حيرة
كانت ابنتي التي علي أعتاب المراهقة في حيرة من أمرها، الامتحانات اقتربت وهي ترغب في "شنطة" صغيرة مناسبة تذهب بها إلي المدرسة، لديها حوالي سبعة "شنط"! معظمها استخدمت مرات قليلة جداً لكنها لاتعجبها بالشكل الكافي، نادت علي لتأخذ رأيي، ابتسمت وأعطيتها رأيي وانتهت "الأزمة" والحمدلله..
في اليوم التالي وبعد أن قمت بتوصيلها وأختيها للمدرسة، وفي طريقي للعمل رأيت سيارة نصف نقل يجلس في صندوقها "المفتوح" العديد من طلبة المدرسة "الحكومية" التي تكافع بجوار مدرسة بناتي الخاصة في الحي الهادئ المعروف، هذه هي وسيلة المواصلات التي تحملهم للمدرسة في هذا الجو شديد البرودة من منطقتهم التي تقع علي هامش صفحة الوطن، ورأيت بنت صغيرة في حوالي السابعة من عمرها، كانت تمشي بمفردها، لايوجد من يمسك بيدها أو يعبر بها الشارع، كانت مبتسمة وتسير وهي تنشد شئياً ما، توقفت بسيارتي وتأملتها للحظات، يبدو أنها لاتعاني من حيرة ابنتي في اختيار الحقائب، لأنها كانت تضع كل الكتب والكراريس في "كيس بلاستيك"! نعم كيس بلاستيكي متواضع يقيها شر الحيرة ومتاعب الإختيار!
غادرت المكان وأنا غارق في أفكاري، قديماً قال العرب "وبضدها تتميز الأشياء" ... نعم صديقي، بضدها تتميز الأشياء!
للحياة قصتها الطويلة وسرها الذي لايدركه كل الناس، انظر الآن للنعم التي بين يديك وقل من قلبك "الحمدلله"، انظر لمن هو دونك وقل "الحمدلله الذي عافاني مما ابتلاك به"، فإنما أعطاك ليختبرك، أتشكر؟ ومنع غيرك ليختبره، أيصبر؟ ورغم أن للأشياء "قيمتها" ولاشك إلا أن سر السعادة وفرحة القلب واطمئنان الضمير وراحة البال تظل أشياء لاتشتري ولاتعوض... نعم وبصدق، أشياء لاتشتري ولاتعوض!!
عن الحياة و"قصتها"!
وسام الشاذلي
حاصل علي الماجيستير المهني والدكتوراة المهنية في إدارة الأعمال تخصص إدارة المشروعات
- التصنيف:
- المصدر: