أثر الاستبداد الدعوي...!

منذ 2015-05-31

من أنكى الأسقام التى تغلغلت في الجسد الدعوي، وكان لها عميق الأثر السلبي، والتداعيات الكارثية على الدعوة، مرض العصور والأمم والأفراد والمثقفين والمبدعين، الا هو (الاستبداد)! وهو المشار اليه بحديث ((وإعجاب كل ذي رأي برايه))! وهذا الإعجاب يمنعه التراجع والتفاهم، وايثار الحق، بل يصر ويعاند ويكابر! واذا استشار فإنما هي مسرحية لتسويق رأيه القاطع، وبيانه الساطع!

بسم الله الرحمن الرحيم

من أنكى الأسقام التى تغلغلت في الجسد الدعوي، وكان لها عميق الأثر السلبي، والتداعيات الكارثية على الدعوة، مرض العصور والأمم والأفراد والمثقفين والمبدعين، الا هو (الاستبداد)! وهو المشار اليه بحديث ((وإعجاب كل ذي رأي برايه))! وهذا الإعجاب يمنعه التراجع والتفاهم، وايثار الحق، بل يصر ويعاند ويكابر! واذا استشار فإنما هي مسرحية لتسويق رأيه القاطع، وبيانه الساطع!

وهذا الاستبداد يأخذ أشكالا شتى منها:

1/ المركزية المطلقة: المتجاوزة للأمور الادارية والتنظيمية والفنية الى اعمال النظافة والصيانة، ومتابعة كل هين دقيق، والغاء مبدأ التفويض الاداري، وتوزيع المهام، بحيث تُكمّم الأفواه، وتخنق الجوارح، وتحاصر من كل عمل، او مشاركة، إلا بإذن مسبق، وترضية مستذلة!

2/ الحوار المُجتزأ: بحيث لا يحاور كثيرا، لكيلا ينكشف بضاعته، ولا تُرى فهامته، او يبرز غيره براي لماح، او موظف بسيط بحل مقنع، يحوز به ثناء المشاهدين،! فيحاور باختصار، او يطبخ المحاورة قبل المجئ، بحيث لا يناقش الا فلان وعلان،، وكُتبت النتيجة والتوصيات، وانتهى الموضوع!!
وقد يتزيا بزي الشورى ومحبة النقاشات والإصغاء، ولكنه لايفي بأكثر ذلك، وقد يسهب تقديما وتحليلا في فضل المشاورة وعدم الاستعجال الإداري،! وعند التطبيق تتبخر كل الزهور الجميلة،!
وكما قيل: ومن قلة الإنصاف انك تبتغي، المهذب في الدنيا ولست المهذبا..!!

3/ تقليدية العمل: خطط قديمة، لم يحاولوا تطويرها او تجديدها، ولذلك يمارسون أعمالهم بشكل من التقليدية الحرفية ،الناصة، على ان ليس في الامكان ابدع مما كان! ولذلك يكره المستبد التجديد، ويضيق من الابتكار او التطوير ، ويرى ان في عمله المتكرر، السلامة وحسن الخروج من اي تبعة!!بمعنى انتهاج البيروقراطية، التي تفتقد للرؤية والمرونة وحسن الوعي الاجتماعي والمهني! لانه ضيق الفكر، جبان التحرك، يخاف من كل شئ، ولا يستطيع الاقدام والمبادرة! حتى الحلم قد يكون مقتولاً عنده!

4/ نبذ التطوير: بحيث يكتفي بالوضع القديم، بما أن العمل ماش والأمور متناسقة في الجملة، ولذلك لا يستحب اي فكرة تجديدية من شانها الإبداع والتطوير! لانها ستنخل عمله السابق، وتكشف مدى التقهقر المعيش، وتنتج ثمارا قد لا تُحسب عليه!

5/ إقصاء الكفاءات: لأنها تعرّيه عملا وفكرا وجهدا ومنشطا، ولذلك لا يهتم بتوظيف الكفء، وانما توظيف القِن والتابع والضعيف ، حرصا على خصائصه، وليس خصائص الدعوة وإبراز مكانتها عند الأمة! لأنه لا ينشرح بإنجازات الاخرين، ويضيق بالعباقرة المتقنين!

6/ التفاعل الجزئي: مع صفوة مختارة له، على المزاج المحبوب، والمسلك المطيوب، وصفاتهم تنفيذيون، لا محاورون، ومطواعون، لا مستفهمون، وتقليديون، لا مجددون، وجامدون لا مفكرون!
فإذا ظفر بفريق كذا صفته، لم يسأل عن سواهم، واعتمدهم طوال الايام!

7/ التسلط الاجتماعي: بحيث يجهد ان يصل الى جوهر القيادة، ليأمر وينهى، ويجعل من الناس اتباعا وخدما له يسخرهم كيف يشاء، فيجعل من الادارة طريقا الى التسلط، وبخس الناس حقوقهم، وتحويلهم ادوات لا قيمة لهم ولا اعتبار! والتاريخ يشهد ان غالب المستبدين من المحدودين فكرا وذكاء، بل احيانا تجدهم جماعات من الحمقى والمغفلين! سادوا لمال او وجاهة، أو معرفة وعلاقة! ولا صلة لهم بفنون الادارة والقيادة المحكمة!
الجهل الحاسم : بحيث يستمع الآراء ويصغي للمداولات، ولكنه يؤثر الرأي الخاطئ، ويفرض ما فيه نفرة واستهجان، لانه راق له، واستطاب شكله ولونه! فكيف تقنعه، وهو لا يملك قابلية الحوار، وأن ملكها لا يستطيع الرجوع الى الحق!

قال الكواكبي رحمه الله: (من أقبح أنواع الاستبداد استبداد الجهل على العلم، واستبداد النفس على العقل).
وهما جناحان طائران في ذهنية المستبد.
والله المستعان، والسلام.
 

د.حمزة بن فايع الفتحي