فانكحوا ما طاب لكم
قال صلى الله عليه وسلم: ثلاث حق على الله عونهم: ... والناكح الذي يريد العفاف ..
{يَا أَيُّهَا
النَّاسُ اتَّقُوا رّبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ
وّاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً
كَثِيراً وَنِسَاءً} [النساء: 1].
وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم
مّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ
إِلَيْهَا} [الأعراف: 189].
وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا
رُسُلاً مّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً
وَذُرِّيَّةً} [الرعد: 38].
وقال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم
مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم
بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ} [النحل:
72].
وقال سبحانه: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ
خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا
وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ
لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].
وقال سبحانه: {خَلَقَكُم مّن نَّفْسٍ
وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الزمر: 6].
والزواج غنى، قال الله تعالى:
{وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ
وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا
فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ
عَلِيمٌ} [النور: 32].
وعلاج من لا يملك نفقة الزواج،
قال الله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ
الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِن
فَضْلِهِ} [النور: 33].
ونهى الله تعالى عن الانقطاع عن الزواج
للقادر عليه، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ
تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا
إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة: 87].
وأباح الله تعالى التعدد إلى أربع زوجات
بشرط العدل في المسكن والكسوة والنفقة والمبيت، قال الله
تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ
تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ
النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ
تَعْدِلُوا أ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ
أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا} [النساء: 3].
وقال صلى الله عليه وسلم: «ثلاث حق على
الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء،
والناكح الذي يريد العفاف» [رواه الترمذي وحسنه
الألباني].
وقال صلى الله عليه وسلم: «لم يُرَ
للمتحابين مثل النكاح» [صحيح الجامع (5200)].
وعن عائشة - رضي الله عنها- : «تخيروا
لنطفكم وانكحوا الأكفاء» [رواه ابن ماجة وحسنه
الألباني].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم
الأنبياء يوم القيامة» [صحيح الجامع: 294].
ولما تزوج جابر بن عبد الله ثيباً قال له رسول الله صلى الله عليه
وسلم: «هلا تزوّجت بكراً تلاعبها
وتلاعبك» [متفق عليه].
وفي الأمثال: إن المناكح خيرها الأبكار.
وعن عائشة - رضي الله عنها- قالت: قلتُ: "يا رسول الله، أرأيت لو نزلت
وادياً وفيه شجرة أُكل منها، ووجدت شجراً لم يؤكل منها، في أيّها كنت
تُرْتِعُ بعيرك؟"، قال: «في التي لم
يُرْتعْ فيها» [أخرجه البخاري]. تعني أن رسول الله صلى الله
عيه وسلم لم يتزوج بكراً غيرها.
وقال صلى الله عليه وسلم: «يا معشر
الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج،
ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وِجاء» [البخاري
ومسلم].
وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا أتاكم من
ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد
عريض» [رواه ابن ماجه وحسنه الألباني].
وقال صلى الله عليه وسلم: «تزوجوا فإني
مكاثر بكم الأمم، ولا تكونوا كرهبانية النصارى» [قال الألباني
صحيح بمجموع طرقه].
وقال صلى الله عليه وسلم: «حبب إلي
الطيب والنساء، وجعلت قرة عيني في الصلاة» [قال الألباني
إسناده حسن].
ونهى صلى الله عليه وسلم عن التبتل والانقطاع عن الزواج، عن سعد بن
أبي وقاص- رضي الله عنه- قال: "ردّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على
عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له، لاختصينا" [البخاري ومسلم].
قال ابن مسعود رضي الله عنه: "لو
لم يبق من أجلي إلى عشرة أيام، وأعلم أني أموت في آخرها، ولي طوْل
النكاح فيهن، لتزوجت مخافة الفتنة".
وقال أبو بكر الصديق- رضي الله
عنه-: "أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، ينجز لكم ما
وعدكم من الغنى".
قال عمر بن الخطاب- رضي الله تعالى
عنه-: "أكثروا من العيال فإنكم لا تدرون بمن تُرزقون".
كان ابن عباس يجمع غلمانه لما أدركوا، ويقول: "إن أردتم النكاح
أنكحتكم، فإن العبد إذا زنا نُزع الإيمان من قلبه".
قال الأعمش: "كل تزويج يقع على
غير نظر، فآخره هم وغم".
وقال عمر لأبي الزوائد: "إنما
يمنعك من التزوج عجز أو فجور".
وقال ابن عباس: "لا يتم نُسُك
النّاسِك حتى يتزوج".
وقال الإمام أحمد بن حنبل: "لو
كان بشر تزوج لتمّ أمره. ويقصد الإمام بشر بن الحارث أبا نصر
المروزي.
وقيل لأحمد: مات بشر. قال: "مات والله وماله نظير، إلا عامر بن قيس،
فإنّ عامراً مات ولم يترك شيئاً"، ثم قال أحمد: "لو تزوج".
قال ابن سيرين: "تزوج الحسن
امرأة، فأرسل إليها مائة جارية، مع كل جارية ألف درهم".
قال: "فوائد النكاح خمسة: الولد، وكسر الشهوة، وتدبير المنزل، وكثرة
العشيرة، ومجاهدة النفس بالقيام بهن.
وقال في (الإحياء): "الخصال
المطيّبة للعيش التي لا بدّ من مراعاتها في المرأة ليدوم العقد وتتوفر
مقاصده ثمانية: الدين، والخُلق، والحُسْن، وخفة المهر، والولادة،
والبكارة، والنسب، وأن لا تكون قرابة قريبة".
يروى عن عائشة- رضي الله عنها-
قالت: "إنما النكاح رقٌ، فلينظر امرؤٌ من يُرِقُّ كريمته"
(الكامل في الأدب).
وخطب أبو طالب بن عبد المطلب لرسول الله صلى الله عليه وسلم في تزوّجه
خديجة بنت خويلد- رحمة الله عليها-، فقال: "الحمد لله الذي جعلنا من
ذرية إبراهيم، وزرع إسماعيل، وجعل لنا بلداً حراماً وبيتاً محجوباً،
وجعلنا الحكام على الناس، ثم إنّ محمد بن عبد الله ابن أخي، من لا
يُوازن به فتى من قريش إلا رجح عليه براً وفضلاً وكرماً وعقلاً ومجداً
ونبلاً، وإن كان في المال قلٌّ، فإنما المال ظلٌّ زائل، وعارية
مسترجعةٌ، وله في خديجة بنت خويلد رغبة، ولها فيه مثل ذلك، وما أحببتم
من الصداق فعليَّ".
قال ابن القيم: "محبة النساء من
كمال الإنسان، قال ابن عباس: خير هذه الأمة أكثرها نساء" (الداء والدواء290).
عن طاووس قال: "لا يتمّ نسكُ
الشاب حتى يتزوج" (نزهة
الفضلاء).
وقال سعد بن أبي وقاص: رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن
مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا [البخاري].
أي: لو أذن له بالتبتل لبالغنا في التبتل حتى يفضي بنا الأمر إلى
الاختصاء.
قال الطبري: "التبتل الذي أراده
عثمان بن مظعون تحريم النساء والطيب وكل ما يتلذَّذُ به فلهذا أنزل في
حقه: {يَا أَيُّهَا الَّذِين آمَنُوا
لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلاَ
تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة:
87]".
تزوج علي بن الحسين أمَّ ولد لبعض الأنصار، فلامه عبد الملك في ذلك،
فكتب إليه: إنّ الله رفع بالإسلام الخسيسة وأتم النقيصة، وأكرم به من
اللؤم فلا عار على مسلم، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تزوج
أمته وامرأة عبده، فقال عبد الملك: إنّ علي بن الحسين يتشرّف من حيث
يتضعُ الناس (عيون
الأخبار).
قالت هند بنت عتبة بن ربيعة، أم معاوية
بن أبي سفيان: "إنما النساء أغلال، فليختر الرجل غلاً ليده"
(أعلام النساء 5/250).
وكان يقال: "البكر كالذرة تطحنها وتعجنها وتخبزها، والثيِّب عُجالة
راكب تمرٌ وسويقٌ" (عيون الأخبار
4/7).
لقد تزوج الإمام أحمد بن حنبل في اليوم الثاني من وفاة أم ولده عبد
الله، وقال: "أكره أن أبيت عزباً!".
وقال الإمام الشافعي: "إن الزواج
مباح أنه قضاء لذة، ونيل شهوة، فهو كالأكل والشرب" (المرجع السابق ص 28).
وقالت هند بنت المهلب: "ما رأيت
لصالحي النساء وشرارهن خيراً من إلحاقهن بمن يسكنَّ إليه من الرجال،
ولرب مسكون إليه غير طائل والسكن على كلّ حالٍ أوْفق" (روضة المحبين).
يقول الغزالي: "ومن بدائع ألطافه
أن خلق من الماء بشراً، فجعله نسباً وصهراً، وسلّط على الخلق شهوة
اضطرهم بها إلى الحراثة جبراً، واستبقى بها نسلهم إقهاراً وقسراً..
وندب إلى النكاح وحث عليه استحباباً وأمراً.. فإن النكاح مُعين على
الدين، ومهين للشيطان، وحصن، دون عدو الله حصين وسبب للتكثير الذي به
مباهاة سيد المرسلين لسائر النبيين..".
قال القاسم بن عبد الرحمن: كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقرأ
القرآن، فإذا فرغ قال: "أين العزَّاب؟"، فيقول: ادنُوا مني ثم قولوا:
"اللهم ارزقني امرأة إذا نظرتُ إليها سرَّتني، وإذا أمرتُها أطاعتني،
وإذا غبتُ عنها حفظتْ غيبتي في نفسها ومالي".
روى مكحول عن عطية بن بشر، عن عكاف بن وداعة الهلاليّ، أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: "يا عكاف، ألك امرأة؟" قال: "لا"، قال: "فأنت
إذاً من إخوان الشياطين، إن كنت من رهبان النصارى فالحق بهم، وإن كنت
منا فانكح، فإن من سُنّتنا النكاح" (العقد الفريد 7/76).
عن ضمرة بن حبيب أنه قال: "كان أشياخنا يستحبون النكاح يوم الجمعة"
(عيون الأخبار).
وقال بعض العلماء: "سمعتُ من
يخبر عن اختيار الناس آخر النهار على أوله في النكاح" (عيون الأخبار).
خطبة نكاح:
خطب محمد بن الوليد بن عقبة إلى عمر بن عبد العزيز أخته، فقال: "الحمد
لله ذي العزّة والكبرياء، وصلى الله وسلم على محمّد خاتم الأنبياء،
أمّا بعد: فقد حسُن ظنُّ من أودعك حُرْمته، واختارك ولم يختره عليك،
وقد زوجناك على ما في كتاب الله: إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان"
(عيون الأخبار).
أنكحك الصدق:
خطب بلال على أخيه امرأةً من بني حسل من قريش، وقال: "نحن مَن قد
عرفتم، كنا عبدين فأعتقنا الله، وكنا ضالين فهدانا الله، وفقيرين
فأغنانا الله، وأنا أخطبُ على أخي خالد فلانة، فإنْ تُنكحوه فالحمد
لله، وإن تردُّوه فالله أكبر، فأقبل بعضهم على بعض فقالوا: هو بلال،
وليس مثلُه يُدْفع، فزوّجوا أخاه. فلما انصرفنا، قال خالد لبلال: يغفر
الله لك! ألا ذكرت سوابقنا ومشاهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم!
قال بلال: مَهْ! صدقتُ فأنكحك الصدقُ" (عيون الأخبار).
وصايا لزوج البنت:
خطب عثمان بن عنبسة بن أبي سفيان إلى عتبة بن أبي سفيان ابنته، فأقعده
على فخذه، وكان حدثاً فقال: "أقرب قريب، خطب أحبَّ حبيب، لا أستطيع له
ردّاً، ولا أجد من إسعافه بُدّاً، وقد زوجتكما وأنت أعز عليّ منها،
وهي ألصق بقلبي منك، فأكرمْها يعذُب على لساني ذكرك، ولا تُهنْها
فيصغُر عندي قدرك، وقد قرّبتُك مع قرْبك، فلا تُبعدْ قلبي من قلبك"
(العقد الفريد).
استخيروا الله وردوا
خيراً:
كان الحسن البصري يقول في خطبة النكاح بعد حمد الله والثناء عليه:
"أما بعد، فإن الله جمع بهذا النكاح الأرحام المنقطعة، والأسباب
المتفرقة، وجعل ذلك في سنة من دينه، ومنهاج واضح من أمره، وقد خطب
إليكم فلا وعليه من الله نعْمة، وهو يبذُلُ من الصّداق كذا، فاستخيروا
الله ورُدُّوا خيراً يرحمكم الله" (عيون
الأخبار).
هاتو نثاركم:
وحدث أبو عثمان فقال: "مررتُ بحاضر وقد اجتُمع فيه، فسألتُ بعضهم: "ما
جمعهم؟"، فقالوا: "هذا سيّدُ الحيّ يريد أن يتزوج منا فتاة"، فوقفت
أنظر فتكلم الشيخ فقال: "الحمد لله، وصلى الله على رسول الله، أما بعد
ذلك، ففي غير ملالة من ذكره والصلاة على رسوله، فإن الله جعل المناكحه
التي رضيها فعلاً وأنزلها وحيا سبباً للمناسبة، وإن فلاناً ذكر فلانة
وبذل لها من الصداق كذا، وقد زوجته إياها، وأوصيته بوصية الله لها"،
ثم قال للفتيان على رأسه: "هاتوا نثاركم، فقلبتْ على رءوسنا غرائر
التمر" (عيون الأخبار).
هاتوا خبيصكم:
وقال شبة بن عقّال : "ما تمنيتُ أن لي بقليل من كلامي كثيراً من كلام
غيري إلا يوماً واحداً، فإنا خرجنا مع صاحب لنا نريد أن نزوِّجه
فمررنا بأعرابي فأتْبعنا, فتكلم متكلمُ القوم فجاء بخطبةٍ فيها ذكر
السموات والأرض والجبال، فلما فرغ قلنا: "من يُجيبه؟"، قال الأعرابي:
"أنا"، فجثا لركبته ثم أقبل على القوم فقال: "والله ما أدري ما تحتاطك
وتلصاقك منذ اليوم"، ثم قال: "الحمد لله رب العالمين وصلى الله على
محمّد خير المرسلين أما بعد، فقد توسّلتَ بحرْمة، وذكرت حقّاً، وعظمتَ
عظيماً، فحبلُك موصول، وفرضُك مقبول، وقد زوّجناها إياك، وسلمناها لك،
هاتوا خبيصكم" (عيون
الأخبار).
"فمن رغب عن سنتي فليس
مني"
وفي الحديث الصحيح عن أنس بن مالك قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج
النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم،
فلما أُخبروا، كأنهم تقالُّوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله
عليه وسلم؟ قد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم:
"أما أنا، فإني أُصلي الليل أبداً"، وقال آخر: "أنا أصوم الدهر ولا
أفطر"، وقال آخر: "أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً"، فجاء رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال: «أنتم الذين
قلتم كذا وكذا؟، أما والله، إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، لكني أصوم
وأفطر، وأصلي وأرقُد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس
مني» [البخاري ومسلم].
وروي في الخبر أن رجلاً من بني إسرائيل قال: لا أتزوج حتى أشاور مع
مائة إنسان، فشاور مع تسعة وتسعين وبقي واحد، فعزم أن أوّل من لقيه
غداً يشاوره ويعمل برأيه، فلما أصبح وخرج من منزله لقي مجنوناً راكباً
قصبة فاغتمَّ لذلك ولم يجد بدّاً من الخروج من عهده فتقدم إليه، فقال
له المجنون: احذر فرسي كي لا تضربك، فقال له الرجل: "احبسْ فرسك حتى
أسألك عن شيء"، فأوقفه، فقال: "إني قد عاهدتُ الله تعالى أن أستشير
أول من يستقبلني وأنت أول من استقبلني، فإني أُريد أن أتزوج، فكيف
أتزوج؟"، فقال له المجنون: "النساء ثلاثة: واحدة لك، وواحدة عليك،
وواحدة عليك أو لك"، ثم قال: "احذر الفرس كي لا تضربك ومضى"، فقال
الرجل: "إني لم أسأله عن تفسيره"، فلحقه، فقال: "يا هذا، احبسْ فرسك،
فحبسه"، فدنا منه وقال: "فسِّره لي؛ فإني لم أفهم مقالتك"، فقال: "أما
التي لك فهي المرأة البكر، فقلبها وحبها لك ولا تعرف أحداً غيرك، وأما
التي عليك فالمتزوجة ذات ولد تأكل مالك وتبكي على الزوج الأول، وأما
التي لك أو عليك فالمتزوجة التي لا ولد لها، فإن كنت خيراً لها من
الأول فهي لك وإلا فعليك"، ثم مضى فلحقه الرجل، "فقال له ويحك تكلمت
بكلام الحكماء وعملت عمل المجانين!!"، فقال: "يا هذا، إن بني إسرائيل
أرادوا أن يجعلوني قاضياً فأبيتُ، فألحُّوا عليّ، فجعلت نفسي مجنوناً
حتى نجوت منهم" (بستان
العارفين).
قال أبو عمرو بن العلاء: "قال رجل: لا أتزوج امرأةً حتى أنظر إلى ولدي
منها، قيل له: كيف ذاك؟ قال: أنظر إلى أبيها، وأمها، فإنها تجرُّ
بأحدهما" (عيون الأخبار).
وقال الأصمعي وذكر النساء: "بنات العم أصبر، والغرائب أنجب، وما ضرب
رؤوس الأبطال كابن الأعجمية" (العقد
الفريد).
وقال عبد الملك بن مروان: "من
أراد أن يتخذ جارية للمتعة فليتخذها بربرية، ومن أراد أن يتخذها للولد
فليتخذها فارسية، ومن أراد أن يتخذها للخدمة فليتخذها رومية".
اللهم هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، واجعلنا للمتقين
إماماً.
وصلى الله وسلم على نبينا محمّد وعلى آله وصحبه وسلم.
دار القاسم: المملكة العربية السعودية_ص
ب 6373 الرياض 11442
هاتف: 4092000/ فاكس: 4033150
البريد الالكتروني: sales@dar-alqassem.com
الموقع على الانترنت: www.dar-alqassem.com
- التصنيف: