التطبيع مع مسابقة ملكة جمال المغرب ضريبة أخرى لتغلغل قيم الحداثة في بلدنا
يم التضامن: أن تكون بمعنى التضامن مع المحتاجين والمظلومين والمقهورين، من الفقراء والمحتاجين والمرضى والمهجرين من أراضيهم، القاطنين في الملاجئ وأراضي الشتات، والمسجونين في سجون الظلم والطغيان فنعم التضامن هو، أما أن يتجاوز الأمر ذلك إلى التضامن مع أهل المسخ والعهر والفجور، من خلال التطبيع مع السلوكيات المنحرفة من تبرج واختلاط وشذوذ وإباحية، فليس تضامنًا مع الحق وإنما تضامن مع الباطل، وهو انفتاح بلا قيود، لا يرتضيه أهل الشهامة والنبل الحقيقيون.
"جرت المسابقة الوطنية لملكة جمال المغرب في إطار النسخة الثانية بمدينة طنجة، توجت فيها المراكشية فاطمة الزهراء الحر (23 عامًا) مساء يوم السبت 23 ماي المنصرم بطنجة، ملكة جمال المغرب لعام 2015، من المسابقة الوطنية لملكة الجمال.
ونجحت فاطمة الزهراء الحر، طالبة ماستر (قانون الأعمال)، في الظفر بلقب ملكة جمال المغرب بعد منافسة مثيرة جمعت 27 متنافسة من مختلف مدن المغرب، اللواتي تم اختيارهن من أصل 1500 مترشحة، وتمكنت من الفوز بصدارة المنافسة والحصول على لقب ملكة جمال المغرب، ونالت رضا لجنة التحكيم والجمهور الحاضر بفضل رشاقتها ومستواها الفكري، وطريقتها في التواصل ومشروعها المستقبلي.
وعاد لقب الوصيفة الأولى إلى المرشحة (مدينة البوغاز كوثر بنسرغ)، فيما عاد لقب الوصيفتين الثانية والثالثة على التوالي (لحفصة المكناسية، والتطوانية فريال الزياني)، وتهدف هذه التظاهرة حسب المنظمين إلى: (تعزيز قيم الانفتاح والتضامن والحداثة)، وقد حضر أطوار المسابقة النهائية لتتويج ملكة جمال المغرب شخصيات مغربية ودولية..".
هكذا سيق الخبر في مؤسسة إعلامية رسمية وهي (وكالة المغرب العربي للأنباء)، مع زيادات أخرى فضلت حذفها حتى لا يطول الخبر، وهذه خطوة بالإضافة إلى الربورتاج المصور الذي بثته قناة (ميدي1 تي في)، يمكن اعتبارهما تطبيعًا إعلاميًا رسميا مع هذه المسابقة التي كانت قبل زمن قريب تلقى العديد من التسخط والاستنكار والشجب من شرائح مختلفة من المجتمع المغربي، لكونها تمثل قمة استنساخ القيم والسلوكات الغربية العلمانية التي لا تراعي لا قيم ولا دين، وهو ما جاء على لسان المنظمين من كون المسابقة تهدف إلى (تعزيز قيم الانفتاح والتضامن والحداثة )!
قيم الانفتاح على ثقافة لا تراعي أية خصوصية لديننا الإسلامي وأحكامه الشرعية، والانفتاح على المشاركة في مسابقة جمال العالم وهي المسابقة التي تحتاج فيها المتسابقة إلى عرض أكثر المناطق حميمية في جسدها للجنة التحكيم، التي تكون مختلطة من الذكور والنساء!
الانفتاح على قيم العري والسفور والتبرج والجرأة والاختلاط وإبراز المفاتن، بخلاف ما يدعو إليه ديننا من قيم الستر والحياء والعفة! الانفتاح على ثقافة حقوق الإنسان بمفهومها الكوني، والتي تعتبر ركيزة في فكر وثقافة العلمانيين، بخلاف المتمسكين بدينهم وهويتهم، الذين يستمدون الحقوق والواجبات من شريعة ربهم من خلال نصوص الوحيين القرآن والسنة.
قيم التضامن: أن تكون بمعنى التضامن مع المحتاجين والمظلومين والمقهورين، من الفقراء والمحتاجين والمرضى والمهجرين من أراضيهم، القاطنين في الملاجئ وأراضي الشتات، والمسجونين في سجون الظلم والطغيان فنعم التضامن هو.
أما أن يتجاوز الأمر ذلك إلى التضامن مع أهل المسخ والعهر والفجور، من خلال التطبيع مع السلوكيات المنحرفة من تبرج واختلاط وشذوذ وإباحية، فليس تضامنًا مع الحق وإنما تضامن مع الباطل، وهو انفتاح بلا قيود، لا يرتضيه أهل الشهامة والنبل الحقيقيون.
وأما عن قيم الحداثة، فمن أسباب رفضها والتنديد بها أن هذه المسابقة هي أحد أوجهها، وفيها ما فيها من المخالفات الشرعية والعرفية والمجتمعية، كما أن تغلغل قيم الحداثة في مجتمعنا عن طريق الإعلام والتعليم وسياسات مسخ الهوية، هو ما أنتج لنا:
- إعلامًا لا يخدم سوى المتعة ويفسد الأخلاق؛ والسلاسل التي لا تنقضي للمسلسلات المكسيكية والتركية و(العبوالريحية) التي لا تنتهي..
- مطالبة (رباعة) الحقوقيين المستغربين بـ:
أ- تقنين بيع الخمور وزراعة الكيف وبيع الحشيش.
ب- المطابة بإباحة الإجهاض -ليعم أي حمل غير مرغوب فيه-.
ج- حرية العلاقات الجنسية.
د- منح الشواذ حقوق الممارسة.
هـ- سينما الأفلام الإباحية وآخرها فيلم (الزين لي فيك).
و.. و.. و..
- مطالبة بعض السياسيين (والحقوقيين) وعلى رأسهم إدريس لشكر بتقنين المساواة في الإرث وتجريم التعدد، ومواجهة مشروع أسلمة المجتمع، والتصدي للمد الظلامي الرجعي (الذي لا يعدو أن يكون هو التمسك بأحكام الدين ظاهرًا كما هو باطنًا، وفي الحياة الشخصية كما هو الأمر في الحياة العامة، من غير فصل للدين عن الدولة).
- أن نجد الجرأة عند 1500 مرشحة لطلب نيل لقب "مكلة جمال المغرب"!
وحسب ربورتاج (ميدي1 تي في) فإن دورة هذه السنة ركزت على قيمة (المواطنة)، فعن أي مواطنة يتحدث هؤلاء القوم؟! عن مواطنة المنصات والتتويجات والتقاط الصور، والرحلات وحضور المهرجانات، واللقاءات والتصريحات الصحافية المكتوبة والمتلفزة، والسفريات والملابس دون قيود شرعية أو أخلاقية، وعرض ذلك في حساب (الفايسبوك)!
أم المواطنة هي التمسك بقيم الوطن والعمل على خدمته بصدق وأمانة، في مشروع نهضوي إصلاحي في كافة المجالات، وتسليط الضوء على المشاريع الوطنية الحقيقية؟ وأما مسابقة ملكة الجمال فليست مما يخدم ذلك حتى نقر للمتوجة فيها بالرفع من قيمة المواطنة.
إبراهيم بيدون
صحفي بجريدة هوية بريس الإلكترونية، وجريدة السبيل الورقية.
- التصنيف: