كيف تصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم مليون مرة؟!

منذ 2015-12-30

الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم من أجَلِّ القُربات وأعظمها، وهي عِبادة كريمة، أمَر الله تعالى بها، ورَزَق المسلمين محبَّتَها، ووفَّقهم إلى الحرص عليها، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين، الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم من أجَلِّ القُربات وأعظمها، وهي عِبادة كريمة، أمَر الله تعالى بها، ورَزَق المسلمين محبَّتَها، ووفَّقهم إلى الحرص عليها، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:56]، ويَكفي بهذه العبادة شرفًا وسؤددًا أنَّ الله تعالى صلَّى على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وأمَرَ الملائكةَ الكرام عليهم الصلاة والسلام بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمَّ أمر المؤمنين بالصَّلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذه العِبادة فضلٌ كبير من الله تعالى، ولقد بيَّن الرسولُ صلى الله عليه وسلم هذا الفضلَ في مجموعةٍ من الأحاديث النبويَّة كما يلي:
عن عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قال: «أولى النَّاس بي يوم القيامة أكثرُهم عليَّ صلاةً» (رواه الترمذيُّ، وحسَّنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب).

عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «من صلى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه عشرَ صلواتٍ، وحُطَّت عنه عشرُ خطيئاتٍ، ورُفعَت له عشرُ درجاتٍ» (رواه النسائي، وصححه الألباني)، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «كلُّ دعاء مَحجوب حتى تصلِّي على النبيِّ صلى الله عليه وسلم» (رواه الطبراني، وصحَّحه الألباني) [1].

بفضل الله تعالى يمكن للمسلم أن يَنال أجرَ الصَّلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم مليون مرَّة! فمِن ينابيع الخير الشرعيَّة أن الدالَّ على الخير كفاعلِه، ولقد أكرمنا الله تعالى بفضله الواسع بتيسير السُّبل للدلالة على الخير، ولذا سيتمُّ بيان بعض الأمور الميسِّرة والسبل المتوفرة لنيل هذا الأجر:

  • يمكن نَشر فَضل الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم في مواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك وتويتر وغيرهما، ولو كان عدد الأصدقاء، والمعارف 200 شخص وقاموا بالصَّلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم بتَسخير الله تعالى لنا السُّبل لتذكيرهم بذلك، نال أجرَ الدالِّ على الخير - مثل أجورهم - ولا يَنقص من أجورهم شيئًا، ولو قام 10 أشخاص بنَشر الحديث الذي تمَّ نَشره لنال الدالُّ على الحديث ما يَتبع ذلك من أجور، وهكذا يستمرُّ الخير بالتواصي لفِعل الخير يوميًّا، وكلَّما أكثر العبد زاد القرب وزاد الأجر، وأجرُ الله تعالى كبير.
  • الحرص على تَعليم الأطفال الصِّغار الإكثار من الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ من الأبناء، ومَن لنا بهم صِلَة رَحِم، وكلَّما تتحيَّن الفرصة لذلك، وهم بدورهم سيعلِّمون غيرهم هذه العبادة.
  • تعليم الغير مواطِن الصَّلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومنها بعد الأذان؛ فعن عبدالله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتُم المؤذَّنَ، فقولوا مثل ما يقولُ، ثمَّ صلُّوا عليَّ؛ فإنَّه من صلَّى عليَّ صلاةً صلى الله عليه بها عشرًا، ثمَّ سلوا اللهَ لي الوسيلة؛ فإنَّها منزلةٌ في الجنَّة لا تنبغي إلَّا لعبدٍ من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأَل ليَ الوسيلة، حلَّت له الشَّفاعةُ»؛ (رواه مسلم). وقَبل الدعاء؛فعن فضالة بن عُبيدٍ رضي الله تعالى عنه قال: بينا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قاعدٌ إذ دخل رجُلٌ فصلَّى فقال: "اللهمَّ اغفر لي وارحمني"، فقال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «عجلتَ أيُّها المُصلِّي، إذا صلَّيتَ فقعدتَ، فاحمد اللهَ بما هو أهلُه، وصلِّ عليَّ، ثُمَّ ادعُه»؛ (رواه الترمذي).
  • والإكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة؛ فعن أوس بن أوس، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ من أفضل أيَّامكم يوم الجُمُعة؛ فيه خُلق آدمُ عليه السَّلام، وفيه قُبض، وفيه النَّفخةُ، وفيه الصَّعقةُ، فأكثرُوا عليَّ من الصَّلاة؛ فإنَّ صلاتكم معرُوضةٌ عليَّ، قالُوا: يا رسول الله، وكيف تُعرضُ صلاتُنا عليك وقد أرمتَ؟ - أي يقولون: قد بليتَ - قال: إنَّ الله عزَّ وجلَّ قد حرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء عليهم السَّلام»؛ (رواه أبو داود وصححه الألباني) [2].
  • اغتنام الوقت في المواصلات، وفي السَّير في الطُّرقات في الصَّلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وفي هذا الصَّدد يقول الشيخ الدكتور إبراهيم بن محمد الحمد: "في الدقيقة الواحدة تَستطيع أن تصلِّي على النبيِّ صلى الله عليه وسلم (50) مرة بصيغة صلى الله عليه وسلم، فيصلِّي عليك اللهُ مقابلها (500) مرة؛ لأنَّ الصلاة الواحدة بعشر أمثالها"[3]، فكَم من الدَّقائق والساعات المهدرة في غير تدبُّرٍ لقيمتها، ومعرفة عواقب اغتنامها.
  • عند نَشر المعلومات الشرعيَّة، والأحاديث النبوية ويأتي ذِكر النبيِّ صلى الله عليه وسلم في هذه المواد - يكون ناشر المقال سببًا في اغتنام العلم، وفي تَحصيل الأجر، ومن هذا الأجر تَذكير المؤمنين بالصَّلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فيَنال أجرَ صلاة كل مسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم.
  • عند القيام بالنَّشر وكتابة اسم الله تعالى في المقالات والكتب والمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي يَحرص المسلِم على تَعظيم الله سبحانه؛ وذلك على نحو قولنا: أَمَر الله تعالى، وعَدَ الله ذو الجلال والإكرام عبادَه الطائعين بالجنَّة، ونحو ذلك، وهكذا الأمر عند ذِكر اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يَرمز المسلم للصَّلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم بحروفٍ مقطعة؛ مثل "صلعم" أو "ص"، فلا يملُّ المسلم الحريص على هذه العبادة العظيمة من كتابة سُبل التعظيم لله تعالى، وسُبل التوقير لنبيِّه الكريم صلى الله عليه وسلم. وفي هذا الصَّدد قال ابنُ الصلاح في كتابه علوم الحديث المعروف بمقدمة ابن الصلاح في النوع الخامس والعشرين من كتابه: "في كتابة الحديث وكيفيَّة ضَبط الكتاب وتقييده"، قال ما نصُّه: "التاسع: أن يحافِظ على كتابة الصَّلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذِكره، ولا يَسأم من تكرير ذلك عند تكرُّره؛ فإنَّ ذلك من أكبر الفوائد التي يتعجَّلها طلَبة الحديث وكتَبَته، ومَن أَغفل ذلك فقد حُرم حظًّا عظيمًا، وقد رأينا لأهل ذلك منامات صالِحة، وما يَكتبه من ذلك فهو دعاء يثبته لا كلام يَرويه فلِذلك لا يتقيَّد فيه بالرواية، ولا يَقتصر فيه على ما في الأصل، وهكذا الأمر في الثَّناء على الله سبحانه عند ذِكر اسمه؛ نحو عزَّ وجل، وتبارك وتعالى، وما ضاهى ذلك، إلى أن قال: (ثمَّ ليتجنَّب في إثباتها نَقصين: أحدهما: أن يَكتبها منقوصةً صورةً؛ رامزًا إليها بحرفين أو نحو ذلك، والثاني: أن يَكتبها منقوصةً معنًى؛ بألَّا يَكتب (وسلم)، ورُوي عن حمزة الكناني رحمه الله تعالى أنه كان يقول: كنتُ أكتب الحديثَ، وكنتُ أكتب عند ذِكر النبي: (صلى الله عليه)، ولا أكتب: (وسلم)، فرأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي: ما لك لا تتمُّ الصلاةَ عليَّ؟ قال: فما كتبتُ بعد ذلك (صلى الله عليه) إلَّا كتبت (وسلم)... إلى أن قال ابن الصلاح: قلتُ: ويُكره أيضًا الاقتصار على قوله: (عليه السلام)، والله أعلم"؛ انتهى المقصود من كلامه رحمه الله تعالى ملخصً[4].


نسأل اللهَ تعالى أن يَجعلنا من الذَّاكرين الشَّاكرين المحسِنين الحامِدين، وأن يَرزقنا وأهلَنا والمسلمين محبَّتَه جلَّ جلاله، ومحبَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يمتِّعنا بجمال رؤية وجهِ الله الكريم، وصحبة حبيبه صلَّى الله عليه وسلم، وأن يَرزقنا جميعًا الفردوسَ الأعلى، والحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اتَّبعه بإحسانٍ إلى يوم الدين.

[1] موقع طريق الإسلام.

[2] موقع طريق الإسلام.

[3] موقع الإسلام سؤال وجواب.

[4] موقع الإسلام سؤال وجواب.

 

حسين أحمد عبدالقادر