خواطر وأفكار من معركة الفرقان

منذ 2009-02-21

وهذا ماحدث في العدوان على أرض العِزَّة، فما أشبه اليوم بالبارحة، ارتدت يهود ومن ناصرهم ووالاهم {بِغَيْظِهِمْ} أي: بحقدهم وغمِّهم، وكيف لا يعتصر الغيظ قلوبهم ويأكل الغَمَّ نفوسهم؟!...

خواطر وأفكار من معركة الفرقان/ العدوان على أرض العِزَّة: غزة


ما أشبه اليوم بالبارحة:

من خلال نظرة إلى العدوان اليهودي الحاقد على أرض العِزَّة: غزة، لا نملك إلا أن نقول: ما أشبه اليوم بالبارحة، فحوادث التاريخ تتكرر، والتاريخ يعيد نفسه.

ما أشبه اليوم بالبارحة، فبالأمس قامت قوى الكفر والشَّرِّ والعدوان مجتمعة بمحاصرة الفئة المؤمنة في المدينة المنورة هادفة استئصالها والقضاء عليها نهائيًا؛ خوفًا من أن ينتشر رجالها وتسيح أفكارها في أصقاع الأرض مما يهدد وجودهم ويتعارض مع مصالحهم.

بالأمس قامت الأحزاب من قريش وغطفان ومن والَاهُمْ وأيدهم من قبائل الكفر وأهل الغدر وعلى رأسهم يهود بني قريظة الذين نقضوا عهدهم وقابلوا إحسان جيرانهم المسلمين بالغدر والخيانة، لكن عناية الله تدخلت لنصرة جنود الرحمن أهل الإسلام، وهزيمة ودحر الشيطان وأهل الكفر، لقد اندحر ذلك التحالف الوثني اليهودي ومن معهم من المنافقين دون أية مكتسبات ودون أن يحقق شيئًا من أهدافه وصدق الله العظيم إذ قال: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً} [الأحزاب: 25]، فقد ارتدوا خائبين، وكان الغيظ يملأ قلوبهم قبل عدوانهم على الفئة المؤمنة، وزاد غيظهم بعد عدوانهم وفشلهم في استئصالها، وقد جمعوا كامل عدتهم وبذلوا كل جهدهم، وأفرغوا كل طاقتهم، فلم يدخروا وسيلة إلا استخدموها، ولكن ثبات المؤمنين جعلهم يرتدوا على أدبارهم خاسرين.
ومن جميل ما قاله الرازي في تفسيره على قوله تعالى: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً}، "أي: مع غيظهم لم يَشْفُوا صدرًا ولم يُحَقَّقُوا أمرًا" أ.هـ.

وهذا ماحدث في العدوان على أرض العِزَّة، فما أشبه اليوم بالبارحة، ارتدت يهود ومن ناصرهم ووالاهم {بِغَيْظِهِمْ} أي: بحقدهم وغمِّهم، وكيف لا يعتصر الغيظ قلوبهم ويأكل الغَمَّ نفوسهم؟!

فَهُمْ {لَمْ يَنَالُوا خَيْراً} إنهم وبرغم ما قطعوه على أنفسهم وشعوبهم وحلفائهم من المنافقين من وعود بالنصر وجلب الأمن والأمان واستئصال شوكة أهل الإسلام، إلا أنهم لم يحققوا شيئًا من ذلك، ولا حتى القليل القليل منه، فشوكة الجماعة المؤمنة زادت قوة، ولحمة القيادة مع شعبها قويت، وصورة المعتدي ومسانديه من المنافقين تشوهت وسمعته ساءت وسقف مطالبه انخفض، وكما زادت قوة الجماعة المؤمنة زادت حُجَّتها وإقناع العالم بعدالة مطالبها، وكما قال صلى الله عليه وسلم بعد أن اندحرت أحزاب الشَّرِّ وفلول الغدر والخيانة خائبة خاسرة: «الآنَ نَغْزُوهُمْ وَلا يَغْزُونَا».

حقًّا ما أشبه اليوم بالبارحة.


هيثم حيدر







المصدر: طريق الإسلام