أحداث الأسبوع بين حكمة الطالبان ، وإنجاز القسَّام ، وفضيحة سلطة عباس في إجهاض تقرير غولدستون
منذ 2010-04-23
تجلَّت الحكمة الأفغانيّة في حركة طالبان المباركة ، في الدستور الذي أصدرته سابقا ، والبيان الذي نشرته في العيـد ، فقـد جمعت فيهما بين شرف الجهاد دفاعاً عن كرامة الأمة الإسلامية ، وتصدياً للمشروع الهيمني الصهيوصليبي ..
تجلَّت الحكمة الأفغانيّة في حركة طالبان المباركة ، في الدستور الذي
أصدرته سابقا ، والبيان الذي نشرته في العيـد ، فقـد جمعت فيهما بين
شرف الجهاد دفاعاً عن كرامة الأمة الإسلامية ، وتصدياً للمشروع
الهيمني الصهيوصليبي ، حتى إنها دعت كلَّ شرفاء العالم إلى الوقوف
معها ضدّ هذا الوحش المُدمـِّر الذي يهدّد البشرية.
وبين ترشيد الجهاد حتـَّى لايحمل ثالوث : (الغلوُّ ، والفوضوية ،
وإقصاء الآخر ) .
والخـطّ الذي يحمل هذا الثالوث الخطير ، قـد كان معزولاً تماما إبّان جهاد الأمَّة ضد الإستعمار الماضي ، وكذلك من الجهاد الأفغاني الأوَّل ـ وأوَّل من بدا من كلامه التحذير منه القائد المجاهد عبدالله عزام رحمه الله، وللشيخ أبومصعب السوري فكّ الله أسره لفتات مهمّة ـ وإلى جهاد البوسنة ، وسلم منه عامّة جهاد الأمّة من الفلبّين إلى فلسطين طيلة عقود ، كان فيها الجهاد سالماً مـن الغلوّ في التكفير، والدماء ـ قـد وصل الآن إلى تكفير بعض الجماعات الإسلامية ! ـ ومن الفوضويّة المتمثّلة في حرق المراحل ، وفي عشوائية لغة الخطاب ، وفي الخلط بين الثوابت ، والمتغيرات .
ومن إحتكار الجهاد ، ومحاربة إخوة السلاح.
ثم ظهر هذا الخـط في بعض الساحات بأًخَـرَةٍ ، فأثمـر بعض التعويـق لأهداف الجهاد ، و تشويها لصورته.
غير أنه بالنسبة إلى جهاد الأمة المشرف ، لايشكل إلاّ جزءاً
يسيراً ـ كما ذكرت في لقاء الشريعة والحياة في قنـاة الجزيرة ـ ومن
الواضح جداً أنَّ أعداء الأمة ، وحتى الأنظمة السياسية التي تعمل ضد
أهداف الأمَّة ، لاتكره ـ إلى حدّ ما ـ وجود هذا الخـط ، خلافاً لما
تبديه في وسائل الإعـلام !
ذلك أنَّ إستثماره ، في لعبة ( إدارة الأزمات ) مفيد جداً ـ كما
فعل السادات ـ وإلاَّ فكيف يُفسَّـر سجن أكثر من مائة عالم معروفين
بفكر لايمتُّ إلى الغلوّ بصلة ، وبأيديهـم حمايـة الشباب الإسلامي من
ظاهرة الغـلوّ ، ولاجريرة لهم إلاّ حماية الأمّة من المخطط التغريبي ،
سوى للسماح بـ(قَـدر ) من ظاهرة الغلوّ (المفيدة ) سياسيا ، فهي
تمهـّد لمخطّط التغريب ، وتسهّل مروره ، وهو يبدأ بمؤسسات التخريب ـ
والإختلاط في الجامعات جزءٌ منه ـ ويمـرّ بإرباك فعـزِْل هويّة
المجتمـع الإسلامية ، ولاينتهي إلاّ بسلخه تماما من دينه ، وقـد
رأيـنا هذه المراحل الخبيثة في تونس كأقبح نموذج لهذا المخطط الخطيـر
الذي ينشـط اليوم في جزيرة الإسلام ، ويقوده أحفاد مسيلمة الكذاب ،
برعاية جهات رسمية !
والحاصل أنَّ طالبان بحكمتها حسمـت مادة تلك الظاهرة ، وحاصرتها
بوضع دستور يحدّد الثوابت ، ويقطع الجدل ، ويمنع البعثرة الفكرية
.
كما حُدّد في بيان قائد الحركة الملا عمر وفّقه الله ، رؤية
الحركة في المرحلة ، وهي :
استقطاب الشعب الأفغاني بكافة أطيافه لتحرير أرضه ، وتحييد دول
الجوار ، برسالة تطمين مناسبة ، واستدعاء كل المسلمين لمساعدة طالبان
في مشروع التحرير وطمأنتهم أن طالبان ستكون رصيدا للأمّة ، ومشروع
بناء لها ، لا هدم لحضارتها ، خلافا لما يروّج له الغـرب الكاذب
.
ثم استدعاء كلِّ الشعوب المحبّة للحرية لمساعدة الشعب الأفغاني
في هدفه السامي لتحرير أرضه ، وإجهاض القوى الإستعمارية الكبرى التي
تريد نهب ثرواته ، ومحاربة ثقافته ، واستغلال قدراته ، و أرضه ،
لأطماعها العالمية في مواجهة الصين ، وروسيا ، والسيطرة على العالم
.
ولاريب أنَّ هذه الحكمة الأفغانية قـد نبعت من عبقرية العقل
الأفغاني ، ومن تجارب شعب عريق ضربت عراقته في عمق التاريخ ، وشيوخ
حركة جهادية قـد نجّذتهـم الحـروب ، فتعلّموا منها أنّ قوة السلاح لا
تـستغني عن حنـكة السياسة ، وشدّة السواعد لا تغني عن حلم القيادة ،
كما علمهم السِّلم أنْ لاطاقة لطائفة لوحـدها بالنهوض بالأمّة ، حتى
تتكامـل مع بقية شرفاء الأمة ، بل المسلمون قد يحتاجون للتحالف مع
غيرهم لدفع شرور القوى المستكبرة .
ولاريب أن كلِّ ما ورد في بيان الحركة ، ودستورها ، عليه دليلٌ
من الشريعة الحكيمة ، وسنبيّن هذا لاحقا بإذن الله تعالى .
ونجدّد هنا الحضّ على دعم حركة طالبان ، والدفاع عنها ، لتنهض بمشروعها الإسلامي ، الهادف إلى دحر العدوان على أرض الإسلام ، وإلى إلحاق الهزيمة بأشدّ مشروع خطورة على أمّتنا منذ بزغ فجرها ،وهو المشروع الصهيوصليبي العالمي المتستر بـ( الحرب على الإرهاب ) وهو يحارب الإسلام .
وأما ماجرى في فلسطين الحبيبة ، هذا الأسبوع ، فمن أعجب العجاب
،
وكأنّ الله تعالى أراد أن يقارن الناس بين إنجاز القسّام الذراع
العسكري لحركة حماس الجهادية ، وبين فضيحة سلطة عباس ـ دايتون ، فجعل
الأمرين متزامنين ، في سياق مشهـد ينظـر إليـه العالم بأسره .
وكأنّ المشهد يقول : ها هـي جنود القسّام البواسل قـد ضحّت
بأرواحهـا لأسرى شاليط ، فأثمر شريطٌ واحد مدة دقيقة فقط ، إلى
الإفراج عن نصف الأسيرات في سجون الصهاينة ، وفيهم طفل هو أصغـر أسير
في العالم.
فهذا هو إنجاز الأبطال ، وتلكم هي تضحيات الرجال .
أما سلطة عباس ، فبينما كانت حماس تفرج عن أسرى الفلسطينيين ،
بعرض شريط شاليط ، بعزِّة المجاهد ، وإباء المنتصـر ، لابذُلِّ
التسوّل العباس ـ دايتوني.
كان فياض يفيض حقداً على شعبـه ، عندما تعاون مع الأمريكيين ،
والصهاينة الأنذال لإجهاض تقرير غولدسـتون الذي يفضح جرائم الكيان
الصهيوني في غزة ، ويمهـّد الطريق لإتهامهم بجرائم حرب ، وتشويه
صورتهم في العالم ، وملاحقة زعماءهم قضائيـّا.
