الوسطية ليست بالضرورة رمادية!

أدعياء الوسطية قدامى وليسوا محدثين، فمنذ مئات السنين رأينا أشكال من الوسطية هذه. 
فقد ظهرت في البداية وسطية عقدية (أهل السنة) في جهة و(المعتزلة) في أخرى، فأنتجت الوسطية (اﻷشاعرة) وهم لا للسنة نصروا ولا للعقل خضعوا! وكل ذلك تحت مسمى (الوسطية العقدية). 

وبعدها ظهر نوع جديد من أنواع الوسطية الكاذبة، وسطية فقهية، وسطية تلغي أصول المذاهب وتدعي اﻷخذ من الجميع، وسطية تجعل مرجع اﻵخذ هواه وعقله المجرد عن الدليل، تدعي أنها تأخذ من جميع المذاهب الفقهية ودون ضوابط معينة، فهل تخيلتم يومًا صلاة على المذاهب اﻷربعة؟! شكلها سيكون بعيدًا عن شكل الصلاة.

اﻷخذ من جميع المذاهب الفقهية أمر جيد، لكن ضابطه: نصوص الشرع وقواعده العامة، وهذا لا يتأتى ﻷي أحد.
ومنذ سنوات قليلة أطل علينا برأسه مشروع جديد، وفكرة حداثية بامتياز، ومسار جديد في التعامل مع اﻷديان، مشروع حوار اﻷديان.. وهو في حقيقته حوار ﻹلغاء اﻷديان.

وسطية تدعو للأخذ من جميع اﻷديان، بل تصحيح إسلام جميع اﻷديان ﻷن الرب واحد!
ويريدون أساس المعاملة، المنظومة اﻹنسانية لا المنظومة الدينية! 

فأين الولاء والبراء؟ وأين الحاكمية؟ وأين نذهب بمئات اﻷحكام الفقهية المتعلقة في التعامل مع اﻷديان اﻷخرى وأفرادها ضمن الدولة اﻹسلامية؟! فهل تصلح الوسطية في كل شيء؟

ما هو الوسط بين اﻹيمان والكفر؟ وما هو الوسط بين العسر واليسر؟ وما هو الوسط بين البشارة والنذارة؟
يقول النبي صلى الله عليه وسلم متحيزًا لجانب دون آخر: «بشِّروا ولا تُنفِّروا، ويَسِّروا ولا تُعسِّروا» (صحيح مسلم:1732).

في بعض المسائل لا توجد منطقة رمادية وإنما أبيض أو أسود، ولا داعي لإقحام الوسطية في هذه المسائل، فإن إقحام الوسطية فيها ينتجة منطقة حمراء، لا تمت إلى اللونين بأي صلة.

مهند كحيل