أوراق في السيرة و الأخلاق - الإسراء و المعراج: هل تعوزنا قراءة جديدة؟
إن حادثة الإسراء والمعراج لم تكن ضيافة كريمة من الله؛ وتطييبا لخاطر النبي بعدما لقيه من عنت واضطهاد في مكة والطائف فحسب. ولم تقف حتما عند مرمى فرض الصلوات الخمس؛ بل انطوت على معان وإشارات ثاوية في دقائقها وتفاصيلها.
يبدو أن الصلاحية الذاتية للإسلام وتساوقه العجيب مع الفطرة يقفان حجر عثرة أمام ذبذبات الشك التي تستهدف وجدان المسلم المعاصر وعقله؛ وتجتاح بين الفينة والأخرى فضاءنا المعرفي في صورة أبحاث ودراسات ومشاريع فكرية.
فتطوير آليات المواجهة ونسف الحقائق الثابتة لن يتوقفا مادام المسلمون موقنين بأن الدين عند الله هو الإسلام؛ وأن النبوة المحمدية اصطفاء إلهي وليست تجربة تاريخية؛ أو مواهب فطرية لرجل قرر لم شعث البدو في جزيرة العرب.
إن الدراسة الاستشراقية المعاصرة؛ في حيز مهم من إصداراتها وتصريحات أقطابها؛ لا تخفي انكبابها على كل ما من شأنه قطع حبال عقيدتنا الموصولة بالسماء؛ وتبرير الامتداد الزماني والجغرافي لهذا الدين بكونه وليد عبقرية أرضية هيأ لها المناخ السياسي والاجتماعي آنذاك فرصة ثمينة لإخراج العرب من ضيق القبيلة إلى سعة الدولة؛ ثم تأسيس امبراطورية.
ولعل أشق ما واجهه البحث الاستشراقي المنحاز لموقف إيديولوجي مناويء للإسلام هو قائمة المعجزات والآيات الخارقة للعادة؛ سواء تلك التي شكلت لحظات مفصلية في مسيرة البناء العقدي؛ أو التي سعت إلى تأكيد نبوة المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ وتشريفه من دون سائر الخلق بتجليات العناية الإلهية.
لذا نجد الكتابة الاستشراقية المغرضة موزعة بين إنكارالمعجزات جملة وتفصيلا باعتبارها أمورا لا يتقبلها العقل؛ وبين إدراجها ضمن سياق يقطع صلتها بالسماء؛ كالحديث عن كونها وليدة اختلالات نفسية؛ أو ثمرة الاتكاء على ضروب السحر والكهانة لتأكيد زعامة جامحة!
وتندرج حادثة الإسراء والمعراج ضمن أكثر المعجزات تحريكا لضغائن هؤلاء بعد حادثة غار حراء؛ فكلتاهما تفضحان طوية الباحث الغربي عند مراجعته لأحداث السيرة النبوية: إما الإقرار بحدوثهما وبالتالي الاعتراف ضمنا بالإسلام كرسالة سماوية؛ وإما المناورة والافتئات والارتهان لطرح كنسي ساذج؛ لا يصمد أمام التحليل الهاديء والموضوعي.
قد يبدو الانشغال هنا بموقف "الآخر" من هذا الحدث الفريد هينا ولا يستحق أن يُلتفت إليه؛ ففي النصوص الدينية غنية وكفاية لمن كان له عقل وقلب سليم؛ لكن ما يثير مخاوفنا هو انسياق المسلم المعاصر خلف هذه القراءة المغرضة التي ترتدي مسوح العلمية والطرح الأكاديمي البحت؛ مما يزج به في دوامة شك وارتياب إزاء ثوابت الدين ويقينياته.
إن المعاني والدلالات التي تنطوي عليها حادثة الإسراء والمعراج تستحثنا لاستعراض قراءتين متجاورتين بشكل غريب. تختلفان من حيث المنبع؛ لكنهما تلتقيان عند مصب واحد هو الوقوف عند حافة "العجائب" في رصدهما لتفاصيل هذه الحادثة.
أما القراءة الأولى؛ كما أوردنا آنفا؛ فلا تعدو أن تكون تعبيرا عن موقف إيديولوجي يرى في هذا الدين عدوا لدودا للحضارة الغربية المسيحية؛ في حين أن القراءة الأخرى إسلامية تبسيطية ومختزلة؛ تجنح في الغالب إلى الاكتفاء بتخريج الأحاديث وبيان صحيحها وسقيمها؛ ثم إعادة سردها ضمن سياق حكائي قلما يعنى بالدلالات المتجددة. وليس في الأمر انتقاص من جهد الغربلة الذي اضطلع به السلف الصالح؛ ولامن المبادرة إلى توحيد الآراء المتباينة حول بعض التفاصيل؛ كالخلاف حول الرحلة هل كانت بالجسد أم بالروح؟ ورؤيته صلى الله عليه وسلم لربه تبارك وتعالى هل تمت بالعين أم بالفؤاد؟
ومن المعني بالدنو والتدلي أهو الرب تعالى أم جبريل عليه السلام؟ إلى غيرها مما لا يعدل عن ظاهرها إلا بدليل ولا استحالة في حملها عليه فيحتاج إلى تأويل كما قال الإمام النووي رحمه الله في شرحه على صحيح مسلم.