والعجب والله كلّ العجب من هذا الحقد الذي في صدور عباس وزمرته
على الشعب الفلسطيني ، فأكثر من 35 دولة كانت متحمّسـة مع القرار ،
وقاومت الضغوط الأمريكية والصهيونية ، مضحّية بمصالحها ، إنتصارا
لدماء غزة ، وشهداءها ، وقـد كان العالم كلّه ينتظر لحظة وضع الصهاينة
في قفص الإتهام .
حتى إذا جاء دور السلطة العباسية القذرة ، اتصل عباس بسفيره في
جنيف ، يأمره بتبشير السفير الصهيوني بأنّ السلطة تريد سحب التصويت
على قرار إدانة الصهاينة فيما أقترفوه في غزة !!
وهي صورةٌ من صور الكرم العباس ديتوني الذي لاينقطع للصهاينة ،
وهدية مجانية لقائد الإجرام العالمي نتنياهـو ، وإهانة لكلّ الشعب
الفلسطيني ، بل لكلّ المسلمين ، ومتاجرة بدماء الشهداء في فلسطين ،
وإيذاء بالغ لجميع الأسرى ، وإحباط لمعنوياتهم ، ومعنويات الشعب كلِّه
، وتآمر على كلِّ حقوق الشعب الفلسطيني .
وهذا الكرم المجانيّ جاء وسط تصعيد تهويد القدس ، وتوسيع
المستوطنات ، وزيادة حفر الأنفاق تحت الأقصى ، وتضييق على حقوق الشعب
الفسلطيني على كل المستويات.
إنها جريمة لاتوصف قذارة ، بل القذارة نفسها تتبـرّأ منها ، ولا
يمكن نعتها خسّةً ، ودناءةً ، بل الخسّة ، والدناءة ، تتنزّهان عن
خسّتها ، ودناءتها.
وهي عارٌ تاريخـي ملصق على جبين السلطة ملطـَّخ بـ (دم حيض عاهرة
صهيونية ملوثة بالإيدز ) !
ولايغسـله إلاَّ أن يقوم عباس بعملية استشهادية ، وكذلك من معه ،
وأنىّ لهـم ذلك ؟!!
وعلى جبين فتح معها أيضا ، إلاَّ إذا قام شرفاؤها بحرب لاهوادة
فيها على عباس وعصابته المجرمة حتى يسقطوهم ، ثم ينزعوا عمّا هم
فيه.
ولاتفسير لهذه الجريمة سوى أن الصهاينة ـ كما ألمح ليبرلمان من
طرف خفيّ إلى هذا في تصريح له الأسبوع الماضي ـ قـد هدَّدوا عباس
وعصابته ، بنشر كلّ الوثائق ، والتسجيلات التي تثبت تورطهم في تحريض
الصهاينة على غزة ، وفي إشتراكهم في هذه الجريمة ، مما يعني أن السلطة
نفسها ستُدرج أسماء قادتـها على لائحة الإتهام بإرتكاب جرائم حرب ضد
الشعب الفسلطيني الأعزل في غزة !
ويبدو أنَّ مثلث ـ عباس فياض عريقات ـ وبقيـّة الذين يعملون
لحساب هذه العصابة ، ويتقاسمون معهم شيكات الأمريكيين والصهاينة ،
ليسوا من الشعب الفلسطيني النبيل ، ولم ينبتوا من تربته ، ولا شربوا
من حليب أمهاته النجيبات ، فهؤلاء صنف آخر لاندري من أي سلالة من
الخبث ، والخبائث ، يتحدّرون ، وقد يكون في درج مكتـب إبليس وحده
شهادات ميلادهم !
نعم هذا هو عار السلطـة لاتخفى منه خافية.
وشريط شاليط الذي حرَّر الأسيرات ، ذاك هو شرف القسّام.
بجبهة العيـر ، يفـدى حافـر الفرس !
فأيُّ الفريق أحـقّ بقيادة القضية الفلسطينية ، إن كنتم تعلمـون
؟!!
والله الموفق وهو حسبنا ونعم الوكيل نعم المولى ونعم
النصـير.
المصدر: موقع الشيخ حامد العلي
حامد بن عبد الله العلي
أستاذ للثقافة الإسلامية في كلية التربية الأساسية في الكويت،وخطيب مسجد ضاحية الصباحية
- التصنيف: