طبائع النفس

منذ 2015-11-28

يمكننا تحري أنفسنا ومعرفة مرتبتها في ظل فضيلتين كأفضل ما يكون من مقاييس الإيمان؛ فسبحان الذي خلق النفس وسواها وألهمها فجورها وتقواها.

نحمل في جنبات نفوسنا ألوانًا غير متناهية من بصمات طبائعنا، وقد نأمل ذات لحظة في الوقوف على أهم ملامح تلك الطبائع؛ ومن ثم فينبغي علينا متى حاولنا تقييم نفوسنا أن ننظر لها في اثنتين من الحالات:
أولاً: في أوقات الشدة والكرب والابتلاء
ثانيًا: في أوقات اليسر والرغد والسعادة

فالحالة الأولى: تبصرنا بقوة إيماننا وحسن توكلنا على الله وإنابتنا إليه؛ وبعلاقة طردية يمكننا أن ندرك أنه كلما كان الصبر متأصلاً في النفس وثابتًا فيها كلما كانت أكثر احتسابًا وقربًا من الله عز وجل الذي وعد النفوس الصابرة بالبشر والفوز في الدنيا والآخرة. وهو القائل في محكم آياته في سورة القصص: {أُولَـٰئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} [ القصص من الآية:54]، وكذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر من الآية:10].

أما الحالة الثانية: فتتعلق بسلوك النفس مع ما أنعم الله عليها، من نعم لا تحصى في الخلق والخُلُق والرزق والمال والولد والعمل والعيش؛ وبالأكثر إذا ما توافرت لديها سبل الدعة والراحة والرفاهية. فإذا ما كان سمت النفس في ذلك الحال هو الإقرار بالحمد والشكر لرب العالمين سبحانه وتعالى فإنها في مرتبة سامية رفيعة وقد منحها الله ما هو خير من النعمة نفسها ألا وهو حمد الله والثناء عليه.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أنعم الله على عبد نعمة، فقال: الحمد لله، إلا كان الذي أعطي -يعني من هدايته للحمد- أفضل مما أخذ» (البحر الزخار المعروف بمسند البزار [14/62]). وقال رب العزة تبارك وتعالى داعيًا عباده لفضائل شكره {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ } [البقرة:152]، وقوله: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم:7].  

ومما سبق يمكننا تحري أنفسنا ومعرفة مرتبتها في ظل هاتين الفضيلتين كأفضل ما يكون من مقاييس الإيمان؛ فسبحان الذي خلق النفس وسواها وألهمها فجورها وتقواها. 

------

بقلم: شيماء نعمان