جدة تغرق وصحافتنا في سبات
السكوت على هذا الموضوع جريمة في حق الوطن والمواطن المسكين، وبيان الحقائق لصاحب القرار من واجبات الإعلام النزيه..
ها هي جده تغرق في جراحاتها، وتنقل جثث ضحاياها يوما بعد يوم، ولا زال
إعلامنا يغط في سباته حتى صحونا فجأة على فذلكات رئيس تحرير جريدة
الوطن الذي دشن قبل فترة ليست بالبعيدة هو وزملاء مهنته حملة إعلامية
منظمة على عضو هيئة كبار العلماء السابق الدكتور سعد الشثري والذي
تعرض بكل أدب لموضوع الاختلاط في كاوست، وعندها رأينا العنتريات
الصحفية لجمال خاشقجي وشلة الردح الإعلامي معه، وحينها لم تضع الحرب
الإعلامية أوزارها إلا بإقالة الشيخ الفاضل، واليوم وفي ظل المأساة
الحقيقية التي حدثت في مدينة جدة خرج علينا أبو صلاح الخاشقجي محذرا
كما في مجموعة عبدالعزيز قاسم البريدية من أدلجة الكوارث لصالح توجهات
حزبية معشعشة في مخيلة هذا الخاشقجي الذي لم يتذكر وهو يدشن حملته على
عضو هيئة كبار العلماء آنذاك مسألة الأدلجة والحزبية التي تُسيّرُ
كثيرا من أطروحاته.
الخاشقجي يريد أن يفهمنا عبر صحيفته التي اختزلها لنفسه ولمؤيديه أن
المتسبب الرئيس فيما حصل هو المواطن ولم تكن لديه الجرأة، ولن تكون
لديه الجرأة في كشف المتسبب الحقيقي في وصول حالة مدينة جده على صعيد
الصرف الصحي إلى هذا المستوى في ظل الأخبار التي تحدثت قبل خمس سنوات
عن رصد مبلغ سبعة مليارات ريال لعلاج وضع الصرف الصحي في مدينة جدة
بشكل عاجل كان من المفترض معه أن يكون هذا المشروع جاهزاً بحلول عام
2010م، وشاء الله عزوجل أن يأتي عام 2010م لينكشف المستور ويظهر
السؤال الكبير الذي يقول: أين ذهبت هذه الأموال؟ ومن المسؤول عما
حدث؟
هذان السؤالان لا يستطيع أن ينطق بهما جمال خاشقجي ولا أظنه يسمح لأحد
في صحيفته بالنطق بهما وهما سؤالان بريئان من حقنا أن نسألهما لأن
الكارثة كبيرة وكبيرة جدا، ومن المؤسف أن تمر دون محاسبة شديدة
للمتسبب!!
إن إعلامنا للأسف أصبح في حالة يرثى لها، فالشفافية والمصداقية أصبحت
مخنوقةً في إعلامنا الذي تنفذ فيه مجموعةٌ لا هم لها إلا الفساد
والإفساد ومحاربة القيم، وإسقاط هيبة العلماء والتطاول على الثوابت
وتلميع التافهين والتافهات والدفاع عن الساقطين والساقطات.
إنني وأنا أرى ماحدث في جدة أتذكر حادثة حريق مدرسة البنات بمكة
المكرمة قبل سنوات والتي استخدم فيها المؤدلجون حزبيتهم ورموا بثقلهم
تجاه هذا الحريق العرضي وأخذوا يصرخون ويولولون ويطالبون بالدمج من
أجل إصلاح الحال وأما اليوم فصمتهم على حادثة جدة صمت القبور لأنه لا
يوجد لهم في هذه المصيبة مدخل لخدمة قضية تصب في صالح توجههم الفكري
العام فهم لايستطيعون استثمار الموضوع في قضية قيادة المرأة للسيارة
ولا في موضوع الترويج للاختلاط، ولا للرياضة النسائية، ولا في سفر
المرأة وتنقلها من غير محرم، ولا في الهجوم على المناهج، وليس في هذه
الحادثة طريق إلى الهجوم على المساجد وحلقات تحفيظ القرآن ولا
الجمعيات الخيرية وهيئات الأمر بالمعروف أو جهاز القضاء، ولا يستطيعون
تجيير هذا الموضوع لصالح المطالبة بفتح دور للسينما، وهذه هي قضاياهم
الكبرى التي من أجلها يشعلون حروبهم الثقافية وأما المواطن ففي ذيل
قائمة الاهتمامات الإعلامية لكثير من هؤلاء المستصحفين.
السكوت على هذا الموضوع جريمة في حق الوطن والمواطن المسكين، وبيان
الحقائق لصاحب القرار من واجبات الإعلام النزيه، وأما أن تكون الكارثة
بهذا الحجم ويتم السكوت عنها وعن المتسببين فيها فهذا ولا شك صورة
مقيتة من صور موت الضمير الإعلامي، وهي خيانة للمهنية الإعلامية،
ومساهمة بشكل مباشر في قهر هؤلاء الضحايا الأبرياء وذويهم، والإعلام
الذي يتصف بهذا الوصف إعلام لا يستحق الثقة.
- التصنيف: