واجب الوقت و فرسان الحياة

منذ 2015-10-03

لحظة الجنون التي يعيشها العالم الآن ؛ وما يخطط له صغار العقول ، مظلمو النفوس الذين يتحكمون في أدوات الخراب والدمار من رغبة في إشعال حروب كونية ، لا تبقي مكاناً آمناً إلا في غابات غيهم وكهوف ظلامهم ؛ توجب على الكبار من أولي الأحلام والنُهى أن يُجمعوا أمرهم لإطفاء هذا الحريق الذي يسعى الصغار إلى إشعاله.
ما ذنب الإنسانية البائسة في أن تعيش أسيرة صراع نكد بين دول كبرى مجرمة ، تصنع الإرهاب وترعاه من أجل إنعاش مصالحها وتجارتها وبسط نفوذها؛ وتنظيمات ظلام وتكفير وتفجير ،  احتكرت لنفسها الجنة ومعية الله ونصره ، وترى أن كل العالمين هلكى إلا من آوى إلى سفينتهم الناجية ؟!
 
إن الصراع بين الخير والشر ، والحق والباطل ، والجمال والقبح   هو سنة كونية من سنن خالق الكون عند أولئك الذين يؤمنون أن للكون خالقاً -سبحانه وتعالى- وأنه مستحق للعبودية والانقياد له دون أحد مما سواه ، لما يترتب على هذا الصراع من جزاء أوفى ، في حياة أخرى ، في عالم آخر يؤمن به أولئك المؤمنون ، الذين من هديهم وأخلاقهم أنهم لا يتمنون لقاء العدو ، ويسألون الله في سيرهم ومسيرهم العافية ، فإذا قدر الله عليهم ولهم لقاء الطاغي الغاشم الباغي ؛ أتعبوا الصبر بصبرهم ، وأرهقوا الثبات بثباتهم ، فقد أتاهم ما يحبون من حب الخير والحق والجمال  في مواجهة الجيف ، التي تريد تحويل الإنسان أشرف وأكرم مخلوقات الله إلى آلة لا ثمن لها ! في حروب الكبار إمكانياتٍ وشراً الصغار نفوساً وعقلاً.
 
لم يعد من نافلة القول أن نقول أن ثمة إجراءات عاجلة وتغييرات شاملة على الحكماء في العالم المتحضر بصفة عامة وفي الأمة الإسلامية بصفة خاصة من الذين نأوا بأنفسهم -حقيقة وواقعاً- عن الانتماءات إلى كيانات وتنظيمات باتت عبئاً على نفسها بعد أن أضحت عبئاً على الإسلام وأهله أن يعملوا على إنفاذها وتحقيقها ؛ لنزع فتيل الاشتعال لحروب وصراعات دبرتها النفوس المظلمة بليل بهيم ، بعد حسابات خاطئة مدفوعة بغريزة العدوان  والشر والهيمنة والظلم .
ما أحوج الأمة المسلمة اليوم إلى فرسان حياة ، يتصفون بعالمية الروح ، وإنسانية الرسالة ، وعملية المنهج ؛ وصفهم صاحب مشروع الطريق إلى الحكمة ، الدكتور علي شراب في منهجه ورؤيته لفرسان الحياة في مبادئهم وقيمهم بأنهم :
 مؤمنون : يمتلكون إيماناً قوياً بمبادئ الحق و الخير و الجمال.
 مبدئيون: يمتلكون فهماً سليماً للمبادئ والقيم، ويطبقونها باتساق في حياتهم.
منتمون: يمتلكون شعوراً عميقاً بالانتماء إلى عالمهم وأمتهم وأوطانهم.
متسامون: يُحلّقون في آفاق السماء بعيداً عن ضغائن الأرض.
منسجمون: يعيشون الحياة بتكامل بين ما يؤمنون به, وما يقولونه, وما يفعلونه في الواقع.
مسئولون: يحملون مسؤوليات حياتهم, وما يحدث لهم ، ويعشقون المسؤوليات الكبيرة, ويهبونها كل وقتهم.
و عن أخلاقــــهم يقول :
متواضعون: لهم قدرة ساحرة على تفتيت العناد والكبر في دواخلهم.
صادقون: يستطيعون مواجهة الحقائق, والنظر إليها, والتعامل معها, والاعتراف بها حتى على أنفسهم.
عادلون: يعملون على تقويم أنفسهم والآخرين بعدالة تسخر من الأنانية وتفضيل الذات.
محبون: قادرون على منح مشاعرهم للآخرين.
معطاءون: يؤمنون بزراعة الخير في كل لحظة, ومع كل إنسان, وأن حصاد عطاءهم من ربهم لا من بعضهم.
صبورون: يعطون كل أمر حقه من الوقت, والجهد, دون عجلة أو قلق .
وعن فكرهـــم :
متفائلون: يرون الغد أجمل دوما .
واثقون: يؤمنون أنهم قادرون .
مبدعون: في زراعة الخير في كل لحظة ولمحة من حياتهم .
جوهريون: يصلون إلى جوهر المشكلات والحقائق, ولا تضللهم مساحات الأقنعة والغبار, لأنهم يتمتعون ببعد نظر عميق .
منفتحون: يقدرون الفروق الفردية, ويحترمون الآخرين وآراءهم وقيمهم وتقاليدهم وثقافاتهم, ويرفضون التعصب والعنصرية .
واعون: يتمتعون بسعة الاطلاع ، ولديهم الوعي الشامل لما يدور حولهم من أحداث محلية وعالمية ذات أهمية .
مفكرون: يمتلكون ويطورون ويطبقون قدراتهم العقلية ومهاراتهم في التفكير, ويتخذون قرارات سليمة لحل المشكلات المعقدة في حياتهم.
وللحديث بقية في هذا الشأن والله المستعان على كل خير .

حسن الخليفة عثمان

كاتب إسلامي