القضية الأحوازيّة، والفتنة الإيرانيّة في المدينة النبويّة
منذ 2009-03-27
ذهب رفسنجاني بعدما زار حضرموت
ليوزِّع منحًا دراسية إلى قم! في زيارة إلى منطقة فدك شمال المدينة
المنورة، وطالب من هناك كأنَّ لديه وكالة رسمية! بإعادة فَدَك* إلى
أهل البيت، مع أنَّ عامة أهل البيت، وأشرافهم، هـم في الحجاز أيضـا،
ومازالوا من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم راضين بما فعل الخلفاء
الراشدون رضي الله عنهم، فيما تركه عليه الصلاة والسلام!
ثم جاء تصريح رسمي من إيران يطالب الحكومة السعودية، بالسَّماح بزيارة الإيرانيين لفَدَك التي تبعد عن المدينة 200 كيلو، وتم رفض الطلب لأنَّ تلك الزيارة لاعلاقة لها بمناسك الحج والعمرة.
وبعد ذلك زار سامراء تحت حماية إيرانية، وسط مظاهرات عراقية عارمة، تندد بهذا التدخل الإيراني السافر في العراق، والتحريض على الفتنة.
ومتزامنا مع هذا، طالب مسئول إيراني رفيع المستوى بإحتلال البحرين، ومعلوم أنَّ هذه إنما هي حلقة من حلقات مؤامرة كبيرة، وهي تجري في نسق واحد مع تحرك النظام الإيراني في إثارة الفتنة في المدينة المنورة، والقطيف، الأسبوع الماضي.
وفي إطار أكبر مع تحرك إقليمي يمتـدّ إلى فتنة الحوثي في اليمن، وطوائف التكفير والفتن التابعة للنظام الإيراني في البحرين، والكويت، ولبنان، ومصر، وسوريا، من خلايا هـي غيـر نائمة، بل قائمة تثير نار الفتنة كلَّ يوم، وتحشُّـها حشَّـا.
وذلك وفـق مخطـَّط يتطلَّع لتصدير الثورة الخمينية، عبـر اختراق سرِّي للدول السنيّة، فإثارة الفتن الداخليـّة، فإحداث إنقلابات ثوريّة، فإعادة حلم التوسُّـع الصفوي الذي أجهضته دولة الخلافة العثمانية، وكان يتطلَّع للسيطرة على العالم الإسلامي، ليعيث بأمّة الإسلام فساداً وإفسـاداً.
إعادة هذا الحلم، بعد سيطرة على الإقتصاد بإحتلال منابع البترول في المنطقة الشرقية، وجنوب العراق، واحتـلال المنابع الروحيـة للعالم الإسـلامي في الحرمين، فالسيطرة على الجزيرة العربية، ثم العالم الإسلامي.
ولم يعـدْ هذا المخطَّط الخبيث خافياً على أحـد، وأنـَّه يتمّ صرف الأنظار عنه كلَّما كُشف النقاب عن مرحلة من مراحله الخطيرة، بالتخويف المصطنع من إثارة النعرة الطائفية، ثـمَّ تحت هذا التخويف ينتشـر المخطَّط كما تنتشر العقارب والحيات تحت التراب.
ولاريب أنّ أعظم سبب لإنتشـار هذه الفتنة، هو ذلك الخذلان العربي القاتل عن نصرة المظلومين تحت نير النظام الإيراني إضافة إلى ما يجري من النظام العربي على نفس شعوبه من جرائم على جميع المستويات فإنَّ الله تعالى يسلّط الظالمين على بعضهم، وعلى من يقرّهم على ظلمهم، وتلك سنة الله تعالى، ولاتجد لسنة الله تبديلا.
وفيما يلي بيانٌ مختصـر لما يتعرض لـه الأخوة الإحوازيون من ظلم فادح، استمر طيلة عقـود من الزمن، في تجاهــلٍ مخـزٍ من إخوانهم العرب، وتحت صمت غربـي، إعتاد النفاق في قضايا حقوق الإنسان، فهـو يغضّ الطرف عن القضية الأحوازية، وعن اضطهاد أهل السنة في إيران، بينما يرحـِّب من وراء ستار بإثـارة الفتـن الشيعيّة في البلاد السنيّة!
كما يتعرض لمثل هذا الظلم، أهل السنة في عموم إيران في ظلِّ الثورة الخمينية.
أما القضية الإحوازية المنسيِّة، فهي قضية عجيبة، لشعب يربو عدد سكانه على خمسة ملايين نسمة، وينتشر على أرض مليئة بالخيرات والثروات الطبيعية، حتى إنـَّه بات يُطلـق على هذه الأرض: القلب النابض للإقتصاد الإيراني، ويطلق على هذا الشعب: إنه أفقر شعب على أغنى بقعة في العالم.
هذا الشعـب الأحوازي محرومٌ من جميع حقوقه، ويعيش إضطهادًا عظيمًا ، وتمييزًا عنصريًّا خانقًا، تحت سلطة النظام الإيراني.
ومنذ أن ضمِّ الجيش الإيراني بالقوّة، هذه الإمارة العربية التي يقطنها قبائل عربية أصيلة، في 20 نيسان 1925م، منذ ذلك الحين، والأحواز رازحة تحت احتلال بغيض، حرم شعب الأحواز من جميع حقوقه، حتى الحقوق الثقافية، بل وصل حدّ الإضطهاد إلى حظر اللغة العربية في المدارس، وما يميّز اللباس العربي، وتسمية الأولاد ببعض الأسماء العربية!!
وهو مع ذلك شعـب يعيش تحت قمع سياسي، آخذ في تصاعد مؤخَّـرًا، ويستعمل فيه النظام كلّ إنتهاكات حقوق الإنسان، حتى الإعدامات في الشوارع.
وذلك كلُّه يجـري تحت صمت غربيّ، وعربيّ مريب، فلا أحـد يتحدث عن تلك الانتهاكات الخطيرة، بينما تهتم أمريكا بأدق التفاصيل عمَّا يجري في غيـر إيران، حتى تتَّهـم دولاً عربية بهدف الابتزاز السياسي بالتميِّيز العنصري ضد المرأة مثلًا، أو تتباكى عن حرمانها من قيادة السيارة في الرياض، أو في حالة عدم فتح معبد لطائفة قليلة من البهرة مثلًا، كما فعلت في الكويت!
مع أنَّ ما يجري للأحوازيين، لايوصف مثله إلاَّ في الكيان الصهيوني، بل إنّه أشدّ مما يجري هناك.
ومعلوم أنَّ سياسة العبث بالتركيبة السكانية في الأحواز، والتضييق على الأحوازيين، تسارعت وتيرتها في السنوات الأخيرة، متزامنة بصورة مُلفتـة، مع تسارع وتيرة تحريك الأحزاب الموالية للنظام الإيراني في دول الخليج لإثارة الإضطرابات والفتن.
وتغيير التركيبة السكانية في الأحواز، يشابه إلى حد كبير، ما يفعله الصهاينة في القدس، وذلك وفق المنهجية التالية التي وجدت في وثيقة رسمية للنظام الإيراني.
وقد نص فيها على ما يلي:
،
أولًا: يجب اتخاذ كافة التدابير الضرورية اللاّزمة بحيث يتم خفض السكان العرب في خوزستان_ أي الأحواز_ بالنسبة للناطقين بالفارسية الموجودين أساسًا، أو أولئك المهاجرين، إلى مقـدار الثلث، وذلك خلال السنوات العشرة القادمة.
ثانيًا: اتخاذ التدابير اللازمة بحيث تزداد ظاهرة تهجير الشريحة المتعلّمة منهم، إلى المحافظات الإيرانية الأخرى، كمحافظات طهران، وأصفهان، وتبريز.
ثالثًا: إزالة جميع المظاهر الدالّة على وجود هذه القومية، وتغيير ما تبقى من الأسماء العربية للمواقع والقرى والمناطق والشوارع.
وبعد افتضاح أمر هذه الوثيقة الخطيرة، انطلقت في الأحواز الإنتفاضة المشهورة عام 2005م، وتـم قمعها بـ150 ألف جندي إيراني، استعملوا القتل، ووسائل العنف الذي انتهك كلَّ المحرمات.
وهذه من أقوى الانتفاضات التي انطلقت في الأحواز، منذ إنتفاضة عام 1979 م، ثـم1985 م، ثـم 1994 م، ثـم 2000 م، ثـم 2001، ثـم م 2002م.
وكلُّها كانت تقمع بنفس الأسلوب الوحشي، حتّى استعمال سياسة الأرض المحروقة، وتدمير القرى والمدن العربية.
ولم يتراجع النظام عن عنصريّته قيد أنملة، وهو يواصل منع حتى إصدار الصحف باللغة العربية، وتعليم الأطفال اللغة العربية في المدارس الإبتدائية، بل وصل به الأمر إلى تحويل مجرى الأنهار إلى خارج الأحواز، ليحرم القرى العربية منها!
وهذا الذي يحدث في الأحـواز.. يجري مثلـه على عمـوم أهـل السنة في إيران التي ينص دستورها على أن: (المذهب الرسمي للدولة هو المذهب الشيعي)، و: (شرط تولي منصب رئيس الجمهورية أن يكون شيعي المذهب)!، فهـم يعيشون مثل هذا الإضطهاد البشع لإخواننا الأحوازيين.
لاسيما في بلوشستـان التي تنشط فيها ثلاث حركات تطالب بالتحرُّر، وبرفع الظلم عن السنة في إيران:
أحدها: حزب الفرقان، وقد أنشيء عام 1996م، أنشـأه جليل قنبر زهي شه بخش، وهو تيار سنّي منتشر قويّ في بلوشتان.
الثاني: جماعة جند الله، ويرأسها الشيخ عبد المالك ريكي، أنشئ عام 2002، وهي حركة سنية ناشطة، لرفع الظلم عن السنة لاسيما الشعب البلوشي، ولجماعة عبد المالك نفوذ واسع، وقبول كبير في بلوشتان.
الثالثة: حركة الجهاد الإسلامي، ويرأسها صلاح الدين البلوشي، وقد أسسها عام 2006م.
كما يوجد مليون ونصف سني في منطقة (تركمنصحرا) يتعرّضون لأبشع صور الإضطهاد، ومثلهم مليون سنّي في خراسان كذلك، وتـمَّ تصفية أبرز علمائهم بإغتيالات- تُشبـه تلك التي يفعلها النظام الإيراني في العراق هذه الأيام- وممن اغتالتهم المخابرات الإيرانية، الشيخ الشهيد مولوي عبد العزيز الله ياري، والشيخ الشهيد مولوي نور الدين غريبي، والشيخ الشهيد موسى كرمي خطيب جامع الشيخ فيض المشهور في مدينة مشهد، والذي هدمه خامنئي مرشد الثورة عام 1993م.
ومثلهم السنة في إقليم فارس، يمنعون من أدنى حقوقهم، ويتم تصفية الناشطين من دعاتهم وعلمائهـم، وكذا مناطق الأكراد، حيث لوحق علماء السنة، وتم تصفية أبرز علمائهم، ونذكر منهـم الشهيد العلامة أحمد مفتي زادة، والشهيد ناصر سبحاني، ولايزال كثيـرٌ من علماء السنة الأكراد وغير الأكـراد معتقلًا في السجون الإيرانية.
ومن العلماء السنة الذين تعرضوا إمَّا للإغتيال، أو محاولة للإغتيـال ثم نجوا بأرواحهم وهاجروا من إيران يقاسون الغربة، أو هم في سجون المخابرات، منهم لا على سبيل الحصر:
أولًا: الشيخ العالم المشهور د/ عبدالرحيم ملا زادة وهو في لنـدن، وله نشاط عالمي وجهاد مشكور في فضح جرائم النظام الإيراني، والانتصار للسنة، ثم الشيخ العلامة إبراهيم دامني الذي يتعرض للتعذيب وحكم عليه بالسجن 17 سنة، لأنَه يكافح نشر التشيّع بين السنة، والشيخ إقبال أيوبي من إيرانشهر، والشيخ أنور هواري، والشيخ فيصل سيباهيان، والشيخ واحد بخس لشكر زهي، وغيرهم.
وكذلك الشيخ محي الدين البلوشتاني، والشيخ نظر ديكاه، والشيخ على أكبر ملة زادة، والشيخ إبراهيم صفي ملا زادة، والشيخ عبدالمنعم الرئيسي، يوسف كردهاني، وحسين كرد،والشيخ عبدالباسط كزادة، والشيخ عبدالقادر ترشابي، والشيخ عبد الحكيم غمشادزهي، والشيخ عبد الواحد كمكوزهي، والشيخ عبدالقادر عبدالله زهي، والشيخ عبد الشكور زاهو، والشيخ عبدالرحمن الله وردي، والشيخ حبيب الله ضيائي، والشيخ محمد أمين بندري، والشيخ عزالدين السلجوقي، والشيخ صلاح الدين السلجوقي، والشيخ محمد ملا آخوند، وغيرهم كثير، فإنهم بالمئات، ويصعـب حصرهم.
ومعلوم أنَّه يكفي إتهام السني بالانتماء إلى الفكر (الوهابي)، لانتهاك كلِّ حقوقه وتصفيته!، مع أنه حتى الزوايا الصوفية، لم تسـلم من بطش المخابرات الإيرانية وملاحقتها بتهمة النشاط الدعوي السني.
كما تتعرض مساجد السنّة القليلة لرقابة أمنيّة صارمة، ولملاحقات لاتتوقف، وأمـّا المدارس الدينيّة فلايُسمح لهم ببنائها، ومعلوم أنَّ مليون سنيّ في طهران، محرومون من مسجد واحد، والعجب أنَّ للزرادشتيه معبداً مشهوراً في قلب طهران، كما يوجد فيها 151 معبداً لديانات متعددة!
ويقتصر الحديث في خطبة الجمعة في مساجد السنة- التي لايتدخَّـل النظام في بنائها ولا الإنفاق عليها قط- على بعض الأحكام الفقهية، مع منع نشر شريط الخطبة، إذْ يُعـد الكلام عن عقيدة الإسلام على المذهب السني خطَّـا أحمر!
هذا ويحارب النظام الإيراني أيَّ حديث إعلامي عن هذه الانتهاكات الخطيرة لملايين العرب، والسنة في إيران.
وبعــد:
فإنَّ هذا النظام الذي يمعن في حربه على الأمّة الإسلامية، وقـد مكَّن أعظم تمكين للمخطط الصهيوصليبي لاحتلال العراق، وهو لايزال يسعى لتقسيمه، وإثارة الفتن فيه للسيطرة عليه، ولاحتلال أفغانستان، وهو يعلم أنَّ هذا المخطَّط الصهيوصليبي يمهِّد بذلك لتصفية القضية الفلسطينية، بينما هو يتباكى عليها دموعَ التماسيح!
هذا النظام لن يتوقـَّف عن إثارة الفتنة في بلاد الإسلام، ومن تابع التغطية الإعلاميّة للقنوات التابعة له أثنـاء أحداث البقيع الأسبوع الماضي، وكيف تحرّض على الفتنة، وتزييف الحقائق، يتبيّن له أنّ ما حدث في المدينة المنورة من عدوان واضح على المسلمين هناك، كان مخططاً له، ومنظَّمـاً بحيث يُثمـرُ أهدافًا سياسيّة محدَّدة، وهو أحد حلقات المخطط الإقليمي الصفوي الكبير.
ولا يخفى أنَّ التصدي لهذه المؤامـرة الخطيرة، أولى من كلِّ مهم، ذلك أنَّ خطرها أعظم من كلِّ خطر، وأنَّ ذلك لايمكن إلاَّ بنصرة المظلومين تحت نير هذا النظام الفاشي، حتّى من الشعب الإيراني الذي يعاني أيضا من ظلم النظام، وذلك بكلّ أنواع النصرة.
وبكشف مؤامراته الخارجية، وملاحقتها إعلاميًا، والإستعداد لمواجهة قوّته التي أعدَّها للانقضاض على الأمِّة، بأشدَّ من استعداده، وذلك يسير بحمد الله تعالى.
وذلك كلُّه بعد إصلاح الأحـوال كلِّها، وأوّلها، وأهمّها، وأعظمها، تعظيم شريعة الله تعالى، والتمسّك بطاعة الله تعالى، ورفع الظلم والفساد.
والله تعالى وحده حسبنا عليه توكلنا، وعليه فليتوكل المتوكلـون.
___________________________________________
ثم جاء تصريح رسمي من إيران يطالب الحكومة السعودية، بالسَّماح بزيارة الإيرانيين لفَدَك التي تبعد عن المدينة 200 كيلو، وتم رفض الطلب لأنَّ تلك الزيارة لاعلاقة لها بمناسك الحج والعمرة.
وبعد ذلك زار سامراء تحت حماية إيرانية، وسط مظاهرات عراقية عارمة، تندد بهذا التدخل الإيراني السافر في العراق، والتحريض على الفتنة.
ومتزامنا مع هذا، طالب مسئول إيراني رفيع المستوى بإحتلال البحرين، ومعلوم أنَّ هذه إنما هي حلقة من حلقات مؤامرة كبيرة، وهي تجري في نسق واحد مع تحرك النظام الإيراني في إثارة الفتنة في المدينة المنورة، والقطيف، الأسبوع الماضي.
وفي إطار أكبر مع تحرك إقليمي يمتـدّ إلى فتنة الحوثي في اليمن، وطوائف التكفير والفتن التابعة للنظام الإيراني في البحرين، والكويت، ولبنان، ومصر، وسوريا، من خلايا هـي غيـر نائمة، بل قائمة تثير نار الفتنة كلَّ يوم، وتحشُّـها حشَّـا.
وذلك وفـق مخطـَّط يتطلَّع لتصدير الثورة الخمينية، عبـر اختراق سرِّي للدول السنيّة، فإثارة الفتن الداخليـّة، فإحداث إنقلابات ثوريّة، فإعادة حلم التوسُّـع الصفوي الذي أجهضته دولة الخلافة العثمانية، وكان يتطلَّع للسيطرة على العالم الإسلامي، ليعيث بأمّة الإسلام فساداً وإفسـاداً.
إعادة هذا الحلم، بعد سيطرة على الإقتصاد بإحتلال منابع البترول في المنطقة الشرقية، وجنوب العراق، واحتـلال المنابع الروحيـة للعالم الإسـلامي في الحرمين، فالسيطرة على الجزيرة العربية، ثم العالم الإسلامي.
ولم يعـدْ هذا المخطَّط الخبيث خافياً على أحـد، وأنـَّه يتمّ صرف الأنظار عنه كلَّما كُشف النقاب عن مرحلة من مراحله الخطيرة، بالتخويف المصطنع من إثارة النعرة الطائفية، ثـمَّ تحت هذا التخويف ينتشـر المخطَّط كما تنتشر العقارب والحيات تحت التراب.
ولاريب أنّ أعظم سبب لإنتشـار هذه الفتنة، هو ذلك الخذلان العربي القاتل عن نصرة المظلومين تحت نير النظام الإيراني إضافة إلى ما يجري من النظام العربي على نفس شعوبه من جرائم على جميع المستويات فإنَّ الله تعالى يسلّط الظالمين على بعضهم، وعلى من يقرّهم على ظلمهم، وتلك سنة الله تعالى، ولاتجد لسنة الله تبديلا.
وفيما يلي بيانٌ مختصـر لما يتعرض لـه الأخوة الإحوازيون من ظلم فادح، استمر طيلة عقـود من الزمن، في تجاهــلٍ مخـزٍ من إخوانهم العرب، وتحت صمت غربـي، إعتاد النفاق في قضايا حقوق الإنسان، فهـو يغضّ الطرف عن القضية الأحوازية، وعن اضطهاد أهل السنة في إيران، بينما يرحـِّب من وراء ستار بإثـارة الفتـن الشيعيّة في البلاد السنيّة!
كما يتعرض لمثل هذا الظلم، أهل السنة في عموم إيران في ظلِّ الثورة الخمينية.
أما القضية الإحوازية المنسيِّة، فهي قضية عجيبة، لشعب يربو عدد سكانه على خمسة ملايين نسمة، وينتشر على أرض مليئة بالخيرات والثروات الطبيعية، حتى إنـَّه بات يُطلـق على هذه الأرض: القلب النابض للإقتصاد الإيراني، ويطلق على هذا الشعب: إنه أفقر شعب على أغنى بقعة في العالم.
هذا الشعـب الأحوازي محرومٌ من جميع حقوقه، ويعيش إضطهادًا عظيمًا ، وتمييزًا عنصريًّا خانقًا، تحت سلطة النظام الإيراني.
ومنذ أن ضمِّ الجيش الإيراني بالقوّة، هذه الإمارة العربية التي يقطنها قبائل عربية أصيلة، في 20 نيسان 1925م، منذ ذلك الحين، والأحواز رازحة تحت احتلال بغيض، حرم شعب الأحواز من جميع حقوقه، حتى الحقوق الثقافية، بل وصل حدّ الإضطهاد إلى حظر اللغة العربية في المدارس، وما يميّز اللباس العربي، وتسمية الأولاد ببعض الأسماء العربية!!
وهو مع ذلك شعـب يعيش تحت قمع سياسي، آخذ في تصاعد مؤخَّـرًا، ويستعمل فيه النظام كلّ إنتهاكات حقوق الإنسان، حتى الإعدامات في الشوارع.
وذلك كلُّه يجـري تحت صمت غربيّ، وعربيّ مريب، فلا أحـد يتحدث عن تلك الانتهاكات الخطيرة، بينما تهتم أمريكا بأدق التفاصيل عمَّا يجري في غيـر إيران، حتى تتَّهـم دولاً عربية بهدف الابتزاز السياسي بالتميِّيز العنصري ضد المرأة مثلًا، أو تتباكى عن حرمانها من قيادة السيارة في الرياض، أو في حالة عدم فتح معبد لطائفة قليلة من البهرة مثلًا، كما فعلت في الكويت!
مع أنَّ ما يجري للأحوازيين، لايوصف مثله إلاَّ في الكيان الصهيوني، بل إنّه أشدّ مما يجري هناك.
ومعلوم أنَّ سياسة العبث بالتركيبة السكانية في الأحواز، والتضييق على الأحوازيين، تسارعت وتيرتها في السنوات الأخيرة، متزامنة بصورة مُلفتـة، مع تسارع وتيرة تحريك الأحزاب الموالية للنظام الإيراني في دول الخليج لإثارة الإضطرابات والفتن.
وتغيير التركيبة السكانية في الأحواز، يشابه إلى حد كبير، ما يفعله الصهاينة في القدس، وذلك وفق المنهجية التالية التي وجدت في وثيقة رسمية للنظام الإيراني.
وقد نص فيها على ما يلي:
،
أولًا: يجب اتخاذ كافة التدابير الضرورية اللاّزمة بحيث يتم خفض السكان العرب في خوزستان_ أي الأحواز_ بالنسبة للناطقين بالفارسية الموجودين أساسًا، أو أولئك المهاجرين، إلى مقـدار الثلث، وذلك خلال السنوات العشرة القادمة.
ثانيًا: اتخاذ التدابير اللازمة بحيث تزداد ظاهرة تهجير الشريحة المتعلّمة منهم، إلى المحافظات الإيرانية الأخرى، كمحافظات طهران، وأصفهان، وتبريز.
ثالثًا: إزالة جميع المظاهر الدالّة على وجود هذه القومية، وتغيير ما تبقى من الأسماء العربية للمواقع والقرى والمناطق والشوارع.
وبعد افتضاح أمر هذه الوثيقة الخطيرة، انطلقت في الأحواز الإنتفاضة المشهورة عام 2005م، وتـم قمعها بـ150 ألف جندي إيراني، استعملوا القتل، ووسائل العنف الذي انتهك كلَّ المحرمات.
وهذه من أقوى الانتفاضات التي انطلقت في الأحواز، منذ إنتفاضة عام 1979 م، ثـم1985 م، ثـم 1994 م، ثـم 2000 م، ثـم 2001، ثـم م 2002م.
وكلُّها كانت تقمع بنفس الأسلوب الوحشي، حتّى استعمال سياسة الأرض المحروقة، وتدمير القرى والمدن العربية.
ولم يتراجع النظام عن عنصريّته قيد أنملة، وهو يواصل منع حتى إصدار الصحف باللغة العربية، وتعليم الأطفال اللغة العربية في المدارس الإبتدائية، بل وصل به الأمر إلى تحويل مجرى الأنهار إلى خارج الأحواز، ليحرم القرى العربية منها!
وهذا الذي يحدث في الأحـواز.. يجري مثلـه على عمـوم أهـل السنة في إيران التي ينص دستورها على أن: (المذهب الرسمي للدولة هو المذهب الشيعي)، و: (شرط تولي منصب رئيس الجمهورية أن يكون شيعي المذهب)!، فهـم يعيشون مثل هذا الإضطهاد البشع لإخواننا الأحوازيين.
لاسيما في بلوشستـان التي تنشط فيها ثلاث حركات تطالب بالتحرُّر، وبرفع الظلم عن السنة في إيران:
أحدها: حزب الفرقان، وقد أنشيء عام 1996م، أنشـأه جليل قنبر زهي شه بخش، وهو تيار سنّي منتشر قويّ في بلوشتان.
الثاني: جماعة جند الله، ويرأسها الشيخ عبد المالك ريكي، أنشئ عام 2002، وهي حركة سنية ناشطة، لرفع الظلم عن السنة لاسيما الشعب البلوشي، ولجماعة عبد المالك نفوذ واسع، وقبول كبير في بلوشتان.
الثالثة: حركة الجهاد الإسلامي، ويرأسها صلاح الدين البلوشي، وقد أسسها عام 2006م.
كما يوجد مليون ونصف سني في منطقة (تركمنصحرا) يتعرّضون لأبشع صور الإضطهاد، ومثلهم مليون سنّي في خراسان كذلك، وتـمَّ تصفية أبرز علمائهم بإغتيالات- تُشبـه تلك التي يفعلها النظام الإيراني في العراق هذه الأيام- وممن اغتالتهم المخابرات الإيرانية، الشيخ الشهيد مولوي عبد العزيز الله ياري، والشيخ الشهيد مولوي نور الدين غريبي، والشيخ الشهيد موسى كرمي خطيب جامع الشيخ فيض المشهور في مدينة مشهد، والذي هدمه خامنئي مرشد الثورة عام 1993م.
