعض، فبعض المواطنين الشرفاء! قال لزملائه عندما أمسكوا بشخص اشتبهوا في انتمائه للإخوان في بعض المظاهرات، فقال لهم: "اقتلوه إنه من الإخوان"، فقال له رفاقه: و"كيف عرفت؟"، قال: "إنه كان يساعد أمي كل شهر!"، لا تعليق.. لقدحكى هذا بنفسه مفتخرًا!
بانجو يكتب الدستور، إباحي يكتب الدستور، 19 شيوعي ملحد على الأقل يكتبون الدستور، ومتهمون في أخلاقهم وفطرتهم، ومتهمون بالعمالة للعدو يكتبون الدستور، الفساد يعود ويؤسَس له فتُحذف مفوضية مكافحة الفساد، ليعيش الفساد ويترعرع مرفوع الرأس! موفور الكرامة ! في مقابل إهانة الشرفاء! ويمكَّن للحزب الوطني الذي أهلك البلاد ومكّن للفساد، ويمنع القضاء من مواجهة تزوير الانتخابات تمهيدا للقادم السيئ!
المخلصون والشرفاء في السجون، من فسد وخان وظلم يخرج عزيزًا، الشريف يهان والسفيه يُكرم، العقلاء والقادة يحاكَمون والرويبضة يتصدرون المشهد، وأجهل وأكذب الإعلاميين يوجّهون المجتمع، والجهلة يتكلمون في الاقتصاد، والحشاشون يتكلمون في السياسة، والملاحدة يتكلمون في الدين، وقوم قلوبهم قلوب شياطين في جثمان إنس: فريق منهم يتكلمون في (الدعوة والدين)! وفريق آخر يقتلون الأمة ويفتخرون.
حرفية الجيش والداخلية ورجولتهم وفحولتهم تبدت في قنص النساء واعتقال الأطفال، وإهانة الشيوخ وقتل زهرة شباب الأمة وهم عزل من أجل إفساح الطريق أمام الفاسدين والملاحدة، ترك الضباط والجنود الحدود، وذهبوا إلى المدارس ليعتقلوا طفلاً في العاشرة استشهد أبوه، فلما هتف صارخًا باكيًا اعتقلوه، ذهب جيشنا الباسل ليجري خلف فتاة تتدلى من رأسها ضفيرتان ليفتشها هل معها شعار رابعة؟! ويعتقل أخرى كتبت: "يسقط حكم العسكر"، نعم إنهم يدمرونه وهو لا يشعر.
قَتل جيشنا في يوم ما لم يقتله من اليهود في كل حروبه، وأهان الأموات وأهلهم بما ترفع عن فعله اليهود، بل وتترفع عنه مخلوقات الغابة، فجّر جيشنا بيوت إخوانه وأبنائه وبيوت أمهاته وأخواته في رفح ليبيتوا في العراء، لتفرح وتأمن أم شاليط وأخواتها، نعم لهذا نجند أبناءنا..!
أمننا القومي مهدد بأفعال هؤلاء، يحطمون سيناء حتى صرخ أهلها ومشايخها: "إننا نعيش في سجن كبير..".
نتساءل: لصالح من؟ قُتلت أطهر وأنقى بنات ونساء الأمة، التاليات للكتاب، الحافظات لما حفظ الله، الصائمات الذاكرات القائمات، لكي تلهو وتعبث بالمايوهات أفجر النساء، وتفرح الراقصات، وتبدي العاريات لحومهن النتنة، وتُعلّم الساقطات للأمة ما هو الإسلام!
هناك انقلاب ليس في السياسة فقط بل في العقائد والاقتصاد المتدني، والأخلاق والضمير بل والفطرة! هذا مؤشر جد خطير، إن الله تعالى لا يسمح أن يصل الخلل إلى هذا الحد، فانتكاس الفطرة يعقبه تدخل رباني، عندما انتكس قوم لوط في فطرتهم واشتهوا ما لا يُشتهى أُهلكوا إهلاكًا لائقًا بجريمتهم، فقُلبت قراهم رأسًا على عقب، وسموا (مؤتفكة) و{جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنضُودٍ} [هود من الآية:82]، جزاء الأوضاع التي قلبوها.
إن الأوضاع التي يصنعها الانقلاب ليست أوضاعًا لإقامة دولة ولا استقرار مجتمع، بل هو وضع مقلوب وتفجيري، يجعل المجتمع على شفا الانفجار بل ويمهد لنقطة انفجار.
الخطير في الأمر أن إسرائيل ترقب لحظة الانفجار ولن تخطئها، نكرر: لن تخطئ إسرائيل في إدراك هذه اللحظة، وما يجب فعله أنذاك، ثمة من يقود البلاد إلى هذه اللحظة عن قصد من أجل إسرائيل، لكن إسرائيل لا تكتب القدر، والانقلابيون قد تجاوزوا الحدود وعاكسوا فطرة الكون كله، ونحن مترقبون ليد الله تعمل ولوعد الله يحق، إننا نُحذّر ونأمُل ونترقب..
ومن يدري لعل الله تعالى يهين هؤلاء فيكون سقوطهم على أيدي تلاميذ المدارس وضعفاء الأمة، لقد استيقظت أمتي فاحذروا.
مدحت القصراوي
كاتب إسلامي
- التصنيف: