أهل المحبة وأهل الانحراف

منذ 2015-07-04

نموذجان متباينان للمحبة والود بين الصحابة وحبيبهم المصطفى صلى الله عليه وسلم، وبين نموذج الجفاء والبعد القلبي بين المنحرفين وأهل الإصلاح من الأنبياء وأتباعهم..

نموذجان متباينان للمحبة والود بين الصحابة وحبيبهم المصطفى صلى الله عليه وسلم، وبين نموذج الجفاء والبعد القلبي بين المنحرفين وأهل الإصلاح من الأنبياء وأتباعهم.. 

أما نموذج المودة والألفة والمحبة فيتمثل في الموقف التالي:
ورد: "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر وفي يده قدح يعدل به القوم، فمر بسواد بن غزيَّة حليف بني عدي ابن النجار قال: وهو مستنتل من الصف، فطعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقدح في بطنه، وقال: «استو يا سواد»، فقال: يا رسول الله أوجعتني، وقد بعثك الله بالعدل، فأقدني.

قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استقد»، قال: يا رسول الله، إنَّك طعنتني، وليس عليَّ قميص، قال: «فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه، وقال: استقد»، قال: فاعتنقه، وقبَّل بطنه، وقال: «ما حملك على هذا يا سواد؟»، قال: يا رسول الله، حضرني ما ترى، ولم آمن القتل، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم له بخير" (حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة).

أما نموذج الجفاء والبعد والغلو والافتراء فيتمثل في النموذج التالي:
روى البخاري (3610) ومسلم (1064) عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ، فَقَالَ: «وَيْلَكَ! وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ؟! قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ»، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ: «دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ -أي تضطرب- وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ». 

وذو الخويصرة هذا هو رأس الخوارج.
والأعجب أن يظهر في زماننا المعاصر من يدعي البعد عن الغلو، فيقع في التسرع في إلصاق تهمة الخوارج بالدعاة والعلماء بلا تورع أو إشفاق!

- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"هذا الرجل قد نص القرآن أنه من المنافقين بقوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} [التوبة من الآية:58]، أي يعيبك ويطعن عليك، وقوله للنبي صلى الله عليه وسلم: اعدل واتق الله، بعدما خص بالمال أولئك الأربعة: نسب للنبي صلى الله عليه وسلم إلى أنه جار، ولم يتق الله! ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أو لست أحق أهل الأرض أن يتقي الله؟! ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء؟!» 

ومن جملة ما هم عليه من البدع:
- يرون أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص.
- يكفّرون بترك الواجب.
- يكفرون بفعل الكبيرة.
- يخرجون بالسيف على مخالفيهم من أهل الإسلام".

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.