لا مزاح بآيات الله - فسقط من عيني
كيف لو رأيت أناس في زماننا، بعضهم يُحسب على الدعوة والعلم، ويتفننون في خلط القرآن بهزلهم وإضحاك الناس.
قال إدريس بن بيدكين الفقيه الحنفي رحمه الله تعالى: "شفع بعض الندول لفقيه عند القاضي بكار، وقال: يا مولانا أنت تعلم أن الفقيه هو سيد فاضل راسخ في العلوم، فيشتهي أن تعدله، فأبى القاضي وقال: حضرنا يومًا في مكان وبين أيدينا قصعة طعام في وسطها سمن فطرق بعض الحاضرين للسمن طريقًا ليأتي إليه فقال هذا الفقيه وهو يمزح: {أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا} [الكهف:71] فسقط من عيني".
القاضي بكار هو على ما يبدو بكار بن أسد، حفيدُ حفيدِ الصحابي أبي بكرة رضي الله عنه، من كبار المحدثين الحفاظ في زمانه. ذكروا عنده فقيها، هذا الفقيه كان يتمنى أن يصفه القاضي بكار بأنه "عدلٌ"، وبالتالي مؤتمن على حديث النبي صلى الله عليه وسلم ويؤخذ العلم عنه. لكن القاضي بكارًا رفض! لماذا؟ لأن هذا "الفقيه" رأى شخصًا يأكل من صحن كبير مع آخرين بطريقة يجعل السمن يأتي إلى ناحيته ليأكل منه، فقال الفقيه: {أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا} [الكهف:71]، وهي جزء من آية في قصة موسى عليه السلام مع الخضر عندما خرق السفينة...قالها على سبيل المزاح. قال القاضي بكار: "فسقط -هذا الفقيه- من عيني"! لماذا؟ لأنه يتلو آية من كتاب الله الذي أُنزل هداية وتذكيرا تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم...تلاها في غير ما يناسبها ليُضحك الناس!
آآآهٍ أيها القاضي بكار، كيف لو رأيت أناس في زماننا، بعضهم يُحسب على الدعوة والعلم، ويتفننون في خلط القرآن بهزلهم وإضحاك الناس بما لو أنزله الله على جبل {لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّـهِ} [الحشر:21]؟!
ولذلك نقول: "لا مزاح بآيات الله.
النقل عن ابن بيدكن هو من كتاب الشيخ جمال الباشا (تحذير الغافلين).
- التصنيف:
- المصدر: