صوفية عدوانية !!
مناقشة لكتاب: إلى أين أيها الحبيب الجفري - وقفات هامة وتنبيهات مهمة على كتاب معالم السلوك للجفري. تأليف: خلدون مكي الحسني..
هذا كتاب جميل لما فيه من علم غزير وحجج دامغة ولغة مهذبة راقية
تلتزم آداب الحوار الشرعية، وقدرة ملموسة على التنبيه إلى الخطأ دون
التجريح الشخصي لصاحبه!!
ومما زاد الكتاب قيمة تقديمان بهيّان،أولهما لفضيلة الدكتور مصطفى
الخن -أحد العلماء الأفذاذ في الشام وشيخ الأصوليين فيه-،وثانيهما
لفضيلة الشيخ محمد كريّم راجح-مفتي الشافعية وشيخ القراء في
الشام-.
والمؤلف -الدكتور الحسني-فقيه مالكي وذو اطلاع واسع في علوم الحديث
النبوي بالإضافة إلى كونه ممن جمعوا القراءات العشر.وهو سليل الدوحة
النبوية الشريفة.
والرجل-كما يتبين من كتبه هذا-يبحث عن الحق المؤيد بالدليل الشرعي من
كتاب الله عز وجل أو سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم،
وكان قد اطلع على نسخة من كتاب الحبيب علي زين العابدين الجفري(معالم
السلوك للمرأة المسلمة)فهاله حجم المغالطات والأخطاء المبثوثة فيه،وهي
شديدة الخطر،ويسهل انتشارها بين عامة الناس،لكنه اختار التعليق على
أهمها فحسب-وعدد المسائل التي فنّدها الحسني في الكتاب 35
مسألة-.
منها:احتجاج الجفري بحديث مخاطبة الله تعالى للعقل والنفس،مع أنه
مكذوب،وزعمه أن مقولة: (كن كما أريد أكن كما تريد)حديث قدسي مع أنها
من الإسرائيليات!!وكذلك إدراج كلام في أحاديث نبوية صحيحة تحرّف الكلم
عن مواضعه،ورواية أحاديث ضعيفة ينسبها الجفري إلى البخاري ومسلم!!أو
لمسند أحمد أو أصحاب السنن.
ومن طوام الجفري استهزاؤه بمن يعمل بحديث رسول الله صلى الله عليه
وسلم،وتحريفه معنى البدعة،وتهجمه غير اللائق على القائلين بوجوب
الوضوء من أكل لحم الإبل،وتسفيه كلام أهل العلم الذين لا يقولون بوصول
ثواب قراءة القرآن إلى الميت.....
وقد أحسن المؤلف أيما إحسان في تعرية الجفري وفضح تضليله للعامة من
خلال ادعائه أن غلوه الصوفي المبتدع يسير في ركاب أئمة مذاهب الفقه
الأربعة:مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل،فالحسني ينسف هذه
الأكذوبة بالأدلة الناصعة والنقول الموثقة،ليتأكد كل قارئ عاقل من أن
مسار الجفري مناقض كلياً لما كان عليه الأئمة الكبار والعلماء
العاملون في القرون الثلاثة المفضلة من اتباع للكتاب والسنة ومناوأة
جذرية للابتداع في دين الله عز وجل.
فالجفري-مثلاً-يفتري على أعلام الأمة في مسألة التوسل بالنبي صلى
الله عليه وسلم بعد موته،بل إنه يستهل ضلالته هنا بالزيادة على الحديث
الصحيح (أضاف مجترئاً على الكذب على النبي الكريم:يا محمد يا أحمد يا
أبا القاسم إني أتوجه بك إلى الله في أن يقضي حاجتي....)!!ثم هاجم
مخالفيه من ملتزمي الهدي النبوي ووصفهم بالجهل القبيح،فجاء الدكتور
خلدون بنقيض مزاعم الجفري من تحفة الأحوذي للمباركفوري ومن قول لأبي
حنيفة رحمه الله ومن شرح الكرخي للقدوري الحنفي ومن كتاب الهداية
للمرغيناني ومن الشهيد الدهلوي وصولاً إلى أبي الحسن الندوي في العصر
الحديث.....
ولذلك لم أبالغ حينما قلت عن كتاب الدكتور الحسني-جزاه الله
خيراً-:إنه كتاب جميل ومتميز،فهو محدود في عدد صفحاته،لكنه قوي في
محتواه،وغزير في مادته،ومليء بالشواهد والأدلة التي تقيم الحجة من
الوحيين على كل من يخشى الله ويرجو رحمته ويخاف عذابه.أما المعاند
الذي أضله الله على علم فلن يردعه شيء،لأنه ليس ممن يبحثون عن
الحق،ويكفي بيان الحق أمام جمهور المنخدعين به.وكم هي بليغة كلمة رابع
الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-في مثل هذه الحال:ليس
من طَلَبَ الحق فأخطأه كمن طَلَبَ الباطل فأصابه!!
9/10/1429 هـ
الكتاب: إلى أين أيها الحبيب الجفري-وقفات هامة وتنبيهات مهمة على
كتاب معالم السلوك للجفري
تأليف: خلدون مكي الحسني
الناشر: البينة للطباعة والنشر - دمشق.
- التصنيف: