أعظم شهادة
أعظم شهادة على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وأكبر شهادة؛ هي شهادة الله سبحانه لمحمد صلى الله عليه وسلم وتأييده بالوحي والمعجزات وإجراء ذكره وتوصية الأنبياء باتباعه وأمرهم بتوصية أتباعهم بنصرة محمد صلى الله عليه وسلم.
أعظم شهادة على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وأكبر شهادة؛ هي شهادة الله سبحانه لمحمد صلى الله عليه وسلم وتأييده بالوحي والمعجزات وإجراء ذكره وتوصية الأنبياء باتباعه وأمرهم بتوصية أتباعهم بنصرة محمد صلى الله عليه وسلم.
والعلماء من أهل الكتاب يعرفون صدق محمد صلى الله عليه وسلم وصحة رسالته كما يعرفون أبناءهم بل هم أكثر معرفة بمحمد صلى الله عليه وسلم من معرفتهم بذرياتهم.
قال تعالى:{قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ . الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام 19:20] .
قال السعدي في تفسيره: {قُلْ} لهم -لما بينا لهم الهدى، وأوضحنا لهم المسالك-: {أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً} على هذا الأصل العظيم.{قُلِ اللَّهُ} أكبر شهادة، فهو {شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} فلا أعظم منه شهادة، ولا أكبر، وهو يشهد لي بإقراره وفعله، فيقرني على ما قلت لكم، كما قال تعالى {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقَاوِيلِ . لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ . ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} [الحاقة: 44]، فالله حكيم قدير فلا يليق بحكمته وقدرته أن يقر كاذبًا عليه زاعمًا أن الله أرسله ولم يرسله وأن الله أمره بدعوة الخلق ولم يأمره وأن الله أباح له دماء من خالفه وأموالهم ونساءهم وهو مع ذلك يصدقه بإقراره وبفعله فيؤيده على ما قال بالمعجزات الباهرة والآيات الظاهرة وينصره ويخذل من خالفه وعاداه فأي شهادة أكبر من هذه الشهادة؟"
وقوله {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}،أي وأوحى الله إليَّ هذا القرآن الكريم لمنفعتكم ومصلحتكم لأنذركم به من العقاب الأليم والنذارة إنما تكون بذكر ما ينذرهم به من الترغيب والترهيب وببيان الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة التي مَن قام بها فقد قبل النذارة فهذا القرآن فيه النذارة لكم أيها المخاطبون وكل من بلغه القرآن إلى يوم القيامة فإن فيه بيان كل ما يحتاج إليه من المطالب الإلهية.
لما بيّن تعالى شهادته التي هي أكبر الشهادات على توحيده قال قل لهؤلاء المعارضين لخبر الله والمكذبين لرسله {أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أَشْهَدُ}، أي إن شهدوا فلا تشهد معهم.
فوازِنْ بين شهادة أصدق القائلين ورب العالمين وشهادة أزكى الخلق المؤيدة بالبراهين القاطعة والحجج الساطعة على توحيد الله وحده لا شريك له وشهادة أهل الشرك الذين مرجت عقولهم وأديانهم وفسدت آراؤهم وأخلاقهم وأضحكوا على أنفسهم العقلاء.
بل خالفوا بشهادة فطرهم وتناقضت أقوالهم على إثبات أن مع الله آلهة أخرى مع أنه لا يقوم على ما قالوه أدنى شبهة فضلا عن الحجج واختر لنفسك أي الشهادتين إن كنت تعقل ونحن نختار لأنفسنا ما اختاره الله لنبيه الذي أمرنا الله بالاقتداء به فقال {قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ}،أي منفرد لا يستحق العبودية والإلهية سواه كما أنه المنفرد بالخلق والتدبير.
{وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} به من الأوثان والأنداد وكل ما أشرك به مع الله فهذا حقيقة التوحيد إثبات الإلهية لله ونفيها عما عداه.
لما بيَّن شهادته وشهادة رسوله على التوحيد وشهادةَ المشركين الذين لا علم لديهم على ضده ذكر أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى {يَعْرِفُونَهُ} أي يعرفون صحة التوحيد {كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} أي لا شك عندهم فيه بوجهكما أنهم لا يشتبهون بأولادهم خصوصًا البنين الملازمين في الغالب لآبائهم.
ويحتمل أن الضمير عائد إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأن أهل الكتاب لا يشتبهون بصحة رسالته ولا يمترون بها لما عندهم من البشارات به ونعوته التي تنطبق عليه ولا تصلح لغيره والمعنيان متلازمان.
قوله {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} أي فوتوها ما خلقت له من الإيمان والتوحيد وحرموها الفضل من الملك المجيد {فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} فإذا لم يوجد الإيمان منهم فلا تسأل عن الخسار والشر الذي يحصل لهم.
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- المصدر: