مابال الروح لا تَنفِر؟
وتَحارُ.. في تلك التي بين جَنبَيك تَستَعِر.. ما لها لا تَنصاعُ أو تستكين..؟!
مالها لا تُبصِرُ إلا القَذى.. والنَّعماءُ في حقها أَحَقُّ أن تُرى عَينَ اليقين..؟
ما الذي أغراها بالنَّأيِ والمُراوَغة وهي تعلم.. أن الذي تَفِرُّ منه هو نهر الحياة.. وأن الذي تَنشَدُه سرابٌ زائف.. مَحضُ ألوانٍ وضوضاء.. إذا أَتَتها ما وَجَدَتها شَيئا..!
وكَيفَ لتلك الجَوارح أن تَبخَل.. والذّي خلقها وسَوّاها قال: {اعْمَلُوا}ا[التوبة: من الآية105]..!
أم كُبِّلَت وسُلسِلت.. وحيل بينها وبين السَّعي بين يَديه ولو كانت راغبة.. وصارت من أهل: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} [سبأ:54]؟
ويَزيدُ من حيرتك.. ومُساءَلَتك لنفسك وجوارحك.. كُلٌّ أشعثٍ أَغبَرٍ مَدفوعٍ بالأبواب.. تزدريه أعين الناس.. وعينيك.. تَظُنّ أنه لا يملِكُ من الدُّنيا شيئا.. وقد صدقت.. إلا من قلبٍ واجِفٍ ولسانٍ لاهِجٍ.. وحُبٍّ لمليكِه لو أقسمَ به عليه لَأَبَرَّه..!
ولَو سأله أن يُنبِت الزّهر من الصَّخر.. لَنَبَت..
ولو ناجاه أن تَربو لَه حدائق الدُّنيا بين ليلة وضُحاها.. لَرَبَت..!
ولكنه.. عَلِمَ.. فَزَهِدَ.. فَعَمِل.. وما بَرِح باب الخَوف والرجاء أن لا تزول نعمة الانطراح فقيراً بين يَدَي الغَنِيّ..!
وأما أنت... فتَنَعَّمتَ.. فَنِمتَ.. فَتَواكَلتَ وألهاكَ الأمَل.. ورغم ذلك تتساءل..
مابال الروح لا تَنفِر ولا تخلع عنها ربقة الذُّل..؟!
وقَصُرَ منك البَصَرُ والفؤاد عن الجواب من مُحكَم الكتاب..
{إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا}[الأنفال:70]
بسمة موسى
مهتمة بالقراءة في مجالات مختلفة والمجال الأدبي خاصة بفروعه المختلفة
- التصنيف:
- المصدر: