عقيدتنا تأصيل وبيان - خصائص العقيدة الإسلامية، وسِماتها، ومميّزاتها !
** أولًا: أنها عقيدة توقيفية، مَنبعها ومَصدرها وَحْي السماء، فتقوم على التسليم الكامل، لله تعالى ولرسوله عليه السلام، وتقتصر في تلقّيها على الكتاب والسنَّة، وما أجمعَت عليه الأمَّة، وذلك لأن العقيدة غَيب، ويستحيل على العقول، أن تستقلّ بمعرفة الغيب، دون مصدر إرشاد وهداية، وإلا حارَت هذه العقول وضلَّت، وانحرفَت واضطربَت. لذا أثنَى الله على المؤمنين بقوله: { الذين يُؤمنون بالغَيب }.
** ثانيًا: مع كونها توقيفيّة، إلا أنها عقيدةٌ حيَّة، موافِقة للفطرة القويمة، والعقول السَّليمة، لم تَحجِر على العقول، ولم تُصادِمها، وكذلك لم تُطلِق لها العنَان، حتى تُقدّمها على النصوص والشَّرع، فتَخرج عن السلامة والاعتدال.
بل أتَت مُوافقةً للعقول السويَّة، والأفهام العليَّة، فلا يَجد العقل البشريّ السَّويّ، أدنَى تَعارض أو تناقض، مع مبادئها ومُحكمَاتها وتفاصيلها، لأنها على الحقيقة، تسمو بالعقل وتَرقى به وتَعلو، وتجعل منه أداةَ تَفكُّرٍ وإعمال، لا تعطيلٍ وإهمال.
وفي ذلك يقول ابن تيمية رحمه الله: ( وليس في المعقول ما يخالف المنقول ... والعقل الصريح لا يخالف السمع الصحيح، بل يُصدّقه ويُوافقه ).
** ثالثًا: لذا جاءت سهلة مُحكَمة، دون تعقيدٍ أو اضطراب، فهي عقيدةٌ نقيَّة، واضحة وضوح الشمس في ضُحاها، لا تستعصي على مسلمٍ ولو عامّيّ { ولقَد يسَّرنا القرآنَ للذِّكر }.
وكذلك مُحكمَة مستقيمة، لا لَبس فيها ولا غُموض ولا اضطراب. بل يُصدِّق بعضُها بعضًا، ويُشبه بعضُها بعضًا { ولو كان مِن عِند غير اللهِ لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا }.
قد جاءت بما يُبهر العقول، ويُحيِّر الأفهام في فهم حقائق الغيبيّات، وإدراك كيفيّتها، لكن العقول لا تستحيل ذلك ولا تردّه، بل تَطرب له عجبًا، وتنقاد له وتُذعِن فرَحًا.
** رابعًا: وكذلك هي العقيدة الوسَطيَّة، للأمَّة الخيريَّة، التي اختارها الله وفضَّلها { وكذلك جعلناكم أمَّةً وسَطًا }. فلا غُلُوّ ولا إفراط، ولا تقصير ولا تفريط، ولا شذوذ ولا اعوجاج، بل عمومٌ وشُمول، وازدهارٌ لا أُفُول، يَنصلح بها فسادُ كلّ زمانٍ ومكان، وتَعصِم صاحبَها حيثُ كان، لا مكان فيها لبدعَةٍ أو اختراع، بل الإذعان والقَبول والاتباع. وسطيَّةٌ في أحكامها وسُلوكها وأفكارها، فيَحصُل لأهلها الهُدَى التامّ، والسلامة والأمان.
** خامسًا: وهذا ما منح أهلَها، الراحة النفسيّة، وانشراح الصدر، واطمئنان القلب، كما أخبر عليه السلام: ( عجبًا لأمر المؤمن! إن أمرَه كلَّه خير ). وكذلك مُنح أهلُها، رِفعة المَكانة والقَدْر، والعِزَّ والتمكين، والأُلفة والاجتماع، والولاء والأمان، والأخلاق العليَّة، والمعيشة الهَنيَّة، والسعادة الأبديَّة، كيف لا ؟! والله يقول:
{ وعَد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليَستخلفنَّهم في الأرض كما استَخلف الذين مِن قبلهم وليُمكِّننَّ لهم دينَهم الذي ارتَضى لهم ولَيبدلنَّهم مِن بعد خَوفهم أمنًا يَعبدونني لا يُشركون بي شيئًا }.
أبو فهر المسلم
باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله
- التصنيف: