ردا على هجوم الكيان الصهيوني على نشطاء أسطول الحرية
في ذات العام الذي دخل فيه التتار بغداد عاصمة الخلافة العباسية ولد عثمان بن أرطغرل مؤسس الدولة العثمانية فيما بعد، وفي ذلك معنى عميق لمن يتدبر التاريخ، فهذا الدين لا يموت !
أحب أن أبشر أعدائنا بأن نهايتكم قد اقتربت بإذن الله. قال تعالى في
سورة الإسراء: {وقضينا إلى بني إسرائيل
في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا . فإذا جاء وعد
أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان
وعدا مفعولا . ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين
وجعلناكم أكثر نفيرا . إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا
جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة
وليتبروا ما علوا تتبيرا . عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا
جهنم للكافرين حصيرا}
و لئن عرف التاريخ أوسا و خزرجا ***
فلله أوس قادمون و خزرج
وإن كنوز الغيب تخفي طلائع *** صابرة رغم المكائد تخرج
اقرأ و تدبر معي قوله تعالى: {ولو
أرادوا الخروج لأعدوا له عدة، ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم، وقيل
اقعدوا مع القاعدين}.
معا حتى نصلي في الأقصى
في ذات العام الذي دخل فيه التتار بغداد عاصمة الخلافة العباسية ولد
عثمان بن أرطغرل مؤسس الدولة العثمانية فيما بعد، وفي ذلك معنى عميق
لمن يتدبر التاريخ فهذا الدين لا يموت، نعم قد يمرض المسلمون ويسقمون
لبعدهم عن دينهم أو لمفاهيم خاطئة عن الدين تؤدي بهم إلى ترك أسباب
التفوق في الحياة، لكن ما يكاد يمر وقت قصير حتى تعود الروح تسري فيهم
مرة أخرى بعد أن يدركوا عظمة هذا الدين و مقدار المسئولية الملقاة على
عاتقهم.
نذكر هذا و نحن نواجه جدارا يبنى لتركيع إخواننا في فلسطين، وكنيسا تم بناؤه في ساحة الأقصى وسط صمت رهيب حتى من جانب الشعوب، ونؤكد أن هذه اللحظة المؤلمة قد تكون بداية لنهضة على مستوى الأمة تنتهي بعودة الروح فيها و إعادة فلسطين بأكملها من البحر إلى النهر بإذن الله تعالى. و سنبدأ بإذن الله تعالى سلسلة نبين فيها حقيقة العدو الصهيوني و نقاط قوته وكيف يمكن التعامل معها و تحجيمها، و نقاط ضعفه و كيف يمكن استغلالها لمواجهته والتغلب عليه. ولا أدعي هنا أنها النموذج الأمثل أو أنها ليس بها أخطاء، ولكنها أطروحة قد تخضع لتمحيص أكبر من جانب العلماء و أهل الخبرة والرأي حتى نصل إلى مرادنا جميعا بإذن الله تعالى، ويكفينا هنا أن نبعث الحركة في الماء الراكد.
و هدفنا هو عودة فلسطين و الصلاة في المسجد الأقصى بإذن الله تعالى و نذكر بأن للنصر أسباب بينها رب العالمين:
* قال تعالى: {إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم}، فلا سبيل لنا إلا هذا الدين و أن نكون من جند رب العالمين. وهنا نذكر مقولة للشيخ عبد الرحمن الدوسري رحمه الله قالها عندما كان الاتجاه القومي هو السائد في الشارع العربي فقال رحمه الله منتقدا القوميين العرب "جعلوا من فلسطين قميص عثمان، لو استرجعوا فلسطين فبماذا يحكمونها؟ مع أن استرجاع فلسطين بدون الرسالة لا يمكن، فلسطين انتزعها اليهود بعقيدة ولا تنتزع منهم إلا بعقيدة أصح منها، يقولون عروبة القدس عروبة القدس، ولا يقولون إسلامية القدس لأنهم لا ينوون أن يحكموها بالإسلام"، و هذا الجانب يجب أن يكون واضحا فنحن أمة أعزها الله بالإسلام فمهما ابتغت العزة في غيره أذلها الله. هذا الجانب يعمل عليه كثيرا من العلماء والمصلحين فجزاهم الله خيرا، ونحاول أيضا أن يكون لنا دورا ولو من خلال مشاركات بسيطة.
* و قال تعالى أيضا في محكم التنزيل: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل
ترهبون به عدو الله و عدوكم}، و المتأمل في كلمة قوة يجدها
عامة لا تشمل فقط الإعداد العسكري بل تتسع لتشمل الجانب الإعلامي و
الدراسات الاستراتيجية و الإعداد الاقتصادي والموارد البشرية، هذا
الجانب يكاد يكون مهملا تماما إلأ من محاولات على استحياء. ولذلك
سنحاول أن نتعرض له و نبين بعض الأطروحات التي قد تبدو بسيطة و لكن إن
أخذ بها رجل الشارع المسلم سيرى أن لها أثرا كبيرا جدا على المدى
البعيد بإذن الله تعالى.
و حتى نكون أكثر وضوحا، إن مواجهة العدو الصهيوني لها ثلاثة محاور من وجهة نظري المتواضعة:
المحور الأول: قطع خطوط إمداده المتمثلة في الدعم الرهيب من القوى
الاستعمارية (أو على الأقل خلخلة تلك العلاقة)
* تذكر كتب السيرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قام بحصار الطائف قام بمحاصرتها من جهة حليفتها هوازن حتى يقطع عنها الإمدادات المتوقعة. فالرسول صلى الله عليه و سلم الذي اصطفاه ربه هو من علم أمته سنة الأخذ بالأسباب و بذل كل ما في الوسع ثم يحكم الله ما يشاء. وسنحاول في تناولنا لهذا المحور عرض نبذة تاريخية عن أسباب تلك العلاقات وكيف يمكن خلخلتها باستخدام الطرق المشروعة.
* ملحوظة: نبه الشيخ محمد موسى الشريف على أن الاستعمار أمر محمود لغة "واستعمركم فيها" واقترح لفظ "الاستخراب" بديلا، ولكن سنستعمل في بحثنا هذا كلمة الاستعمار لشيوعها في الوقت الحالي، ولذلك وجب التنبيه.
المحور الثاني: خلخلة الكيان الصهيوني من الداخل
* رغم أن اليهود يستخدمون أخبث الطرق في هذا المحور معنا من نشر للإباحية و ترويج للانحراف و تدمير الصحة العامة للمجتمع (قضية المبيدات المسرطنة على سبيل المثال)، ويقومون بإضعافنا اقتصاديا و تمزيقنا اجتماعيا، و محاربتنا على جميع الأوجه بكل الوسائل الممكنة، لكننا بإذن الله لن نواجههم إلا بالوسائل المشروعة فنحن خلقنا في هذا الكون لعبادة رب العالمين و لن نخرج عنها بإذن الله تعالى. و سنقوم بعرض النظريات التي قام عليها هذا الكيان و كيفية التعامل معها لنجعلهم مهزومين عقائديا، ونفسيا، واقتصاديا، واجتماعيا تمهيدا للمرحلة النهائية بإذن الله تعالى.
المحور الثالث: بناء كياننا الإسلامي من الداخل
* وهنا أؤكد قبل أن أبدأ أن دورنا في الوقت الحالي لا يتعدى أبدا النصيحة سواء لعامة المسلمين أو لرجال الإعلام أو للحركات الإسلامية أو حتى للأجهزة الرسمية فالدين النصيحة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. و سأضرب مثالا بمصر لأن "أهل مكة أدرى بشعابها" ولكني حقيقة أتمنى الخير لكل أمتنا تماما مثل مصر، و مصر حقيقة تواجهها معضلات كبيرة، فالأمن الغذائي المصري في حالة يرثى لها (مصر أكبر دولة مستوردة للقمح الأمريكي في العالم)، والأمن المائي مهدد أيضا بشدة فمصر مقبلة على أزمة مائية كبرى في غضون سنوات قليلة (كما أن اليهود بدأوا في السيطرة على منابع النيل)، و الأمن العسكري مهدد بقوة حيث أن سيناء تعتبر خارج المعادلة العسكرية المصرية بل و مكشوفة سكانيا مما يجعل من خطورة فقدها ورقة ضغط في الوقت الحالي على الجانب المصري، وليس ذلك فحسب بل و المعادلة العسكرية الأمريكية تقوم على أن توفر للدول العربية أسلحة دفاعية في حين يكون لدى الكيان الصهيوني أسلحة هجومية مما يجعل العرب في حالة خوف وخضوع دائم وتنازلات لا تنتهي، كما أن مصر ليست مستقرة سياسيا و الوضع مضطرب فيها جدا، ناهيك عن الحالة الصحية والاجتماعية والتعليمية التي وصلت إلى حافة الانهيار.
باختصار الصورة تكاد تكون مظلمة تماما في الوقت الحالي وقد يكون أصابك
اليأس بعد أن عرفت جانبا من الحالة السيئة التي نحن فيها الآن، ولكن
للنصر أسباب بإذن الله تعالى، و ما تم هدمه منذ سنوات يحتاج لوقت
لإعادة البناء (وليس طويلا كما يظن البعض)، ولكن تأكد أن النصر قادم
بإذن الله تعالى لأن رب العالمين وعدنا بالنصر إذ قال في محكم تنزيله
{يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله
ينصركم ويثبت أقدامكم}.
و هنا أحب أن أذكر حادثة وقعت معي منذ سنوات.. كنت أفكر في كيد الكفار
للمسلمين و حالة الغفلة التي نحن عليها، وكنت أتدبر بعض ما يقومون به
ووصلت لحالة من الهم شديدة حتى أني لم أستطع النوم إلا بصعوبة،
واستيقظت متأخرا لصلاة الفجر فدخلت والإمام يقرأ هذه الآية: "وقد
مكروا مكرهم وعند الله مكرهم، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال، فلا
تحسبن الله مخلف وعده رسله، إن الله عزيز ذو انتقام" فنزلت على قلبي
كأبرد ما يكون، ومن يومها كلما كنت في نفس الموقف أتذكر هذه الآية
فتهدأ نفسي.
نعم لابد من العمل لصد كيدهم، ولكن أحببت أن أطمئنكم أن من كان الله
معه فهو حسبه و نعم الوكيل.
نفكر سويا و سيعيننا رب العالمين فهو حسبنا ونعم الوكيل. و تستمر السلسلة بإذن الله تعالى.
محمد نصر
17 - جمادى الآخرة - عام 1431 هـ
31 - مايو - 2010 م
- التصنيف: