بشائر رمضان

منذ 2010-08-08

قال الله- تعالى-: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} [البقرة:119].


(خطبة مقترحة)

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

الغرض من الخطبة:
التبشير بقدوم رمضان واقترابه، وبيان بعض المعاني التي إذا وجدها المسلم في قلبه في هذه الأيام؛ فإنها مبشرات له بالخير قبل قدوم رمضان.
1- التبشير سنة البشير- صلى الله عليه وسلم-: أرسله الله- تعالى- بشيرًا للعالمين: قال الله- تعالى-: { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} [البقرة:119].

- شهد الله له بذلك ولو أنكره الجاحدون: قال- تعالى-: { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ } [المائدة:19].

- وكان- صلى الله عليه وسلم- يبشر أصحابه بما يسرهم: قال- صلى الله عليه وسلم- لبلال: «يَا بِلالُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلامِ فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ» (رواه البخاري ومسلم).
- وكان يبشر عموم أصحابه بالخير: قال- صلى الله عليه وسلم- لأبي هريرة- رضي الله عنه-: «اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ » (رواه مسلم).

- ويبشر عموم أمته بالرفعة والتمكين: قال- عليه الصلاة والسلام-: « إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا» (رواه مسلم).


2- فضل المُبَشَّر به:
- إنه رمضان، خير الشهور: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185].

- لسان حال الشهور معه كحال إخوة يوسف- عليه السلام- معه: { تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا } [يوسف:91].

- شهر التوبة والغفران: قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: « أتانِي جِبْرِيلُ فقال: يا مُحمَّدُ مَنْ أدْرَكَ أحَدَ وَالِدَيْهِ فَماتَ فَدَخَلَ النَّارَ فأبْعَدَهُ الله قُلْ: آمِينَ. فَقُلْتُ: آمِينَ. قال: يا مُحَمَّدُ مَنْ أدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَمَاتَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فأُدْخِلَ النَّارَ فأَبْعَدَهُ الله قُلْ: آمِينَ. فَقُلْتُ: آمِينَ » (رواه الطبراني وابن حبان، وصححه الألباني).

- ولذلك كان- صلى الله عليه وسلم- يبشر أمته بقدومه: « أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ » (رواه أحمد والنسائي، وصححه الألباني).


3- استشعار فضل المواسم: من البشريات لك أيها المؤمن أن تجد في قلبك من الآن هذا الشعور.
- إدراك الرحمات النازلة في مواسم الفضل: قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللهِ فَإِنَّ لِلَّهِ- عَزَّ وَجَلَّ- نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَسَلُوا اللَّهَ- عَزَّ وَجَلَّ- أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ » (رواه الطبراني في الكبير، وحسنه الألباني).
- رجب وشعبان مواسم خير قبل رمضان: قال- تعالى-: { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } [التوبة:36].
وقالت عائشة- رضي الله عنها-: « قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ » (متفق عليه)، وسأله أسامة بن زيد- رضي الله عنهما-: « يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» (رواه أحمد والنسائي، وحسنه الألباني).


4- استشعار رائحة رمضان:
- المخلصون يستشعرون الخير بقلوبهم قبل أبدانهم: حديث أنس بن النضر- رضي الله عنه-، وفيه: «إِنِّي أَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ دُونَ أُحُدٍ » (رواه البخاري).

- يعقوب- عليه السلام- يستشعر حياة يوسف- عليه السلام- بقلبه قبل لقائه: {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ} [يوسف:94].

- ولذا لما ترك إبراهيم- عليه السلام- ولده وأمه عند البيت سأل اللهَ أصحابَ القلوبِ؛ ليكونوا أنسًا لأهله: { رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ } [إبراهيم:37]؛ ولذلك كانت القلوب تشتاق إلى البيت الحرام، وتريد الرجوع إليه كلما فارقته { وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا } [البقرة:125].


5- تمني اللحوق بركب رمضان:
- من البشريات: أن تجد في قلبك هذا الشعور.

وهذه أمثلة:
-طلحة والمؤمنون يغبطون من عاش في رمضان في سبقه المجاهد: كَانَ رَجُلانِ مِنْ بَلِيٍّ حَيٌّ مِنْ قُضَاعَةَ أَسْلَمَا مَعَ النَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَاسْتُشْهِدَ أَحَدُهُمَا، وَأُخِّرَ الآخَرُ سَنَةً، قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ: فَأُرِيتُ الْجَنَّةَ، فَرَأَيْتُ الْمُؤَخَّرَ مِنْهُمَا، أُدْخِلَ قَبْلَ الشَّهِيدِ، فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ، فَأَصْبَحْتُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَوْ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَلَيْسَ قَدْ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ، وَصَلَّى سِتَّةَ آلافِ رَكْعَةٍ، أَوْ كَذَا وَكَذَا رَكْعَةً صَلاةَ السَّنَةِ؟» (رواه أحمد، وقال الألباني: حسن صحيح).

- تمنوا وصدقوا.. فنالوا: قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: « مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ» (رواه مسلم).

أمثلة:
- الرجل الذي أسلم وقاتل مع النبي- صلى الله عليه وسلم- وقسم له من الغنيمة، فقال: "مَا عَلَى هَذَا اتَّبَعْتُكَ، وَلَكِنِّي اتَّبَعْتُكَ عَلَى أَنْ أُرْمَى إِلَى هَاهُنَا وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ بِسَهْمٍ فَأَمُوتَ فَأَدْخُلَ الْجَنَّةَ!" فَقَالَ: «إِنْ تَصْدُقْ اللَّهَ يَصْدُقْكَ». فَلَبِثُوا قَلِيلا ثُمَّ نَهَضُوا فِي قِتَالِ الْعَدُوِّ فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحْمَلُ قَدْ أَصَابَهُ سَهْمٌ حَيْثُ أَشَارَ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَهُوَ هُوَ؟» قَالُوا: "نَعَمْ"، قَالَ: «صَدَقَ اللَّهَ فَصَدَقَهُ » (رواه النسائي، وصححه الألباني).


23 شعبان 1431 هـ / 3 أغسطس 2010 م
 
المصدر: سعيد محمود - موقع صوت السلف