ومثلهم السنة في إقليم فارس، يمنعون من أدنى حقوقهم، ويتم تصفية الناشطين من دعاتهم وعلمائهـم، وكذا مناطق الأكراد، حيث لوحق علماء السنة، وتم تصفية أبرز علمائهم، ونذكر منهـم الشهيد العلامة أحمد مفتي زادة، والشهيد ناصر سبحاني، ولايزال كثيـرٌ من علماء السنة الأكراد وغير الأكـراد معتقلًا في السجون الإيرانية.
ومن العلماء السنة الذين تعرضوا إمَّا للإغتيال، أو محاولة للإغتيـال ثم نجوا بأرواحهم وهاجروا من إيران يقاسون الغربة، أو هم في سجون المخابرات، منهم لا على سبيل الحصر:
أولًا: الشيخ العالم المشهور د/ عبدالرحيم ملا زادة وهو في لنـدن، وله نشاط عالمي وجهاد مشكور في فضح جرائم النظام الإيراني، والانتصار للسنة، ثم الشيخ العلامة إبراهيم دامني الذي يتعرض للتعذيب وحكم عليه بالسجن 17 سنة، لأنَه يكافح نشر التشيّع بين السنة، والشيخ إقبال أيوبي من إيرانشهر، والشيخ أنور هواري، والشيخ فيصل سيباهيان، والشيخ واحد بخس لشكر زهي، وغيرهم.
وكذلك الشيخ محي الدين البلوشتاني، والشيخ نظر ديكاه، والشيخ على أكبر ملة زادة، والشيخ إبراهيم صفي ملا زادة، والشيخ عبدالمنعم الرئيسي، يوسف كردهاني، وحسين كرد،والشيخ عبدالباسط كزادة، والشيخ عبدالقادر ترشابي، والشيخ عبد الحكيم غمشادزهي، والشيخ عبد الواحد كمكوزهي، والشيخ عبدالقادر عبدالله زهي، والشيخ عبد الشكور زاهو، والشيخ عبدالرحمن الله وردي، والشيخ حبيب الله ضيائي، والشيخ محمد أمين بندري، والشيخ عزالدين السلجوقي، والشيخ صلاح الدين السلجوقي، والشيخ محمد ملا آخوند، وغيرهم كثير، فإنهم بالمئات، ويصعـب حصرهم.
ومعلوم أنَّه يكفي إتهام السني بالانتماء إلى الفكر (الوهابي)، لانتهاك كلِّ حقوقه وتصفيته!، مع أنه حتى الزوايا الصوفية، لم تسـلم من بطش المخابرات الإيرانية وملاحقتها بتهمة النشاط الدعوي السني.
كما تتعرض مساجد السنّة القليلة لرقابة أمنيّة صارمة، ولملاحقات لاتتوقف، وأمـّا المدارس الدينيّة فلايُسمح لهم ببنائها، ومعلوم أنَّ مليون سنيّ في طهران، محرومون من مسجد واحد، والعجب أنَّ للزرادشتيه معبداً مشهوراً في قلب طهران، كما يوجد فيها 151 معبداً لديانات متعددة!
ويقتصر الحديث في خطبة الجمعة في مساجد السنة- التي لايتدخَّـل النظام في بنائها ولا الإنفاق عليها قط- على بعض الأحكام الفقهية، مع منع نشر شريط الخطبة، إذْ يُعـد الكلام عن عقيدة الإسلام على المذهب السني خطَّـا أحمر!
هذا ويحارب النظام الإيراني أيَّ حديث إعلامي عن هذه الانتهاكات الخطيرة لملايين العرب، والسنة في إيران.
وبعــد:
فإنَّ هذا النظام الذي يمعن في حربه على الأمّة الإسلامية، وقـد مكَّن أعظم تمكين للمخطط الصهيوصليبي لاحتلال العراق، وهو لايزال يسعى لتقسيمه، وإثارة الفتن فيه للسيطرة عليه، ولاحتلال أفغانستان، وهو يعلم أنَّ هذا المخطَّط الصهيوصليبي يمهِّد بذلك لتصفية القضية الفلسطينية، بينما هو يتباكى عليها دموعَ التماسيح!
هذا النظام لن يتوقـَّف عن إثارة الفتنة في بلاد الإسلام، ومن تابع التغطية الإعلاميّة للقنوات التابعة له أثنـاء أحداث البقيع الأسبوع الماضي، وكيف تحرّض على الفتنة، وتزييف الحقائق، يتبيّن له أنّ ما حدث في المدينة المنورة من عدوان واضح على المسلمين هناك، كان مخططاً له، ومنظَّمـاً بحيث يُثمـرُ أهدافًا سياسيّة محدَّدة، وهو أحد حلقات المخطط الإقليمي الصفوي الكبير.
