مع القرآن - جزاء المعتدين: نكالاً وموعظة للمتقين

منذ 2015-05-28

سبحان من مسخ بني إسرائيل قردة وخنازير، فجعلهم نكالاً وجعل منهم موعظة للمتقين.. شاهت وجوه المعتدين في كل وقت وحين، وأمة محمد صلى الله عليه وسلم ليست ببعيد من المسخ والنكال، إذا ما أصرت على الاعتداء على أحكام الله وحدوده.

من سنن الله تعالى مع المعتدين على أحكامه، المحتالين على شرعه، المبدلين لمنهجه أن يجعلهم نكالاً وعظة. 
يمهلهم، ثم يمهلهم، حتى إذا أخذهم لم يفلتهم، سبحان من مسخ بني إسرائيل قردة وخنازير، فجعلهم نكالاً وجعل منهم موعظة للمتقين..

شاهت وجوه المعتدين في كل وقت وحين.
وأمة محمد صلى الله عليه وسلم ليست ببعيد من المسخ والنكال، إذا ما أصرت على الاعتداء على أحكام الله وحدوده.

قال تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ . فَجَعَلْنَاهَا نَكَالا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة:65-66].

قال الإمام ابن كثير رحمه الله:
"يقول تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ} يا معشر اليهود، ما حل من البأس بأهل القرية التي عصت أمر الله، وخالفوا عهده وميثاقه فيما أخذه عليهم من تعظيم السبت والقيام بأمره، إذ كان مشروعًا لهم، فتحيلوا على اصطياد الحيتان في يوم السبت، بما وضعوا لها من الشصوص والحبائل والبرك قبل يوم السبت، فلما جاءت يوم السبت على عادتها في الكثرة نشبت بتلك الحبائل والحيل، فلم تخلص منها يومها ذلك، فلما كان الليل أخذوها بعد انقضاء السبت، فلما فعلوا ذلك مسخهم الله إلى صورة القردة، وهي أشبه شيء بالأناسي في الشكل الظاهر وليست بإنسان حقيقة. 

فكذلك أعمال هؤلاء وحيلهم لما كانت مشابهة للحق في الظاهر ومخالفة له في الباطن، كان جزاؤهم من جنس عملهم. وهذه القصة مبسوطة في سورة الأعراف، حيث يقول تعالى: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف:163] القصة بكمالها.

وقال السدي: أهل هذه القرية هم أهل (أيلة)، وكذا قال قتادة، وسنورد أقوال المفسرين هناك مبسوطة إن شاء الله وبه الثقة، وقوله: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو حذيفة، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} قال: مسخت قلوبهم، ولم يمسخوا قردة، وإنما هو مثل ضربه الله {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة من الآية:5]، ورواه ابن جرير، عن المثنى، عن أبي حذيفة، وعن محمد بن عمرو الباهلي، عن أبي عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به..

وهذا سند جيد عن مجاهد، وقول غريب خلاف الظاهر من السياق في هذا المقام وفي غيره، قال الله تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} [المائدة من الآية:60]، وقال العوفي في تفسيره عن ابن عباس: {فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} فجعل الله منهم القردة والخنازير، فزعم أن شباب القوم صاروا قردة والمشيخة صاروا خنازير".

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
خذوا ما آتيناكم بقوة
المقال التالي
فهي كالحجارة أو أشد قشوة