فضل أصحاب محمد على أصحاب الأنبياء وخلصائهم
ونحن أتْباع محمد صلى الله عليه وسلم وإخوانه الذين لم يروه، وأتْباع أصحابه، ندعو لهم: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ}، كما نتبعهم وقد أثنى الله عليهم، واشترط تعالى لمن بعدهم أن يتبع سبيلهم بإحسان ليرضى تعالى عنهم..
لكل نبي أصحاب، صبروا وثبتوا وصاروا مثلًا مضروبًا لمن بعدهم، فلله درهم..
ولكن لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم مزية على غيرهم، فيشير بعض المفسرين من التابعين إلى فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنهم في حين أن قال خير أتباع الأنبياء وخلصاؤهم في وقت المحنة والشدة (متى نصر الله؟) قال أصحاب محمد عند الزلزلة التي قال الله عنها: {وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب من الآية:11]، {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} [الأحزاب من الآية:10]، وارتاب المنافقون وأعمل المرجفون إرجافهم، قال حينها أصحاب محمد: {هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [الأحزاب من الآية:22].
قال الإمام الطبري: "حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: حدثنا يَزِيدُ، قَالَ: حدثنا سَعِيدٌ،عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَ عَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُه} [الأحزاب من الآية:22]، وَكَانَ اللَّهُ قَدْ وَعَدَهُمْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَقَالَ: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مِثْلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُول َالرَّسُول ُوَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} {البقرة من الآية:214]، خَيْرُهُمْ وَأَصْبَرُهُمْ وَأَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ {مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَاللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة من الآية:214].
هَذَا وَاللَّهِ الْبَلَاءُ الشَّدِيدُ، وَإِنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَوْا مَا أَصَابَهُمْ مِنَ الشِّدَّةِ وَالْبَلَاءِ: {قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَازَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب:22]، وَتَصْدِيقًا بِمَا وَعَدَهُمُ اللَّهُ، وَتَسْلِيمًا لقَضَاءِ اللَّهِ" (تفسيرالطبري، جامع البيان:19/ 60)
ونحن أتْباع محمد صلى الله عليه وسلم وإخوانه الذين لم يروه، وأتْباع أصحابه، ندعو لهم: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} [الحشر من الآية:10]، كما نتبعهم وقد أثنى الله عليهم، واشترط تعالى لمن بعدهم أن يتبع سبيلهم بإحسان ليرضى تعالى عنهم: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:100]، فاللهم اجعلنا على دربهم وألْحقنا بهم.
واليوم في كل المواجهات هذا ميعاد الثبات والتأسي والقول: {هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [الأحزاب من الآية:22].
مدحت القصراوي
كاتب إسلامي
- التصنيف: