هل انتبهت إلى لباسها ؟
لنتقِ الله جميعاً ، ولنعلم أن اللباس الذي ترتديه الكثير من الخادمات محرم شرعا، ولو أننا اتقينا الله في أنفسنا وفي الخدم الذين يعملون لدينا لما وقعنا في هذا الخطأ العظيم..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، وأشهد أن لا إله إلاَّ
الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمّدًا عبده ورسوله سيد المرسلين
وإمام المتقين ، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه الطيبين
الطاهرين ، ومن اقتفى أثرهم بإحسان إلى يوم الدين .
أمـا بـعـد :
فإن الناظر إلى بيوت المسلمين في هذا الزمان يرى أنها بيوت
قد ملأها الخدم ، فلا تكاد تجد بيت إلا وفيه خادمة ، أو خادمتين ، وإن
شئت فقل ثلاث خادمات في بعض الأحيان ، وهذا والله نذير خطر للبيوت
وللأبناء وللمجتمع كله ، فإننا جميعاً نتفق على أن المرأة خُلقت للعمل
داخل البيت ، بل إن الرجل لو أراد أن يقوم بعمل المرأة في البيت على
سبيل التجربة لفشل فشلاً ذريعاً ، لأن مسألة العمل داخل البيت وترتيبه
والطبخ وغيرها من الأمور الخاصة بالبيت أمر فطري لدى النساء .
وأما الموضع الذي سوف نتناوله ليس وجود الخدم بكثرة في البيوت من
غير حاجة لها ، بل هو الأمر الذي أصبحنا نراه بكثرة في هذه الأيام ولا
ننكره ألا وهو اللباس الفاضح للخادمة ، فكم من خادمة رأينها في الطريق
وهي ترتدي اللباس الفاضح بشكل يلفت النظر ، عجباً لهن من خادمات كيف
يخرجن من البيوت وهن يرتدين هذا اللباس الفاضح ، ألم يرها صاحب البيت
؟ أليس هو من قام بإحضارها من بلدها ؟ ألا يخشى على أبنائه منها
؟
ثم أنتِ يا صاحبة البيت ألا يوجد لديكِ غيرة ؟ ألا ترين لباسها الفاضح
؟ أليس يوجد لديكِ في البيت أبناء ؟ ألست تخافين عليهم من الضياع
والفساد ؟ فكيف تقولين أخاف عليهم الفساد وأنتِ قد أحضرت لهم الفساد
إلى البيت ، قال الشاعر :
كل الحوادث مبدؤها من النظر |
|
ومعظم النار من مستصغر الشرر |
وعلى هذا سوف نمر سريعاً على بعض الأحكام الخاصة بالخدم ، ونذكر بعض الحوادث التي حصلت بسبب غفلة أرباب البيوت عن الخدم ، وفتاوى لأهل العلم بخصوص هذا الأمر ، والله المستعان .
حكم التبرج الحاصل عن الخدم :
الخادمة حكامها في ستر البدن مثل حكم سائر النساء لأنها وإن
كانت خادمة فهي لا تزال امرأة أجنبية ، يقول الشيخ محمد بن صالح
العثيمين : والحجاب الذي يجب على المرأة أن تتخذه هو أن تستر جميع
بدنها عن غير زوجها ومحارمها لقول الله تعالى { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ
وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ
جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ
وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [الأحزاب - آية
59]، والجلباب هو الملاءة أو الرداء الواسع الذي يشمل جميع البدن ،
وقد دلت الأدلة من كتاب الله ، وسنة رسله صلى الله عليه وسلم ، والنظر
الصحيح ، والاعتبار والميزان ، على أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها
عن الرجال الأجانب الذين ليسوا من محارمها وليسوا من أزواجها ، وذكر
الشيخ ابن عثيمين في موضع آخر أن مفاسد التبرج والسفور كثيرة منها (
فتنة الرجال بها ، زوال الحياء عند المرأة ، تعلق الرجال بها ، اختلاط
الرجال بالنساء ) وبهذا يتبن لنا حرمة التبرج الحاصل لدى الخادمات من
كشف الوجه والرقبة والنحر واليدين بل الأدهى من ذلك لبس بعضهن اللباس
الفضفاض .
حكم النظر إليها وهي ترتدي اللباس الفاضح :
يحرم النظر إلى المرأة الأجنبية وذلك لقوله تعالى { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ
أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ
اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } [سورة النور]، يقول
الإمام ابن كثير : هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من
أبصارهم عما حرم عليهم ، فلا ينظروا إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه ،
وأن يغضوا أبصارهم عن المحارم، فإن اتفق أن وقع البصر على مُحرَّم من
غير قصد ، فليصرف بصره عنه سريعًا .
تفسير ابن كثير، قال الإمام القرطبي : وغضه واجب عن جميع المحرمات،
وكل ما يخشى الفتنة من أجله ، وفي السنة النبوية جاء في سنن أبي داود
عن عبد الله بن بُرَيْدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم لعلي : « » ، قال
الشاعر :
كـل الحوادث مبدؤها مـن النظـر |
|
ومعظم النار مــن مستصغر الشرر |
والمرءُ مادام عين ذا عين يقلبها |
|
في أعين الغير موقوفٌ على الخطر |
كم نظرةٌ فتكت في قلب صاحبها |
|
فتك السهام بلا قـوس ولا وتــر |
يســر ناظـره ما ضر خاطـره |
|
لا مرحباً بسرور عاد بالضــرر |
عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فأمرني أن أصرف بصري . رواه مسلم قال الإمام النووي : ومعنى نظر الفجأة : أن يقع بصره على الأجنبية من غير قصد فلا إثم عليه في أول ذلك ، ويجب أن يصرف بصره في الحال فإن صرف فلا إثم عليه ، وإن استدام أثم ، قال العلاء بن زياد : لا تتبع بصرك رداء المرأة ، فإن النظر يزرع في القلب شهوة ، قلما يخلو الإنسان من ترداده عن وقوع البصر على النساء والصبيان . حلية الأولياء ، وقد وقع الإجماع على أن النظر أعظم الجواح آفة على القلب ، وأسرع الأمور في خراب الدين والدنيا .
بعض الحوادث التي حصلت بسبب الغفلة عن الخدم
:
لقد أصبحت مشكلة لباس الخدم مشكلة خطيرة لا ينبغي تجاهلها أو السكوت
عنها ، لأنها إن بقيت على ما هي عليه فسيكون لها عواقب وخيمة على
البلد وأهلها ، يقول صاحب أحد المكاتب : في إحدى المرات حضرت امرأة
وهي تشتكي من الخادمة ، تقول أنها ما زالت ترتدي الملابس المغرية حتى
أوقعت ابنها في شباكها وحصلت الفاحشة ، ويستطرد قائلاً : أتى رجلاً في
منتصف العمر ، وهو يقول إن الخادمة كانت ترتدي الملابس الفاضحة ، وكنت
أرى أن الملابس لا بأس بها ، ثم اكتشفت أني أصبحت أنجرف إليها حتى
أوقعتني في شباكها وحصلت الفاحشة ، فيا أصحاب البيوت ماذا تنتظرون ؟
هل تنتظرون أن تحصل الفاحشة في بيوتكم بسبب غفلتكم عن لباس الخدم
الفاضحة ؟ يقول أحد الأشخاص إنني رأيت بعض الخدم وهي ترتدي ملابس
فاضحة يقول : ولو سألت رجلاً عاقلاً عن هذه الملابس لقال انه لا يرضى
أن تلبس بناته هذه الملابس أمام أبنائه .
فتاوى لأهل العلم :
السؤال : هل يلزم أن تحتجب الخادمة التي تعمل في المنزل عن
مخدومها ؟
الجواب : نعم عليها أن تحتجب عن مخدومها وألا تتبرج بالزينة لديه ،
ويحرم عليه الخلوة بها لعموم الأدلة ، ولأن في عدم تحجبها وفي تبرجها
بالزينة ما يثير الفتة بها ، وهكذا خلوته بها من أسباب تزيين الشيطان
له الفتنة بها ، والله المستعان . فتاوى المرأة . العلامة عبد العزيز
بن باز قال العلامة محمد بن صالح العثيمين لما سئل جلب الخادمات إلى
البيوت قال : أن لها شروط منها أن تلتزم ما يجب عليها من الحجاب بحيث
تغطي وجهها ولا تكشفه ، ولا يصح أن يستدل بقول الله تعالى : { وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ
أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ
زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ
عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا
لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ
أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ
أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ
نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ } [النور:31]،
لا يصح الاستدلال بذلك على أنه يجوز للخادمة أن تكشف وجهها لمن هي
عنده ؛ لأن المستخدم لم يملكها وإنما هي أجيرة عنده ، والأجيرة
كالأجنبيَّة في مسألة الحجاب .
وهناك ضوابط ينبغي لمن أحضر الخادمة أن ينتبه لها .
• وجود الحاجة إليها ( وهذا من أهم هذه الضوابط ) .
• أن يكون معها محرم لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تسافر امرأة
إلا مع ذي محرم ) رواه البخاري .
• أن تكون مسلمة .
• أن تلتزم بالحجاب الشرعي وهو .
أ - أن لا تتعامل مع الرجال في المنزل فلا تختلط معهم ولا يدخلون
عليها في المطبخ أو غرفة كوي الملابس ، وكذلك لا تدخل عليهم في غرفتهم
أو تقدم لهم الخدمة في المجلس أو غرفة الطعام .
ب - إذا احتاجت للمرور أمامهم أو الخروج من المنزل فلابد من الحجاب
الشرعي ( العباءة الساترة وتغطية الوجه والكفين والقدمين ) .
ج - لا يتساهل في خروجها خارج المنزل لغسيل السيارة أو لإخراج القمامة
أو حمل الأمتعة من السيارة .
أخيراً :
لنتقِ الله جميعاً ، ولنعلم أن اللباس الذي ترتديه الكثير
من الخادمات محرم شرعا بدليل ما ذكرناه قبل قليل ، وأما مسألة ستر
الخادمة باللباس الشرعي فهو أمر سهل ويسير ، يقول صاحب أحد مكاتب
الخدم : إن الكفيل هو الذي يحدد نوع اللباس الذي ترتديه الخادمة ،
فبعضهم يريدها أن تستتر باللباس الشرعي ، وبعضهم لا يهتم بمسألة
اللباس ، وهذا يبين لنا أن الخطأ يحصل من أنفسنا في البداية ، ولو
أننا اتقينا الله في أنفسنا وفي الخدم الذين يعملون لدينا لما وقعنا
في هذا الخطأ العظيم ، ولو أننا علما أننا محاسبون عما يحصل منا تجاه
الخدم لكنا أفضل حال ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : كلكم راعٍ
وكلكم مسئول عن رعيته . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين .
كتبها / فايـز حمـود
راجعها
د . يوسف بن عبد الله الأحمد
أستاذ الفقه جامعة الإمام
- التصنيف: