(النصر الإلهي) في المونديال..

منذ 2010-07-15

لم يدهش تصريح وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي أحداً عندما صرح بأن خروج الدول الثلاثة المعادية ظاهرياً لطهران، وهي الولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا وفرنسا من المونديال، يمثل عقاباً إلهيا لها ..


لم يدهش تصريح وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي أحداً عندما صرح بأن خروج الدول الثلاثة المعادية ظاهرياً لطهران، وهي الولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا وفرنسا من المونديال، يمثل عقاباً إلهيا لها على مواقفها "المناهضة" لبلاده بسبب برنامجها النووي؛ فالتحدث باسم الله عز وجل، والتألي عليه ليس جديداً على ساسة إيران وملاليها، لكن المدهش حقاً كان في غياب الحصافة عن المسؤول الدبلوماسي الأول في الدولة الفارسية الذي نسى أن بلاده لم "تحظَ" أساساً بـ"شرف" التأهل لنهائيات كأس العالم المقامة في جنوب إفريقيا حتى يكون الخروج من هذه المسابقة الرياضية الأولى علامة على غضب الرب عز وجل من الخارجين منها، فهل يعني تفسير وزير الخارجية أن من لم يتأهل لكأس العالم أصلاً هو مستحق لغضب الله على نحو أشد، وبالتالي فإن إيران الملالي هي ضمن فئة المستحقين له!!


إنه نوع من الهذيان الدبلوماسي يقصد به تتميماً للصورة الكاريكاتورية المجسدة للمسرحية الهزلية المتقنة بين الغرب وإيران، والقاضية بالسماح بقدر من الجعجعة اللفظية الخالية من أي طحين يفيد الأمة الإسلامية، وشكلاً من أشكال التنويم المغناطيسي لكل من تستوقفه قدرة إيران على المراوغة فيما يتعلق بالكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموماً على مدى 30 عاماً هي عمر ثورة الخميني، والتي دغدغت مشاعر قطاعات من المسلمين عن الأقصى والقدس ورفع المظالم عن الأمة الإسلامية كلها، بينما أخفقت هذه في إقامة شرع الله عز وجل داخل أربعة جدران تحيط بـ"الكنيست الفارسي"، فضلاً عن أن تجاهد أو تكافح أو تجابه الغرب في أي معركة حقيقية.


وقطعاً، فإن أي من تلك العواصم لم تنبس ببنت شفة حتى للتعليق على كلام وزير الخارجية الإيراني، ليس لأنها لا تعيير كلام الإيرانيين اهتماماً، بل لأن مثل هذه التصريحات وحتى تلك التي تتحدث عن زوال "إسرائيل" (دون أن يدعي الرئيس الإيراني نجاد حين قالها شرفاً له ولحرسه الثوري في تدميرها)، هي من قبيل الرتوش التي يضعها الممثلون على وجوههم لكيلا يعرف المشاهدون أشكالهم الحقيقية، وهي ضرورة كتلك لحبك الدور، وهو الذي سيتمثل في الالتزام بترديد التصريحات الجوفاء لحين "مفاجأة" العالم بأن لدى طهران سلاحاً نووياً، وساعتها سيقولون إن استخباراتنا قد أخطأت خطأ جسيماً تستحق بسببه المسائلة بإخفاقها في "تقدير قدرات إيران النووية"، وحتى تأتي تلك اللحظة سيكون علينا الاستمرار في مشاهدة هذه المسرحية المملة، طويلة الفصول، التي ستكرر كل عدة دقائق بعض مشاهدها "الثورية" وسنظل لحينها نسمع تصريحات "دينية" وأخرى "سياسية" وثالثة "عسكرية"، وقد نسمع معارضة غربية هزلية مقابلة، لن تتجاوز حدود ردهات مجلس الأمن، أو قاعة المؤتمرات الصحفية بالبيت الأبيض، وقد نضطر، كما فعلنا عندما "فوجئت" موسكو بتقرير الاستخبارات الأمريكية "المفاجئ" عن احتمالية صناعة قنبلة نووية إيرانية بعد سنتين، لتعرب مع العاصمة الأمريكية عن "قلقهما" إزاء تطور البرنامج النووي الإيراني، أن نستمع إلى نماذج متعددة من "الإعراب عن القلق"، و"تشديد العقوبات".. وهلم جرا!!

18/7/1431 هـ
 

المصدر: موقع المسلم