هذا الجهد المبارك مكن المسلم من التحرك داخل إطار معرفي وديني متماسك لا تضره الشبهات؛ ولا تفتنه صيحات محترفي التشكيك.
لكننا اليوم أحوج ما نكون إلى قراءة متجددة؛ تستجلي ما وراء الحدث؛ وتعيد صياغة مبحث السيرة النبوية عموما وفق لغة وخطاب يُؤهلان المسلم المعاصر لمجابهة ألوان الغزو الفكري التي تستهدف عقيدته.
• القراءة المغرضة:
" تهجد العراف"؛ إنه التشبيه الذي يعتمده كارل بروكلمان لوصف حادثة الإسراء والمعراج؛ في إحالة منه على الأوهام والهلوسات التي تطبع الرؤى الدينية لدى الشعوب البدائية. ومعلوم أن بروكلمان يُصنف في خانة المستشرقين الذين يُخالفون كل الروايات الإسلامية الصحيحة؛ ويكتبون؛ لا من باب إثبات حقائق بل لتدعيم أطروحات كنسية لا تحتاج – بزعمهم- إلى دليل؛ وفي مقدمتها أن عالم النبي الفكري منبثق عن اليهودية والنصرانية؛ وأن محمد صلى الله عليه وسلم كيفه تكييفا بارعا ليلائم الحاجات الدينية لشعبه. بل إن بروكلمان لا يتورع أن يضيف؛ وهو الدارس للغات القديمة؛ مصادر أخرى اقتبس منها النبي مقولاته الدينية وأهمها الآرامية و الفارسية والبابلية!(1).
أما الباحثة البريطانية كارين آرمسترونغ التي كال لها بعض كتابنا المسلمين الثناء لتقديمها شهادة موضوعية؛ برأيهم؛ عن محمد صلى الله عليه وسلم؛ فلا تتورع عن استحضار الإرث المسيحي المتعصب إزاء كل ما يحيل على عموم الرسالة المحمدية وعالميتها.
فهي تلجأ للنفي الصريح كما في موقفها من الرسائل النبوية إلى حكام العالم آنذاك؛ حين أعلنت دون مواربة أن هذا الخبر مدسوس لأن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يكن يرى أن الإسلام دين عالمي سيلغي ما أنزل على أهل الكتاب.
كما تعتمد النسف الذكي حين تصهر حادثة الإسراء والمعراج في قالب واحد مع الطقوس اليهودية والبوذية! فرحلة المعراج كما وردت في المصادر الإسلامية تتشابه؛ برأيها؛ مع تجربة "تصوف العرش" في التقاليد اليهودية والتي شاعت من القرن الثاني حتى القرن العاشر للميلاد؛ حيث يقوم الموهوبون بإعداد أنفسهم للتحليق الصوفي والرحلة إلى عرش الله من خلال تدريبات خاصة كالصوم وقراءة أوراد معينة؛ بل واللجوء لبعض الحيل والأساليب البدنية الخاصة كوضع الرؤوس بين الرُكب على نحو ما كان يصنع محمد بحسب الروايات الإسلامية! وبعد ذلك يشعرون أنهم بدأوا رحلة صعود تكتنفها المخاطر إلى عرش الله. وكانوا؛ شأنهم في ذلك شأن المسلمين؛ يصفون الرؤية العلوية القصوى بأساليب تقوم على المفارقة وتستعصي في جوهرها على الوصف والتعبير.
كما يشبه المعراج نفسه تجربة الدخول في سلك كهنوت الشامانيين,؛ والتي مازالت تحدث في أرجاء شمالي آسيا وأمريكا؛ وحتى العقائد الوثنية لا تخلو من تجارب مماثلة؛ فبلوغ سدرة المنتهى يرمز في الإسلام؛ كما في التقاليد الهندوسية إلى الحد الأقصى للمعرفة الإنسانية.
أما المشاهدات النبوية في هذه الرحلة فليست سوى تصوير رمزي ناشيء؛ كما في البوذية؛ عن الإحساس بالمطلق والامتداد الشاسع للوحي. إن الأمر لا يعدو أن يكون "حالة " طبيعية محضة يُولدها انضغاط الوعي الإنساني وليس نتيجة اللقاء مع "الآخر"! (2).
و على غرار آرمسترونغ يمضي كولين تيرنر في تجريد الحدث من طابعه المعجز؛ من خلال التأكيد على أن ما عاشه محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن سوى تجربة روحية ونفسية حدثت أثناء نومه؛ و أنه التقى في منامه بجميع الأنبياء والرسل مما كان له الأثر الكبير في تعزيز ثقته بنبوته؛ وتأهيله لتحمل الآتي من الصعاب(3).
• القراءة المختزلة:
ونعني بها كل قراءة تقف بمحاذاة النص غافلة أو غير عابئة بما يضج به الواقع من أسئلة وإشكالات واحتياجات. إنها القراءة التي تتعامل مع النص باعتباره إرثا معرفيا جاهزا؛ ونسقا مغلقا تلجه لا لتثوير مضامينه؛ وتحيينها وتأهيل المسلم المعاصر للتعاطي معها بفاعلية؛ وإنما للسرد التاريخي دون تعليل؛ والخوض في مسائل خلافية لا تناسب إطارها الزمني.
إن كثيرا ممن ألفوا في السيرة النبوية؛ كما لاحظ العلامة محمد فريد وجدي؛ كان معتمدهم على الأساليب البيانية والبراعة الخطابية؛ ولم يعنوا بحاجة العقول المجبولة على التشكك إلى الاطمئنان المتثبت. إن مثقفي اليوم لم يعودوا يقنعون بسرد الأحداث التاريخية دون تعليل؛ مما يقتضي عرضها في لون فكري يرضي كل متعطش للمعرفة؛ ويُقنع من يمتري في الحق لشكوك تقوم في نفسه.(4)
تقف القراءة المختزلة لحادثة الإسراء والمعراج عند حدود التهذيب والتشذيب وجرد أقوال السلف. وهو جهد لا ننكر الحاجة إليه خاصة بعد أن عمدت الذاكرة الشعبية إلى مزج تفاصيل الرحلة بتأملات المتصوفة والشعراء وخيال القصاصين؛ حتى اندرجت في خانة الأساطير التي يُغذي بها المستشرقون مطاعنهم.
غير أن هذا الجهد لا يفي اليوم بالغرض؛ ولا يستجيب لألوان القلق الفكري التي تغذيها اليوم أبحاث ودراسات وإصدارات؛ تعتمد مناهج ورؤى نقدية حديثة؛ تتغلغل بليونة وخبث في النسيج الأكاديمي العربي والإسلامي متلفعة برداء الحياد والعلمية.
• بين القراءتين:
وحدها الحركة الحرة للفكر داخل حدود النص كفيلة بالتأسيس لقراءة متجددة؛ وإحداث نقلة معرفية في الحقل الديني تستجيب لأسئلة الحاضر ورهاناته. إنه الأمر الذي تنبه له بعض كتاب السيرة النبوية في العقود الأخيرة فحققوا انزياحا ملفتا عن الكتابة النمطية في مجال السيرة النبوية؛ وارتادوا آفاقا جديدة في الفهم و تفكيك الوقائع واستنطاق الأحداث؛ مما أهل كتاباتهم لاستعادة التقارب بين عالم الدعوة الأولى وواقعنا المعاصر.
يكشف الدكتور مصطفى السباعي في كتابه الماتع "السيرة النبوية دروس وعبر" عن ثلاثة أسرار بليغة أثمرتها رحلة الإسراء والمعراج.
أولها هو ربط قضية المسجد الأقصى وفلسطين بقضية العالم الإسلامي؛ فأصبح الدفاع عنهما دفاعا عن الإسلام نفسه والتفريط فيه تفريط في جنب الله وجناية يعاقب عليها الله ورسوله.
وثانيها هو الإحالة على ما ينبغي أن ينفرد به المسلم من سمو وعلو مكانة ولزوم للصلوات الخمس التي يتحقق بها عروج روحي شبيه بمعراج الرسول.
أما ثالثها ففيه الإشارة إلى إمكان ارتياد الفضاء والخروج عن نطاق الجاذبية الأرضية. فلقد كان رسولنا صلى الله عليه وسلم أول رائد للفضاء في تاريخ العالم كله؛ وأثبت أن ريادة الفضاء والعودة بسلام إلى الأرض أمر ممكن؛ إن وقع بالمعجزة في عصره فإنه يقع للناس عن طريق العلم و الفكر(5).
أما الشيخ أبو الحسن الندوي فيعلن أن هذه الرحلة النبوية الغيبية اشتملت على معان وإشارات حكيمة بعيدة المدى؛ أهمها أنها شكلت خطا فاصلا بين الناحية الضيقة المحلية المؤقتة؛ وبين الشخصية النبوية الخالدة العالمية.
فلو تعلق الأمر بزعيم أمة أو قائد عظيم فحسب لما كان هناك داع لهذه السياحة في الملكوت؛ و لهذا الاتصال الجديد بين الأرض والسماء. إنها معجزة أثبتت أن محمدا صلى الله عليه وسلم ليس من طراز القادة الذين لا تتجاوز مواهبهم وجهودهم حدود البيئات التي ينبعون منها؛ و إنما هو من جماعة الأنبياء والرسل الذين يحملون رسالات السماء إلى الأرض؛ و رسالات الخالق إلى الخلق؛ فتسعد بهم الإنسانية على اختلاف شعوبها وطبقاتها وأجيالها(6).
في حين يستهل الشيخ محمد الغزالي جرده للمعاني المتصلة بهذه الرحلة العجيبة بسؤال مفاده: لماذا كانت الرحلة إلى بيت المقدس؛ ولم تبدأ من المسجد الحرام إلى سدرة المنتهى مباشرة؟ فيلفت انتباهنا إلى دلالة تدق على السذج؛ كما قال رحمه الله؛ وهي أن النبوات ظلت دهورا طوالا وقفا على بني إسرائيل؛ وظل بيت المقدس مهبط الوحي؛ ومشرق أنواره على الأرض وقصبة الوطن المحبب إلى شعب الله المختار؛ فلما أهدر اليهود كرامة الوحي وأسقطوا أحكام السماء؛ حلت بهم لعنة الله؛ وتقرر تحويل النبوة عنهم إلى الأبد!
ومن ثم كان مجيء الرسالة إلى محمد صلى الله عليه وسلم انتقالا بالقيادة الروحية في العالم من أمة إلى أمة؛ ومن بلد إلى بلد؛ ومن ذرية إسرائيل إلى ذرية إسماعيل.
وحدوث الإسراء و المعراج في منتصف فترة الرسالة التي دامت ثلاثة وعشرين عاما مرده إلى أن القصد من الخوارق والمعجزات في سير المرسلين الأولين هو قهر الأمم على الاقتناع بصدق النبوة؛ أما في سيرة محمد صلى الله عليه وسلم فقد تكفل القرآن بإقناع أولي النُهى من أول يوم؛ في حين جاءت المعجزات ضربا من التكريم لشخص النبي غير معطلة للمنهج العقلي الذي اشترعه القرآن.
أما التحيات المتبادلة بين النبي وإخوته السابقين؛ واستقبالهم له بهذه الكلمة: مرحبا بالأخ الصالح! ففيهما إشارة إلى أنه مرسل لتكملة البناء الذي تعهدوه؛ وأن بالإمكان اليوم؛ لو خلصت النوايا ونُشد الحق؛ أن توضع أسس عادلة لوحدة دينية؛ تقوم على احترام المباديء المشتركة وإبعاد الهوى عن استغلال الفروق الأخرى إلى أن تزول على الزمن أو تنكسر حدتها. والإسلام الذي تعد تعاليمه امتدادا للنبوات الأولى؛ ولبنة مضافة إلى بنائها العتيد؛ أول من يرحب بهذا الاتجاه ويزكيه(7).
إن حادثة الإسراء والمعراج لم تكن ضيافة كريمة من الله؛ وتطييبا لخاطر النبي بعدما لقيه من عنت واضطهاد في مكة والطائف فحسب. ولم تقف حتما عند مرمى فرض الصلوات الخمس؛ بل انطوت على معان وإشارات ثاوية في دقائقها وتفاصيلها. فهل تبري الكتابة الإسلامية المعاصرة أقلامها سعيا نحو قراءة متجددة تحقق التمازج الحكيم بين الاستنطاق الهاديء والاندفاعة العاطفية؟ ذلك ما نأمله!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ عبد الله محمد الأمين النعيم: الاستشراق في السيرة النبوية . المعهد العالمي للفكر الإسلامي . ط 1/ 1997 .ص49
2ـ كارين آرمسترونغ: سيرة النبي محمد . دار النشر سطور. القاهرة 1998 . ص 210-214 بتصرف
3ـ كولين تيرنر . الإسلام : الأسس . الشبكة العربية للنشر . بيروت 2009 . ص 47-48 محمد فريد وجدي : السيرة المحمدية تحت ضوء العلم و الفلسفة . الدار المصرية اللبنانية .ط 1 /1993 .ص13-14 بتصرف
4ـ مصطفى السباعي : السيرة النبوية دروس و عبر . المكتب الإسلامي . بيروت 1985 . ص 58-59
5ـ أبو الحسن الندوي : السيرة النبوية . دار الشروق . جدة 1989 . ص 150
6- الشيخ محمد الغزالي : فقه السيرة . دار الشروق , د.ت . ص 101 -104 بتصرف
حميد بن خيبش
كاتب إسلامي
- التصنيف: