من مواقف الرجال

منذ 2003-12-22
بسم الله نبدأ وعلى هدي نبيه صلى الله عليه وسلم نسير.

بزغ في سماء الأمة نجباء, عرفوا بالفضل والإباء, لم يرضوا لأنفسهم الضيم وتوكلوا على رب السماء.

منهم هذا العملاق رحمة الله عليه الذي أنار سماء الإسلام بالمواقف الأبية, والهمة العلية, فسطر بدمه أنشودة عذبة, ورصع بمواقفه سماء الإسلام بأنبل الوقفات, إنه عملاق الفكر الإسلامي الراحل الأديب المفكر, الأستاذ سيد قطب, ولمن لم يعرف الكثير عن هذا الرجل, فقد تسيد الرجل عليه رحمة الله النقد الأدبي في عصره وصارت له مدرسة خاصة في النقد الأدبي قبل توجهه الإسلامي, وكان قبل ذلك أحد عمالقة مدرسة العقاد الأدبية, كذا, أخرج رحمه الله ديوانه الشعري الرائع الكأس المسمومة قبل توجهه الإسلامي, فلما أراد الله تعالى به الكرامة, تفرغ للمؤلفات الإسلامية, وتفرغ للدعوة إلى الله تعالى وكانت محنته المعروفة في سجون بلده, والتي أخرج خلالها مؤلفه العظيم في ظلال القرآن, وأقول هنا لبعض من يطعن في الشيخ لوجود بعض الأخطاء, "العصمة من خصال الأنبياء", وكذا يجب عدم الخلط بين كتب الرجل قبل توجهه الإسلامي وبعده.

وبالرغم من قلة أشعار الأستاذ سيد قطب رحمه الله بعد توجهه الإسلامي, فقد انتج قصيدتين أحدهما معروفه باسم (هبل هبل) والقصيدة الثانية وهي الأشهر بين شباب الصحوة الإسلامية وهي قصيدة (أخي أنت حر), وكثير ممن يسمعها ويرددها بل قد يكون حفظها لا يعلم أنها من تأليف الأستاذ سيد قطب رحمه الله تعالى وتقبله في الشهداء,

ولهذه القصيدة موقف رائع ووقفة حانية من وقفات الأب والداعية والأخ الكبير لجميع من حوله سيد قطب رحمه الله, ففي أحد أيام سجنه وقبل إعدامه, وقد مر به أحد السجانين من أمام باقي الزنازين فإذا بأحد الإخوة المسجونين يمد يده بحرارة لتحية الأستاذ سيد معرضاً نفسه لما لا يعلمه إلا الله من ألوان التعذيب والابتلاء من جراء هذا التصرف, فتأثر الشيخ عليه رحمة الله بنبل تصرف الأخ ومدى حرارة التحية فأخرج رحمه الله هذه القصيدة الرائعة (أخي أنت حر), والتي تشير بحنان عن مدى مكنونات الأستاذ سيد وأحاسيسه وحبه لإخوانه رحمه الله والتي تعبر أيضاً عن مدى شموخ وسمو الروح على ما لاقته من ابتلاء وآلام, رحم الله جند الإسلام في كل زمان ومكان وأعزهم وأعز بهم دينه, وأترككم مع رائعة الأستاذ سيد قطب "أخي أنت حر"

أخـي أنت حــرٌ وراء الســـــدود

 

أخــي أنت حـــرٌ بتلك القيــــــــود

إذا كـنـت بالله مستعـصـــمــــــــاً

 

فمــــاذا يَضيرك كيـد العبيــــــــــد

أخــــي ستبيدُ جيوشُ الظـــــــلام

 

ويُشــــرِقُ في الكونِ فجرٌ جديــد

فــأطلقْ لروحِــكَ إشراقـَهـــــــــا

 

تـرى الفـجرَ يرمُـقـُنا من بعـيــــد

أخــــي قد أصابك سهـمٌ ذليــــــل

 

وغـــدراً رمـاك ذراعٌ كـليـــــــــل

ستُبترُ يــومـاً فصـبـرٌ جـميـــــــل

 

ولم يَـدْمَ بعـدُ عريـنُ الأســــــــود

أخـي قد سَرَت مـن يديـك الدماء

 

أبت أن تُشـــلّ بقيـد الإمـــــــــــاء

ستَـرفعُ قُــربـانهـا للسمـــــــــاء

 

مـخـضـبةً بدمـاءِ الخـلـــــــــــــود

أخـي هل تُـراك سئـمـتَ الكفــاح

 

وألقـيتَ عن كاهـليكَ الســــــلاح

فمن للضحـايـا يواسـي الجــراح

 

ويرفـع رايـاتِها مـن جـديـــــــــــد

أخـي هـل سمـعتَ أنـينَ التُـــراب

 

تـدُكّ حَصـاه جيـوشُ الخـــــــراب

تُـمَـزقُ أحشـاءه بالحِـــــــــــراب

 

وتصـفـعـهُ وهو صلـب عنيـــــــــد

أخي إنـني اليـوم صـلب المِراس

 

أدُك صخـورَ الجبـالِ الــــــــرَّواس

غـداً سأُشـيح بفـأسِ الخـــــلاص

 

رؤوس الأفــاعي إلى أن تـبــيـــد

أخـي إن ذرفـتَ علـيِّ الدمـــــوع

 

وبللّـتَ قـبري بهـا في خشــــــوع

فأوقد لهـم من رفـاتي الشمـــوع

 

وسـيروا بهـا نحـو مجـدٍ تلــيــــــد

أخـي إن نمُـتْ نـلـقَ أحـبابـنـــــــا

 

فــروْضـاتُ ربي أُعــدت لـنـــــــــا

وأطـيـارُها رفـرفـت حـولـنـــــــــا

 

فـطوبى لـنا في ديـار الخـلــــــــود

أخــي إنـني ما سـئمتُ الكفـــــاح

 

ولا أنـاألقـيـتُ عـني الســــــــــلاح

وإن طـوقتـني جيـوشُ الظــــــلام

 

فإني عـلى ثـقـةٍ بالصـبـــــــــــــاح

وإني عـلى ثقـةٍ مـن طـريقــــــي

 

إلى الله رب السـنـا والشــــــــروق

فإن عـافـني السَّـوقُ أو عَـقّــــي

 

فـإني أمـين لعـهـدي الوثـيـــــــــــق

أخــي أخــذوك عـلى إثـرنــــــــــا

 

وفَـوج على إثر فـجـرٍ جـديـــــــــــد

فـإن أنـــا مُـتُّ فـإني شـهيـــــــــدٌ

 

وأنت ستمـضي بـنـصرٍ مجـيـــــــــد

قـد اختـارنا الله في دعــــــــــوته

 

وإنا سـنـمـضي عـلى سُـنـتــــــــــه

فـمــنا الـذين قــضوا نحبهــــــــم

 

ومـنا الحـفـيـظ عـلى ذِمـتـــــــــــــه

أخـي فامـض لا تلتـفـت للـــوراء

 

طريقـك قد خـضبته الدمــــــــــــــاء

ولا تـلـتـفت هـهنا أو هـنــــــــاك

 

ولا تـتـطلع لـغـيـر السـمـــــــــــــاء

فـلسـنا بطـير مهـيض الجنـــــاح

 

ولن نُستـذل .. ولن نُسـتـبــــــــــاح

وإنـي لأسمـع صـوت الدمــــــاء

 

قـوياً ينـادي الكـفـاحَ الكفـــــــــــاح

سـأثـــأرُ لكـن لـربٍ وديـــــــــــن

 

وأمـضي عـلى سُـنـتي في يقــــــين

فـإما إلى النـصـر فـوق الأنـــــام

 

وإمـا إلى الله في الـخــالـديـــــــــن



أخوكم أبو الهيثم
محمد أبو الهيثم
المصدر: خاص بإذاعة طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.