أنصفوا حزب الله والمقاومة السنية يا قوم

منذ 2009-06-16

أمِنْ أجل العرب؟ كيف وهي تحتل جزر الإمارات "العربية"؟ كيف وهي تحرك خلاياها في لبنان والسعودية والكويت والبحرين؟ كيف وهي الدولة التي فتحت أجواءها للطائرات الأمريكية من أجل احتلال العراق "العربي"؟!

المشهد العربي المقاوماتي مشهد مثير جدًا. إنَّه مشهد مليء بالدجل والكذب والتزوير. لننظر إلى هذا المشهد بهدوء، بعيدًا عن التعصب والطائفية:

في لبنان هناك حزب الله الشيعي التابع لإيران والذي يفتخر أمينه العام حسن نصر الله كلما سنحت له الفرصة بأنَّه عضو في حزب ولاية الفقيه وأنَّه وكيل المرشد الإيراني السياسي والديني. حزب الله هذا قاتل الصهاينة بضراوة شديدة حتى أجبرهم على الإنسحاب من الشريط الحدودي في عام 2000 م، ثم دخل في حرب ثانية مع الصهاينة في تموز من عام 2006 م قيل لنا يومها أن الحزب انتصر فيها رغم أنَّه وقع على مذكرة النقاط السبع التي أنهت الوجود المسلح للحزب في الجنوب اللبناني وفرضت تواجد قوات دولية وهو ما كان يرفضه الحزب قبل الحرب بشكل قاطع. هذا إذا ضربنا صفحًا عن 1200 قتيل أو شهيد -لم يعد يهم كثيرًا- و90 ألف مبنى سكني مهدَّم مع تشريد وتهجير ربع الشعب اللبناني، وتدمير واسع وممنهج للبنية التحتية اللبنانية وخسارة اقتصادية فاقت الأربعة مليارات دولار. انتهى كل هذا بارتداد الحزب "المقاوم" على الداخل اللبناني وارتكابه كارثة إحتلال بيروت في السابع من آيار 2008.

إذا نحن أمام حزب "شيعي" إيراني الهوى، تفتخر قيادته بأنها تأتمر بأمر الولي الفقيه الإيراني. حزب دخل في حرب مع العدو الصهيوني، وكانت الحدود السورية-اللبنانية حينها مفتوحة ما سمح له بتلقي الصواريخ والقذائف والدعم اللوجستي الإيراني-السوري، الذي لا ينكره لا السوريون ولا الإيرانيون، ولا حتى أساطين الحزب. حزب يتكلم مرة عن فلسطين ومرة عن لبنان ومرة عن سوريا حتى لتظن أنَّك أمام دولة عظمى لا حزب في بلد صغير!

بينما في العراق، نجد مقاومة سنيِّةً مرَّغت أنف الدولة العظمى الأولى في العالم، وليس ربيبتها الصغرى، ومرَّغت أنف الفرس الإيرانيين بأذنابهم الذين جاءوا نتيجة زواج متعة بين الأمريكان والإيرانيين. مقاومة تُقاتل على جبهتين بشراسة شديدة وإلتزام كامل لا تحيد عنه. حدود العراق كانت مفتوحة أمام الأمريكان والإيرانيين حصريًا، بينما ظلَّت المقاومة محاصرة من الجميع بكل أسف، "القريب" والبعيد. رغم هذا مُرِّغ الأنف الأمريكي الأحمر في الرغام وأعادت المقاومة العراقية "الوطنية" -التي لم يكن قادتها تابعين لأحد هنا أو هناك- كابوس المستنقع الفيتنامي للرأي العام الأمريكي، وبدأت الأصوات الأمريكية المخلصة تدعو للخروج من هذا المستنقع الدامي. مقاومة عراقية وطنية تعتمد على نفسها فقط ولا تتلقى معونة من أحد لا صواريخ ولا قذائف ولا دعم لوجستي من أي نوع، ومع هذا تنتصر. وكان إعلان النصر قريبًا جدًا لولا خيانة الصحوات العراقية ودخولها على خط المواجهة مع المقاومة.

كما أن هناك أمر آخر يخص المقاومة العراقية "الوطنية" وهو أنَّها واجهت حربًا إعلاميةً ضروسًا. فلقد درجت القنوات "العربية" التابعة للأمريكان وتلك التابعة للإيرانيين على خلط تيار المقاومة مع التيارات الإسلامية المتشددة كالقاعدة وغيرها، كي يترسخ في الذهن أن المقاومة بكافة تنوعاتها هي جماعات "تكفيرية" يجب أن يقف الجميع في الداخل والخارج ضدها، وأنَّ المقاومة العراقية هي التي تقف خلف عمليات التفخيخ والقتل والإختطافات، رغم أن كل العقلاء يدركون أن من يقوم بهذه العمليات هي في الغالب كتائب الموت الشيعية التابعة لجيش المهدي وفيلق بدر وبعض الجماعات السنية التكفيرية، والقوات الأمريكية كما ذكر ذلك الصحافي المشهور روبرت فيسك.

رغم كل هذا صمدت هذه المقاومة، وما زالت حتى اليوم تواصل عملياتها ضد القوات الأمريكية والإيرانية المحتلة يقف مع هذه المقاومة في نفس الخندق كل الفعاليات العراقية "الوطنية" بدءًا من هيئة علماء المسلمين التي حاول الفرس وأتباعهم ربطها بالقاعدة مرارًا وتكرارًا رغم أن من بين أعضائها الكثير من العلماء والمشايخ الشيعة العرب، وانتهاءًا بعشائر البصرة من الشيعة العرب. وهي مقاومة مصيرها النصر. مصيرها الحرية والإستقلال والسيادة على غير الطريقة اللبنانية التي يريدها حسن نصر الله، تلك التي تجعل من لبنان رهينة في أيدي الفرس يفاوضون من خلالها الأمريكان والصهاينة حول ملفهم النووي ومشاريعهم التوسعية.

المثير للضحك حقًا هو موقف المقاومة اللبنانية من المقاومة العراقية، حيث دعا حسن نصر الله أكثر من مرة إلى المشاركة في العملية السياسية التي تتم في العراق تحت حراب الإحتلال الأمريكي، ورفض دعم المقاومة العراقية الوطنية وتأييدها، رغم أنها تحارب من يُفترض أنَّهم أعداؤه وأعداء الولي الفقيه!

السبب مفهوم تمامًا فنحن أمام حزب "شيعي" طائفي صفوي، يريد أن يجعل من المقاومة حكرًا عليه وعلى إخوته، وهو على استعداد كامل لتصفية أي قوة قد تنازعه هذا الإحتكار الطائفي. ومن يعرف المشهد اللبناني عن قرب يُدرك أن الحزب كان يقبض على المجاهدين السنَّة الذين كانوا يحاولون التسلل إلى إسرائيل للقيام بعمليات في العمق الصهيوني فيصفيهم أو يسلمهم إلى القوات الأمنية حتى أن الأمين العام السابق للحزب صبحي الطفيلي وصَّف هذا بالقول أن حزب الله بات حامي البوابة الإسرائيلية! من الأسباب أيضًا أن مصالح إيران تتقاطع اليوم مع الأمريكان -ومن ورائهم الصهاينة بطبيعة الحال- في الشأن العراقي، لذا فسيقف هذا الحزب "الإيراني" بعيدًا وكأن لا احتلال في العراق!!

أعتقد أنه بات من الواضح تمامًا لكل ذي لب أن المقاومة الشيعية لم تكن في يوم مقاومة "وطنية" بل مقاومة إيرانية، تمويلاً وتسليحًا وغاية، ولعل العدوان على غزة كشف المستور كما يقال. في حين أن المقاومة السنية في العراق وفلسطين هي مقاومة "وطنية" تعتمد على نفسها وتهدف إلى إخراج المحتل من أرضها وتحقيق سيادتها وإستقلالها، لا جعلها رهينة في يد أحد وعلى الأخص الولي الفقيه الفارسي.

أعتقد أن الماكينة الإيرانية-القومجية التي تعزف على وتر عداوة أمريكا والصهاينة لم تعد تستطيع تمرير أكاذيبها السخيفة على العرب بزعم أن إيران الولي الفقيه هي رأس حربة في مقاومة المشروع الأمريكي-الصهيوني، وإذا جاز لهذه الدعوى المفضوحة أن تمر، فلنسأل هذا السؤال البسيط:

مِنْ أجل مَن تقاوم إيران هذا المشروع؟

أمِنْ أجل العرب؟ كيف وهي تحتل جزر الإمارات "العربية"؟ كيف وهي تحرك خلاياها في لبنان والسعودية والكويت والبحرين؟ كيف وهي الدولة التي فتحت أجواءها للطائرات الأمريكية من أجل احتلال العراق "العربي"؟!

إذا أجبتم عن هذا السؤال وهو سؤال بسيط جدًا أدركتم أننا وقعنا فيما مضى أسرى الدعاية الإيرانية ومكائنها العربية التابعة لها والتي اتخذت من عداوة أمريكا والصهيونية شعارًا مخدرًا تجمَّعنا حول موسيقاه العذبة بسذاجة وغباء لا حدود له.

آن لكل الزيف "الشيعي" الصفوي أن يتوقف. وآن لنا أن نتدخل بقوة لوقف هذه الشرذمة التي لا تختلف عن الصهاينة في عداوتها لنا، كيف وهي ترى أننا مغتصبي الحق الإلهي لآل البيت رضوان الله عليهم كما يزعمون!!

وأنا لا أدري أي مقاومة هي تلك التي تنضح أدبياتها الدينية بتكفير أول محرر لبيت المقدس الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وأي مقاومة هي تلك التي تُكفِّر المحرر الثاني القائد العظيم صلاح الدين الأيوبي رحمه الله!!

أرأيتم أي مقاومة هي هذه؟!

نعم هو هذا: مقاومة طائفية تريد أن تحتكر حرب وعداوة أعداء الأمة، لأنها تعلم أنَّها تبيع أكثر. وأنَّها تسمح لها بترويج أجندة الولي الفقيه تحت شعار حرب الشيطان الأكبر والكيان الصهيوني. وهو ما لا ينبغي أن يمر على أحد اليوم.


عبدالله الشولاني
كاتب سعودي

Abd.alshwallani@gmail.com








المصدر: سبق الالكترونية