شهر خير وبركة
من رحم في شهر رمضان فهو المرحوم، ومن حرم خيره فهو المحروم، ومن لم يتزود فيه لمعاده فهو ملوم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
هلال رمضان
هلال خير وبركة فيه تجتمع الأيدي على الطعام وتتسابق على الإطعام مَن أدرك رمضان فقد أنعم الله عليه بنعم كثيرة ومزايا عديدة فتحت له من الطاعة أبواب، ومن الخيرات طرقات، ومن الجنان أبواب، وأغلقت دونه أبواب النيران، وسلست الشياطين.
هلال خير وبركة ترى فيه وجوه أهل الطاعة مشرقة ولربها راكعة ساجدة تصوم النهار وتقيم الليل تعلم عظم قيمة الزمن الرمضاني وعظم الأجر فيه فلا تضيعه في القيل والقال فهي تتلوا القرآن آناء الليل وأطراف النهار لسان حالها:
إِذَا لَم يَكُنْ فِي السَّمْعِ مِنِّي تَصَاوُنٌ *** وَفِي بَصَرِي غَضٌّ وَفِي مَنْطِقِي صَمْتُ
فَحَظِّي إِذَنْ مِنْ صَومِيَ الجُوعُ وَ الظَّما *** فَإِنْ قُلْتُ إِنِّي صُمْتُ يَومِي فَمَا صُمْتُ
إنها نفوس متوضأه، وأجساد على الطاعة صابرة، بعيدة عن الأسواق وشرورها، أعدت العدّة وعبأت أسرتها قبل رمضان لاغتنامه:
مَنْ يُرِد مُلكَ الجِنَانِ *** فَليَدَع عَنهُ التَّواني
وَليقُم في ظُلمةِ اللّيل *** إلى نور القرآن
وليَصِلْ صَوماً بِصومٍ *** إنَّ هذا العيشَ فاني
إنَّما العَيشُ جِوارُ الله *** فِي دَارِ الأمان
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
» (سنن النسائي [2105/3]).قال ابن رجب في اللطائف: "هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضًا بشهر رمضان كيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشياطين من أين يشبه هذا الزمان زمان جاء شهر الصيام بالبركات... فأكرم به من زائر هو آت.
قال معلى بن الفضل: كانوا يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم، وقال يحيى بن أبي كثير كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبلا".
من رحم في شهر رمضان فهو المرحوم، ومن حرم خيره فهو المحروم، ومن لم يتزود فيه لمعاده فهو ملوم:
أَتَى رَمَضَانُ مَزْرَعَةُ العِبَادِ *** لِتَطْهِيرِ القُلُوبِ مِنَ الفَسَادِ
فَأَدِّ حُقُوقَهُ قَوْلًا وَفِعْلَا *** وَ زَادَكَ فَاتِّخِذْهُ لِلْمَعَادِ
فَمَنْ زَرَعَ الحُبُوبَ وَمَا سَقَاهَا *** تَأَوَّهَ نَادِمًا يَوْمَ الحَصَادِ
يا من طالت غيبته عنا قد قربت أيام المصالحة، يا من دامت خسارته قد أقبلت أيام التجارة الرابحة من لم يربح في هذا الشهر ففي أي وقت يربح، من لم يََقْرُب فيه من مولاه فهو على بعده لا يبرح:
يا ذا الذي ما كَفَاهُ الذنبُ في رجبٍ *** حتى عَصَى رَبَّهُ في شَهْرِ شعبانِ
لقدْ أَظَلَّكَ شَهْرُ الصومِ بعدهما *** فَلا تُصّيِّرُه أيضاً شهرَ عصيانِ
واتلُ القرآنَ، وسبحْ فيه مجتهداً *** فإنَّه شـهرُ تسبيحٍ وقـرآنِ
فاحملْ على جَسَدٍ تَرْجُو النجاةَ لَهُ *** فَسَوَفَ تُضْرَمُ أجسادٌ بنيرانِ
كَمْ كُنتَ تَعْرِفُ مِمَّنْ صامَ في سَلَفٍ *** مِنْ بين أهلٍ وجيرانٍ وإخوانِ
أَفْنَاهُمُ الموتُ واستبقاك بعدهمُ *** حيًّا فما أقْـرَبُ القاصي من الداني
ومُعْجَبٌ بثيابِ العيدِ يَقْطَعُهَا *** فأصبحتْ في غدٍ أثوابَ أكفانِ
حتى متى يَعْمُرُ الإنسانُ مَسْكَنَهُ *** مصيرُ مِسْكَنِهِ قبرٌ لإنسانِ
اللهم بلغنا رمضان وأعنا على طاعته واغتنامه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
يسري صابر فنجر
- التصنيف: