تنبيه اللبيب وتذكير الأريب بمسائل قد تغيب عن حجاج البيت الحبيب - 5- احذر الدفع من عرفة قبل تحقق الغروب
فمن وقف بعرفة نهارا ثم دفع قبل الغروب فقد أتى بالركن وترك واجب الوقوف في جزء من الليل فيكون عليه دم وجوبا عند الحنفية والحنابلة وهو قول عند الشافعية
أتابع مستعينة بالله سائلته التوفيق والسداد :
احذر الدفع من عرفة قبل تحقق الغروب
قال الشيخ ابن باز - رحمه الله تعالى -:
ما هي أقل مدة للوقوف فيها بعرفة، ومتى يجوز الانصراف منها إلى مزدلفة، أرجو إيضاح أول الوقت وآخره؟
الوقوف بعرفة هو الركن الأعظم للحج، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:« »، وزمن الوقوف ما بين زوال الشمس يوم عرفة اليوم التاسع إلى طلوع الفجر من ليلة النحر، هذا هو وقت الوقوف عند أهل العلم، ما بين الزوال يوم التاسع من ذي الحجة وهو يوم عرفة، إلى طلوع الفجر من ليلة النحر، هذا مجمع عليه بإجماع أهل العلم، ليس فيه خلاف، أن هذا هو وقت الوقوف، فإذا وقف فيه ولو قليلاً أجزأه الحج، فإن كان بالليل أجزأه وليس عليه فدية، وإن كان في النهار وجب عليه أن يبقى إلى غروب الشمس، كما وقف النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه وقف نهاراً بعدما صلى الجمع، بعدما صلى الظهر والعصر جميعا، جمع تقديم، بأذان وإقامتين تقدم إلى الموقف فوقف -عليه الصلاة والسلام- على راحلته حتى غابت الشمس هذا هو الأفضل، وهذا هو الكمال، أن يقف نهاراً ويبقى حتى غروب الشمس، فإن انصرف قبل غروب الشمس فعليه دم عند أكثر أهل العلم، يذبح في مكة للفقراء،إلا إن رجع في الليل سقط عنه الدم، إن رجع في الليل لو قليلاً سقط عنه الدم، وإذا وقف قليلاً ساعة ربع ساعة أو نصف ساعة المقصود مر بعرفات وهو محرم في الحج، فإن مروره بها أو وقوفه بها قليلاً يجزؤه، إن كان في الليل أجزأ بلا فدية، وإن كان في النهار ولم يبق حتى الغروب فعليه الفدية عند الجمهور وحجه صحيح عند جمهور أهل العلم. أما الوقوف قبل الزوال فأكثر أهل العلم أن لا يجزئ، من وقف قبل الزوال ولم يرجع بعد الزوال ولا في الليل فإنه لا يجزئ عند الجمهور، وذهب أحمد بن حنبل -رحمه الله- وجماعة إلى أنه يجزئ قبل الزوال لحديث عروة بن مغرس حيث قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- قد وقف في عرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً، فأطلق النهار، قال هذا يشمل ما قبل الزوال وما بعد الزوال، ولكن الجمهور قالوا: يحمل على ما بعد الزوال؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقف بعد الزوال ولم يقف قبل الزوال، وقال: (خذوا عني مناسككم)، اللهم صل وسلم عليه، فالأحواط للمؤمن أن يكون وقوفه بعد الزوال كما قاله جمهور أهل العلم، وكما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا يتحدد الوقوف بشيء قليل أو كثير يجزئ، لكن مثل ما تقدم إن كان بالليل في أول الليل أو في وسطه أو في آخره أجزأه بلا فدية، وإن كان في النهار، ولم يبق حتى الغروب فعليه فدية عند أكثر أهل العلم لأنه ترك واجباً وهو الجمع بين الليل والنهار في حق من وقف نهاراً. وقال قوم لا فدية عليه حتى إذا وقف نهاراً بعد الزوال كالليل، ولكن أكثر أهل العلم قالوا أن وقوف النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الغروب يدل على الوجوب؛ لأنه قال: (خذوا عني مناسككم)، قوله: (خذوا عني مناسككم)، يدل على وجوب البقاء إلى الليل، فإنه لم ينصرف حتى غابت الشمس -عليه الصلاة والسلام-، فينبغي لمن وقف نهاراً أن يبقى بل يجب عليه أن يبقى حتى تغيب الشمس، فإذا غابت انصرف إلى المزدلفة فإن استعجل وانصرف قبل الغروب جبره بدم عند أكثر أهل العلم، يذبح في الحرم للفقراء جبراً للحج.
( عن موقع الشيخ ابن باز هنا)
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..وبعد:
لقد حججت مع والدتي المسنة وتخلف الباص خاصتنا عن الحملة يوم عرفة ولم نصل إلا الساعة الثانية بعد الظهر إلى عرفة وظل الباص يلف في عرفة جميعها بحثا عن موقع الحملة ولم يستدل عليه حتى صارت الساعة الرابعة والنصف عصرا ثم طلب منه المشرف الوقوف حتى ننزل بعرفة ما تبقى من الوقت ولم يجد مكان سوى خارج عرفة بحوالي عشرين مترا حسب اللوحة التي تشير لبداية عرفة ونزلنا وذهبنا إلى محاذاة اللوحة الدالة على بداية عرفة وصلينا الظهر والعصر قصرا لأننا بعد العصر ثم جلسنا ندعو وحيث إن الموقع كان مزدحما وغير مريح طلبت مني والدتي قبيل الغروب بحوالي نصف ساعة أن أذهب بها إلى الباص والذي يقف على بعد عشرين مترا خارج عرفة لتستريح به جاهلة بحكم الوقوف حتى الغروب وأنا أمام خوفي عليها وتلبية لرغبتها نسيت الحكم تماما ولم أتذكره بالمرة (سبحان الله) وجلسنا في الباص حتى غربت الشمس ولما تحرك الباص أعتقد أنه لم يدخل حدود عرفة فما الحكم مع الجهل والنسيان مع العلم أن أعدادا كثيرة جدا كانت بعدنا خارج عرفة ولم تجد من ينصحها (عشرات الآلاف) وجزاكم الله عنا كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن وقف بعرفة نهارا ثم دفع قبل الغروب فقد أتى بالركن وترك واجب الوقوف في جزء من الليل فيكون عليه دم وجوبا عند الحنفية والحنابلة وهو قول عند الشافعية، لكن الراجح عند الشافعية استحباب إراقة الدم لأن أخذ جزء من الليل على هذا القول سنة لا غير، وإنما يستحب الدم خروجا من خلاف من أوجبه. ولو تدارك ما فاته بالرجوع إلى عرفة قبل غروب الشمس، وبقي إلى ما بعد الغروب سقط عنه الدم اتفاقا، ولو رجع بعد الغروب وقبل طلوع الفجر سقط عنه الدم عند الجمهور خلافا للحنفية، لأن الدم عندهم لزمه بالدفع من عرفة فلا يسقط بالرجوع إليها، أما عند المالكية فلا يدفع الحاج من عرفة إلا بعد غروب الشمس فإن دفع قبل الغروب فعليه العود ليلا تداركا وإلا بطل حجه.
والراجح عندنا أن من وقف نهار ودفع قبل الغروب ولم يعد للوقوف جزءا من الليل أنه يلزمه الدم سواء كان تركه للجمع بين اليل والنهار عمدا أو سهوا أو جهلا ، كما بيناه في الفتوى رقم: 962.
والله أعلم. رابط المصدر هنا
** وهنا مسألتان ينبغي التنبه إلى الفرق بينهما بارك الله فيكم :
1- مسألة الوقوف بعرفة ولو قليلا في زمن الوقوف المشروع: ( من زوال شمس يوم عرفة ( الظهر) إلى فجر يوم النحر على مذهب الجمهور) فمن فعل ذلك أجزأه وقوفه وحجه صحيح لأنه أتى بركن الوقوف بعرفة .
2- ويبقى الواجب في هذا الركن ألا وهو الجمع بين الليل والنهار في والوقوف بعرفة فلا يدفع الحاج الذي وقف بعرفة نهارا قبل تحقق الغروب لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وأمره ضمنا بذلك في قوله: « »
** وأكثر أهل العلم على أن من وقف نهارا في عرفة ودفع قبل الغروب عليه دم جبران كما تقدم مفصلا في النقولات السابقة .
والله نسأل أن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا ويزيدنا من لدنه علما .
يتبع إن شاء الله تعالى .
- التصنيف:
- المصدر: