ارضَ بما قسَم
من عظيم فضل الله على الناس وهم لا يشعرون، ألا يجدوا من السَّعة والمال والأرزاق؛ ما يَعصون به ربَّهم. كما قال سبحانه: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ}، فيُضيّق على من يشاء لعِلمه سبحانه أن مِثله لو أُعطي لفسَد حالُه، وتغيّر قلبُه، وأسرف على نفسه في جنب الله.
ارضَ بما قسَم، ففيه الخيرُ كلّه؛ وإن لم ترَ.
ذكر ابن رجب رحمه الله، عن السَّلف، قولهم: "مِن العِصمَة، أن لا تَجِدْ" (رسالة: التخويف من النار).
قلتُ:
فهذا من عظيم فضل الله على الناس وهم لا يشعرون، ألا يجدوا من السَّعة والمال والأرزاق ما يَعصون به ربَّهم.
كما قال سبحانه: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ} [الشورى من الآية:27]، فيُضيّق على من يشاء لعِلمه سبحانه أن مِثله لو أُعطي لفسَد حالُه، وتغيّر قلبُه، وأسرف على نفسه في جنب الله.
فيَعصمه الله بالتضييق عليه وهو جلَّ جلاله؛ على الحقيقة يُهذّبه، فلا تظننَّ أن كلَّ تضييقٍ عليك إهانة.
كما لا تحسبنَّ أن كل سَعة منه عليك؛ تكون إنعامًا وكرامة، كما قال سبحانه: {فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ . وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ . كَلاَّ} [الفجر:15-16]، كلا: أي ليس الأمر هكذا على ظاهره، فليس كلّ من وسّعنا عليه دليل حبّنا وإكرامنا له، وليس كلّ من ضيّقنا عليه دليل بُغضنا وإهانتنا إياه، بل الأمر كما قال شيبان الراعي لسفيان الثوري: عُدّ منع الله إياك؛ عطاءً منه لك، فإنه ما منعك بخلًا وإنما منعك لطفًا.
فاحْمد اللهَ على ما أنت فيه؛ ضِيقًا وسَعة، ومَن رضِي فلَه الرضا.
واعلم أن الله قد أقامك فيما هو خير لك، دنياك وأخراك.
وهذا لا يَمنعك أبدًا، أن تطمع في سَعته وإكرامه وفضله.
فقد يُهذّبك أولًا بالتضييق، ثم يُكافئك بالفضل والسَّعة.
فأرِه الصبرَ الجميل، ترَ عن قُربٍ ما يَسُرّ.
أبو فهر المسلم
باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله
- التصنيف: