أكتب صغيري

أكتب صغيري ودوِّن ما ترى.. واقصص بعينيك الحزينتين الحكاية..
اكتب وقُل.. منذ البداية.. كيف ضاع القوم.. وكيف أضاعوك معهم..
.. كيف كُنّا وكيف كانوا.. كيف هُنّا وكيف خانوا..
كيف صنعوا ألفَ عِجلٍ يَعبدونه.. يُقَبِّلون مَوطئ قدمه ويموتون دونه..
كيف طعنوك.. ومزقوك ألف مرة.. وأنت ترى أباك يُقتل.. وكأن سماءك قد انطبقت فوق الأرض.. ألف مرة..

اكتب حبيبي.. لعل بعد حين.. يأتي من يقرأ.. ويفهم.. ويعي.. كيف عشنا بعد افتضاح زيف الرجال.. كيف نضب معين فرحك.. وحملت هماً فوق عمرك..
وبت بدلاً من أن تفكر متى ستلعب.. وبم ستلعب.. تفكر متى ستأكل وكيف ستُطعم الصغار.. عفوا الكبار.. فأنت الآن رغم عقدك الأول.. رجل الأسرة الوحيد.. أو ما منها قد بَقي..

أكتب صغيري واجعل أحرفك سهاما مسددة إلى صدور الكاذبين.. اكتب وابتهل.. أن ترتد أحرفك تخترق صدورهم.. يوم ينتصرون.. يوم يكذبون.. يوم يَدَّعون أنهم كانوا عن أنفسهم خوفا منك صغيري يدافعون..!

أكتب واستودع رسالتك ودموعك رب السماء.. فَوحده القادر أن يُبَرِّدَ حرّ قلبك وبماء السكينة يغمره.. متصبرا بوعده.. «وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ» (رواه الطبراني وصححه الألباني).