أخي الحبيب.. قف

منذ 2003-10-07

تيقن حق اليقين أن ملك الموت كما تعداك إلى غيرك فهو في الطريق إليك، وما هي إلا أعوام أو أيام أو لحظات فتصبح وحيدا فريدا في قبرك ..

أخي الحبيب:

إن هذا الكون كله، بكل صغير وكبير متوجه إلى الله عز وجل يسبحه، ويمجده ويسجد له قال تعالى : { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } [الإسراء: 44]، إن جميع المخلوقات التي خلقها الله تقف منكسة رأسها متذللة إلى الله معترفة بالفضل له.

ولكن يبقى في هذا الكون مخلوق صغير حقير ذليل، خلق من نطفة فإذا هو خصيم مبين، هو يسير في واد والكون كله في واد آخر، يترك طاعة الله والخضوع له والتسبيح له، بالرغم أن كل ما حوله يلهج بالذكر التسبيح لله. إن هذا المخلوق هو الإنسان العاصي لله عز وجل ،  فاالله أكبر ما أشد غروره، الله أكبر ما أعظم حماقته! الله أكبر ما أذله وأحقره! عندما يكون شاذا في هذا الكون المنتظم.

كم عرضت عليه التوبة فلم يتب، وكم عرضت عليه الإنابة فلم ينب، كم عرض عليه الرجوع وهو في شرود وهروب من الله. كم عرض عليه الصلح مع مولاه فلم يصطلح وولى رأسه مستكبرا.

أخي الحبيب:

• عليك قبل أن تعصي الله عز وجل أن تتفكر في هذه الدنيا وحقارتها، وقلة وفائها، وكثرة جفائها، وخسة شركائها، وسرعة انقضائها. وتتفكر في أهلها وعشاقها وهم صرعى حولها، قد عذبتهم بأنواع العذاب، وأذاقتهم مر الشراب، وأضحكتهم قليلا وأبكتهم كثيرا وطويلا.

• عليك قبل أن تعصي الله عز وجل أن تتفكر في الآخرة ودوامها، وأنها هي الحياة الحقيقية، وهي دار القرار، ومحط الرحال، ومنتهى السير.

• عليك قبل أن تعصي الله عز وجل أن تتفكر في النار وتوقدها واضطرامها، وبعد قعرها، وشدة حرها، وعظيم عذاب أهلها... عليك أن تتفكر في أهلها وهم في الحميم على وجوههم يسحبون، وفي النار كالحطب يسجرون.

• عليك قبل أن تعصي الله عز وجل أن تتفكر في الجنة وما أعد الله لأهل طاعته فيها مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر من النعيم المفصل الكفيل بأعلى أنواع اللذة من المطاعم والمشارب والملابس والصور، والبهجة والسرور، والتي لا يفرط فيها إلا إنسان محروم.

• أخي الحبيب قبل أن تعصي الله، تذكر كم ستعيش في هذه الدنيا، ستين سنة، ثمانين سنة، مائة سنة، ألف سنة. ثم ماذا؟ ثم موت بعده جنات النعيم، أو نار الجحيم- والعياذ بالله-.

أخي الحبيب:

تيقن حق اليقين أن ملك الموت كما تعداك إلى غيرك فهو في الطريق إليك، وما هي إلا أعوام أو أيام أو لحظات فتصبح وحيدا فريدا في قبرك لا أموال ولا أهل ولا أصحاب، فتذكر ظلمة القبر ووحدته، وضيقه ووحشته، وهول مطلعه، وشدة ضغطه.

تذكر يوم القيامة يوم العرض على الله، عندما تمتليء القلوب رعبا، وعندما تتبرأ من بنيك وأمك وأبيك وصاحبتك وأخيك، تذكر تلك المواقف والأهوال، تذكر يوم توضع الموازين وتتطاير الصحف، كم في كتابك من زلل، وكم في عملك من خلل، تذكر إذا وقفت بين يدي الملك الحق المبين الذي كنت تهرب منه، ويدعوك فتصد عنه، وقفت وبيدك صحيفة لا تغادر صغيرة ولا كبيرو إلا أحصتها، فبأي لسان تجيب الله حين يسألك عن عمرك وشبابك وعملك ومالك، وبأي قدم تقف بين يديه، وبأي عين تنظر إليه، وبأي قلب تجيب عليه عندما يقول لك: عبدي، استخففت بنظري إليك، جعلتني أهون الناظرين إليك، ألم أحسن إليك، ألم أنعم عليك، فلماذا تعصني وأنا أنعم عليك. ؟!

أخي الحبيب:

أفلا تصبر على طاعة الله هذه الأيام القليلة، وهذه اللحظات السريعة، لتفوز بعد ذلك بالفوز العظيم، وتتمتع بالنعيم المقيم.

أخي الحبيب:

إن هناك أناسا اعتقدوا أنهم قد خلقوا عبثا وتركوا سدا، فكانت حياتهم لهوا ولعبا، تعلو أبصارههم الغشاوة، وفي آذانهم وقر عن سماع الهدى، بصائرهم مطموسة، وقلوبهم منكوسة، أعينهم متحجرة، وأفئدتهم معمية، تجد في مجالسهم كل شيء إلا القرآن وذكر الله.

هربوا من الله وهم عبيده وبين يديه وفي قبضته، دعاهم فلم يستجيبوا له واستجابوا لنداء الشيطان ولرغباتهم وأهوائهم... فيا عجبا من هؤلاء! كيف يلبون دعوة الشيطان ويتركون دعوة الرحمن! أين ذهبت عقولهم...؟! { فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } [الحج:46]

ما الذي فعله الله بهم حتى عصوه ولم يطيعوه؟! ألم يخلقهم، ألم يرزقهم ألم يعافهم في أموالهم وأجسامهم؟! أغر هؤلاء حلم الحليم؟! أغرهم كرم الكريم؟! ألم يخافوا أن يأتيهم الموت وهم على المعاصي عاكفون؟! { أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون } [الأعراف:99].

فاحذر أخي الحبيب كل الحذر أن تكون من هؤلاء، وترفع بنفسك عنهم، واعمل لما خلقت له فإنك والله قد خلقت لأمر عظيم. قال تعالى : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } [الذاريات:56].

قد هيأوك لأمر لو فطنت له

 

فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل



أخي الحبيب:

يا من تعصي الله!! عد إلى ربك واتقي النار، اتقي السعير، إن أمامك أهوالا وصعابا، إن أمامك نعيما أو عذابا، إن أمامك ثعابين وحيات وأمورا هائلات، والله الذي لا إله إلا هو لن تنفعك الضحكات، لن تنفعك الأغاني والمسلسلات والأمور التافهات، لن تنفعك الصحف والمجلات، لن ينفعك الأهل والأولاد، لن ينفعك الإخوان والأصحاب، لن تنفعك الأموال، لن تنفعك إلا الحسنات والأعمال الصالحات.

أخي الحبيب:

والله ما كتبت لك هذا الكلام إلا لخوفي على هذا الوجه الأبيض أن يصبح مسودا يوم القيامة، وعلى هذا الوجه المنير أن يصبح مظلما، وعلى هذا الجسد الطري أن يلتهب بنار جهنم، فبادر وفقك الله إلى إعتاق نفسك من النار، وأعلنها توبة صادقة من الآن وتأكد أنك لن تندم على ذلك أبدا، بل إنك سوف تسعد بإذن الله، وإياك إياك من التردد أو التأخر في ذلك، فإني والله لك ناصح، وعليك مشفق.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛؛؛


المرسل
أخ ناصح لك



أصادق على ما جاء في هذه النصيحة وأهميتها وأوصي بقراءتها وتذكر ما تتضمنه وتطبيقه والتأثر به، وفق الله الجميع للخير
قاله وكتبه: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين. عضو الإفتاء 2/8/1415هـ



دار القاسم: المملكة العربية السعودية_ص ب 6373 الرياض 11442
هاتف: 4092000/ فاكس: 4033150
البريد الالكتروني: sales@dar-alqassem.com
الموقع على الانترنت: www.dar-alqassem.com