ولا يخفى أنَّ التصدي لهذه المؤامـرة الخطيرة، أولى من كلِّ مهم، ذلك أنَّ خطرها أعظم من كلِّ خطر، وأنَّ ذلك لايمكن إلاَّ بنصرة المظلومين تحت نير هذا النظام الفاشي، حتّى من الشعب الإيراني الذي يعاني أيضا من ظلم النظام، وذلك بكلّ أنواع النصرة.
وبكشف مؤامراته الخارجية، وملاحقتها إعلاميًا، والإستعداد لمواجهة قوّته التي أعدَّها للانقضاض على الأمِّة، بأشدَّ من استعداده، وذلك يسير بحمد الله تعالى.
وذلك كلُّه بعد إصلاح الأحـوال كلِّها، وأوّلها، وأهمّها، وأعظمها، تعظيم شريعة الله تعالى، والتمسّك بطاعة الله تعالى، ورفع الظلم والفساد.
والله تعالى وحده حسبنا عليه توكلنا، وعليه فليتوكل المتوكلـون.
___________________________________________
* السؤال: فضيلة الشيخ ما هي قضية فدك وما قصتها؟
جواب الشيخ:
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
أرض فدك، قرية في الحجاز، كانت لليهود، ولمّا ظهر الرسول عليه الصلاة والسلام على خيبر،صالحوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكذا فعل أهلُ فَـدَك من شدّة رعبهم منه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
فكانت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ينفق منها كما أمره الله تعالى، لأنها مما لم يُوجف عليها بخيل ولا ركاب، فلما انتقل إلى الرفيق الأعلى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، عمل فيها الصديق وفق الحديث: «إنا معاشر الأنبياء لانورث، ما تركناه صدقة»، فكان يعمل فيها عمل رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم، فاتخذت الرافضة هذه القضية، ذريعة للطعن في الصحابة، وادعاء أنهم ظلموا فاطمة، وأهل البيت، وإنما مقصدهم من ذلك أهداف سياسية خبيثة.
ومن أقوى الردود عليهم، أنَّ عليًا رضي الله عنه نفسه عندما تولّى، عَمِل فيما تركه النبيِّ صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، ما عمل فيه الخلفاء الراشدون قبله، فلمّا صارت فَدَك وغيرها تحت حكمه، لم يعطها لأولاد فاطمة رضي الله عنها، ولا غيّر شيئًا مما تركه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولم يخالف من قبله من الخلفاء رضي الله عنهم أجمعين.
وقد قال الإمام ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية: "كان سهم النبي صلى الله عليه وسلم الذي أصاب مع المسلمين، مما قسم بخيبر، وفدك بكمالها، وهي طائفة كبيرة من أرض خيبر، نزلوا من شدّة رعبهم منه صلوات الله وسلامه عليه، فصالحوه، وأموال بني النضير المتقدم ذكرها، مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل، ولا ركاب، فكانت هذه الأموال لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة.
وكان يعزل منها نفقة أهله لسنة، ثم يجعل ما بقي مجْعـل مال الله،يصرفه في الكراع، والسلاح، ومصالح المسلمين، فلما مات صلوات الله وسلامه عليه، اعتقدت فاطمة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم- أو أكثرهنّ- أنَّ هذه الأراضي تكون موروثة عنه، ولم يبلغهم ما ثبت عنه من قوله صلى الله عليه وسلم: «نحن معشرالأنبياء لا نورث، ما تركناه فهو صدقة».
ولما طلبت فاطمة، وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، والعباس، نصيبهم من ذلك، وسألوا الصديق أن يسلمه إليهم، ذكر لهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا نورث ما تركنا صدقة».
وقال: "أنا أعول من كان يعول رسول الله، والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلـيّ أن أصل من قرابتي، وصدق رضي الله عنه، وأرضاه ، فإنه البار، الراشد في ذلك، التابع للحق ) أ.هـ 4/232.
أما إدّعاء أن النبيّ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وهب فدك لفاطمة رضي الله عنها، فكذب لم يصح فيه شيء.
المصدر: موقع الشيخ حامد
حامد بن عبد الله العلي
أستاذ للثقافة الإسلامية في كلية التربية الأساسية في الكويت،وخطيب مسجد ضاحية الصباحية
- التصنيف: