من سبب التوتر الطائفي بمصر
أعادت جريمة اغتيال سبعة من المواطنين الأقباط الأبرياء في نجع حمادي قبل أيام السؤال عن ما يمكن أن تصل إليه مستويات العنف الطائفي بفعل عمليات الشحن والتصعيد التي يمارسها رجال دين محسوبون على الكنيسة المصرية ...
أعادت جريمة اغتيال سبعة من المواطنين الأقباط الأبرياء في نجع حمادي قبل أيام السؤال عن ما يمكن أن تصل إليه مستويات العنف الطائفي بفعل عمليات الشحن والتصعيد التي يمارسها رجال دين محسوبون على الكنيسة المصرية خلال السنوات الماضية، ففي واقع متأزم ومتوتر وأجيال غاضبة من كل شيء، ومحبطة سياسيا واقتصاديا ومهمشة اجتماعيا، يكون من الخطر الشديد منح هؤلاء الفرصة بجذبهم إلى الغضب الطائفي بفعل ممارسات وتصريحات واستفزازات أصبحت برنامجا يوميا تقريبا في طول البلاد وعرضها وخارجها أيضا، أستغرب صمت الكنيسة المصرية على الشتائم والبذاءات التي توجه إلى الدين الإسلامي من رجال دين تابعين لها داخل مصر وخارجها، وناشطين أقباط مقربين من الكنيسة ورجالها خارج مصر، وهي شتائم لا يمكن أن يسمعها شاب مسلم إلا ويخرج مشحونا بغضب شديد واستفزاز طائفي خطير، ثم يأتي البابا شنودة بكل أريحية ليقول للقنوات الفضائية أنه لا يستطيع إسكات هذه الأصوات، رغم أنه أسكت غيرهم من معارضيه طوال فترة توليه الكرسي وهمش خصومه من الرموز القبطية داخل الكنيسة وخارجها وأعدمهم معنويا وحرمهم من أي حضور ديني أو غير ديني حتى حرمهم من القبر الذي يدفنون فيه، الآن يقول أنه لا يستطيع، ويريد أن يقنع أحدا بهذا الكلام، وأتصور أن كل من يسمع كلامه سيكون على قناعة بأنها مراوغة منه للهروب من الالتزام الوطني والأخلاقي وأنه شخصيا "يبارك" هذه السفالة والبذاءات الطائفية، لم يكن البابا موفقا وهو يتحدث للإعلام قبل حادثة نجع حمادي بيومين متسائلا عن السماحة التي غابت في مصر وأين أيام سعد زغلول؟!
وتجاهل أن أيام سعد لم يكن هناك البابا شنودة الذي شهد عصره أعلى
مستويات الكراهية والغضب والعنف المتبادل بين عنصري الأمة، وهي مسألة
تحتاج إلى أن تجري القيادة الكنسية المقبلة التي تخلف البابا شنودة
مراجعات جادة وعميقة وشاملة بخصوصها، كما أن سعد زغلول لم يكن
انتهازيا، كان رجلا نبيلا لا ينافق أبناء السلطان عنادا مع الرأي
العام في وطنه، ويعيرهم بأنه الرجل الوحيد فيهم، من أجل أن يحصل من
ابن السلطان على مزايا طائفية ويهدد به المحافظين ويرهب به رجال
الأمن، تحدث البابا عن أن الناخب المسلم لم يعد يختار المرشح المسيحي
في الانتخابات، والحقيقة أن هذا النوع من الكلام يتعامل معه العامة
عادة بعبارات ساخرة معروفة يصعب ذكرها في هذا السياق احتراما لمقامه،
أنت تستنفر كل طاقات الكراهية والغضب في شريكك في الوطن ثم تقول لماذا
لا تنتخبني أو تنتخب أولادي، والخطير في الأمر أن كنيسة البابا شنودة
بدت وكأنها تبارك أعمال العنف والجرائم التي يرتكبها بعض الأقباط ضد
إخوانهم المسلمين، مثل حادثة اقتحام أحد الشباب القبطي وخاله لمنزل
مواطن مسلم في الأميرية وحصد أسرته بالرشاشات بدعوى أنه تزوج من
شقيقته التي أسلمت، فقتل الزوج وأصاب الزوجة بالشلل وأصاب طفلهما
أيضا، لم يصدر أي بيان من الكنيسة أو رجالها البارزين يستنكر هذه
الجريمة المروعة، بل لقد بارك رجال دين وناشطون أقباط الجريمة
واعتبروا مرتكبها بطلا قوميا للأقباط !!
وكذلك وقائع الاعتداء الجنسي التي تكررت من بعض الشباب الأقباط على
أطفال وقاصرات مسلمات وهو ما اعتبره محللون سياسيون السبب المباشر في
أحداث نجع حمادي، لم يصدر أي بيان أيضا بالإدانة أو الاستنكار بل صدرت
تصريحات تدافع عن هذا الشباب المستهتر الذي انتهك حرمة بيوت وأطفال،
ولو أن الكنيسة تعاملت بحكمة ومسؤولية مع هذه الحوادث بإدانتها
واستنكارها والاعتذار من ضحاياها، ولو أنها مدت حبال الود والتفاهم
والحوار والمشاركة مع جيرانها وأبناء الوطن لما شهدنا هذا العنف
الخطير، نحن الآن ـ مع الأسف ـ في مواجهة دوائر انتهازية وطموحات
شخصية تستخدم الدين والطائفة كركوبة للوصول إلى أغراض دنيئة وشخصية
وعائلية، سواء من قبل مليونيرات أقباط المهجر وغلمانهم أو مليونيرات
الكنيسة في الداخل وتحالفاتهم مع رأس المال الطائفي وبعض الدوائر
الحقوقية التي تتعيش على جثة الوطن، والمواطنون البسطاء، أقباط
ومسلمون هم الذين يدفعون الثمن .
08-01-2010 م
- التصنيف: