مع القرآن - الإيمان يغلب الفساد وسفك الدماء

منذ 2015-05-24

تعجبت الملائكة وتساءلوا عن حكمة الخالق سبحانه في خلق خليفة في الأرض يفسد ويسفك، فكانت الإجابة العملية بأن أظهر لهم سبحانه وتعالى علم آدم، ثم اتضحت الحكمة الجلية من اصطفائه لأهل الإيمان من الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، فبرغم وجود الفاسد وسفاك الدماء، فإن ذلك كله لا يضاهي أبدًا مصلحة التوحيد وتواجد أهل الإيمان..

تعجبت الملائكة وتساءلوا عن حكمة الخالق سبحانه في خلق خليفة في الأرض يفسد ويسفك. 
فكانت الإجابة العملية بأن أظهر لهم سبحانه وتعالى علم آدم، ثم اتضحت الحكمة الجلية من اصطفائه لأهل الإيمان من الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، فبرغم وجود الفاسد وسفاك الدماء، فإن ذلك كله لا يضاهي أبدًا مصلحة التوحيد وتواجد أهل الإيمان.. 

فمنهم الأنبياء، ومنهم الشهداء، منهم الصديقين والقديسين، منهم العلماء الأخيار. 
منهم العباد الزهاد، منهم الصالحين، منهم المنفقين، منهم المجاهدين..

قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} [البقرة:30] 

قال العلامة السعدي في تفسيره:
"هذا شروع في ذكر فضل آدم عليه السلام أبي البشر أن الله حين أراد خلقه أخبر الملائكة بذلك، وأن الله مستخلفه في الأرض، فقالت الملائكة عليهم السلام: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} بالمعاصي، {وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} وهذا تخصيص بعد تعميم، لبيان شدة مفسدة القتل، وهذا بحسب ظنهم أن الخليفة المجعول في الأرض سيحدث منه ذلك، فنزهوا الباري عن ذلك، وعظموه..

وأخبروا أنهم قائمون بعبادة الله على وجه خال من المفسدة فقالوا: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ} أي: ننزهك التنزيه اللائق بحمدك وجلالك، {وَنُقَدِّسُ لَكَ} يحتمل أن معناها: ونقدسك، فتكون اللام مفيدة للتخصيص والإخلاص، ويحتمل أن يكون: ونقدس لك أنفسنا، أي: نطهرها بالأخلاق الجميلة، كمحبة الله وخشيته وتعظيمه، ونطهرها من الأخلاق الرذيلة.

قال الله تعالى للملائكة: {إِنِّي أَعْلَمُ} من هذا الخليفة {مَا لا تَعْلَمُونَ}؛ لأن كلامكم بحسب ما ظننتم، وأنا عالم بالظواهر والسرائر، وأعلم أن الخير الحاصل بخلق هذا الخليفة، أضعاف أضعاف ما في ضمن ذلك من الشر فلو لم يكن في ذلك، إلا أن الله تعالى أراد أن يجتبي منهم الأنبياء والصديقين، والشهداء والصالحين، ولتظهر آياته للخلق، ويحصل من العبوديات التي لم تكن تحصل بدون خلق هذا الخليفة، كالجهاد وغيره، وليظهر ما كمن في غرائز بني آدم من الخير والشر بالامتحان، وليتبين عدوه من وليه، وحزبه من حربه، وليظهر ما كمن في نفس إبليس من الشر الذي انطوى عليه، واتصف به، فهذه حكم عظيمة، يكفي بعضها في ذلك.

ثم لما كان قول الملائكة عليهم السلام، فيه إشارة إلى فضلهم على الخليفة الذي يجعله الله في الأرض، أراد الله تعالى، أن يبين لهم من فضل آدم، ما يعرفون به فضله، وكمال حكمة الله".

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
طريق الخاسرين
المقال التالي
أحمق الناس