اصنع الفرحة

قالت بوجهها الهادئ الخجول وحجابها المحترم: "حضرتك مش حتفتكرني بس أنا فاكرة حضرتك كويس وعمري مانسيتك"!

اندهش قليلاً فهو لايعرفها، أكملت "كنت أجلس وأنا صغيرة مع أمي التي تبيع الخضروات علي ناصية المسجد الذي كنت تصلي فيه، كنت أول من أعطاني الحلوى ومسح علي رأسى بحنان، وعندما رأيتني أذاكر في أول سنة لي في المدرسة، أحضرت لي أدوات مدرسية وحقيبة جديدة بدلاً من حقيبتي الممزقة وأوصيتني أكثر من مرة ألا أترك دراستي وأن أحافظ علي الصلاة مهما كانت الظروف ومهما كانت الضغوط وقلت لي طالما الله موجود فلا تخافي أبداً!"...

فجأة بدأ يتذكرها، إنها هي بالتأكيد ... مضي وقت طويل فعلاً...!

قالت "لقد أكملت دراستي وأنا الآن في الصف الأول الثانوي، كان هناك الكثير من الصعاب والهموم، ولكنني تمسكت بأحلامي ودائماً ماكنت ألجأ إلي الله كما أخبرتني، وكلما ضاق الأمر تذكرت حضرتك ومسحك علي رأسي وكلماتك وتشجيعك، لم أنسك أبداً فقد كنت أول من منحني الحنان في حياتي!"...

كان المشهد مؤثراً جداً، دمعت عيناه وابتسم في نفس الوقت ... دمعت عيناها أيضاً وقالت "لقد بحثت عن حضرتك كثيراً وعلمت أنك قد تزوجت وتركت المنطقة وهاهو القدر يجمعني بك، أردت فقط أن أقول لك جزاك الله خيراً، وأن أخبرك أنني لم أتوقف عن الدعاء لك أبداً".

تحدثا لبعض الوقت ثم ودعها وانصرف وهو خارج "الزمان والمكان"!

صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وبعض كلمات طيبة وعطاءات بسيطة لها أثر كبير!

لاتحقرن من المعروف شيئاً ياصديقي، دعوة بسيطة من قلب طيب "كنت السبب في سعادته" قد تكون سبب سعادتك الدائمة في الدنيا والأخرة ...

انشر الخير واصنع الفرحة وازرع السعادة ولن يضيعك الله، لا والله لن يضيعك...!
||
مرةً أخرى ... في مدح الأخفياء الأنقياء الذين يصنعون "الفرحة" ويرسمون البسمة وينشرون الخير في الزمن "الصعب"!