عائلة البابا المصرية .. زواج السلطة والكنيسة!!

منذ 2010-09-05

في الإفطار الرمضاني الذي دعا إليه البابا شنودة هذا العام قرر أن يغير اسمه ، من إفطار "الوحدة الوطنية" إلى إفطار "العائلة المصرية" ، غير أن الملاحظة الأهم على هذا الإفطار هو أنه تجاهل بشكل تام ومطلق أي تعبير عن الإسلام والمسلمين في مصر.

 
في الإفطار الرمضاني الذي دعا إليه البابا شنودة هذا العام قرر أن يغير اسمه ، من إفطار "الوحدة الوطنية" إلى إفطار "العائلة المصرية" ، ولا أدري معنى لهذا التلاعب بالكلمات ، لأن هموم الوطن والتحدي الطائفي الآن أكثر جدية وخطورة من أن نشغل بالنا وبال الآخرين باللافتات والعبارات ، غير أن الملاحظة الأهم على هذا الإفطار هو أنه تجاهل بشكل تام ومطلق أي تعبير عن الإسلام والمسلمين في مصر.


لا يوجد أي عالم مصري أو داعية أو شخصية دينية إسلامية لها حضور في المجتمع المصري دعاها البابا شنودة إلى إفطار ما أسماه "العائلة المصرية" ، واكتفى بدعوة رموز "السلطة" ، فقط هو دعا شيخ الأزهر ، بوصفه ممثلا للسلطة الدينية ، وقد كان الشيخ أحمد الطيب هو هو العالم الجليل المحترم من قبل تولي المشيخة ، ولم يفكر البابا شنودة مرة واحدة في دعوته هو أو غيره من أهل العلم والدعوة والحضور الإسلامي الشعبي أو السياسي أو الديني في مصر ، وبالتالي فدعوته هذا العام هي دعوة للكرسي وليس للشخص ، البابا شنودة حرص على دعوة ممثلي السلطة وليس ممثلي الشعب ..
 
وعندما أراد أن ينفتح قليلا على المجتمع المصري ، والعائلة المصرية ، كما هي في مخيلته ، دعا عشرات الممثلين والراقصين والكوميديانات والمهرجين والصحفيين والإعلاميين الذين لم يمسوا جنابه بكلمة واحدة من قبل ، كما دعا ممثلي بعض الدول الغربية الداعمة لنفوذه ، ولم يفكر في دعوة رجل دين مسلم واحد لا يتصل بالسلطة ، وهو ما يعني أن "العائلة المصرية" التي يقصدها البابا شنودة هي تلك التي تنتج عن زواج الكنيسة بالسلطة ، وليس التمازج مع مكونات الشعب المصري ، وبصراحة شديدة فإن هذا الإفطار هو دلالة لا تخطئها العين على أن الكنيسة المصرية ترسخ ـ بممارساتها الخاطئة ـ مشاعر العداوة مع محيطها الإسلامي في مصر ، وأنها تستبطن بمواقفها المعلنة مشاعر الكراهية والنفور من الهوية الإسلامية في مصر ، وعلى الرغم من أن الكنيسة مؤسسة أهلية لا تشتغل بالسياسة ولا يليق بها أن تتصرف على نسج المواقف السياسية ، إلا أن الاحتفالات الكنسية ومن أهمها إفطار الوحدة الوطنية ، أو ما أسماه البابا هذا العام "إفطار العائلة المصرية" كان مقصورا على الحزب الحاكم ومجموعة التوريث ، ونفر قليل للغاية من الشخصيات السياسية الأخرى المرضي عنها من قبل الحزب الحاكم والتي تحصل على ضوء أخضر منه ، ولا يوجد أي شخصية أخرى من "العائلة المصرية" الكبيرة سياسيا أو دينيا ، وحرصت الكنيسة بشكل دقيق للغاية على عدم دعوة أي شخصية أو تيار سياسي يمثل قلقا للسلطة مهما كان حضوره السياسي والجماهيري ، بل ربما كانت بالأساس تنفر من أصحاب الحضور "الجماهيري".
 
رغم أن الجميع "يطبطبون" عليها ويتحاشون أن يواجهوا البابا بالحقيقة التي قد تضطره لسماع ما يكره ، عائلة البابا المصرية هي كل ما يخدم على مشروعه الطائفي ويدعم نفوذه المتنامي في الحياة السياسية بصورة خطيرة تهدد رعيته أنفسهم بالانتباذ والتهميش الشعبي والكراهية من المحيط الشعبي حولهم ، بدون أي قيمة أو معنى سوى خدمة طموحات قديمة متجددة "لزعامة" دينية تتجاوز رسالتها الروحية والإنسانية إلى أدوار وطموحات سياسية لا بد للمشتغل بها أن يدفع ثمنها كاملا ، من سمعته ومن مكانته ومن كرامته ومن حرمة موقعه الديني ، أشعر بالانزعاج الشديد من العبارات القاسية والمريرة والجارحة التي توجه إلى البابا شنودة علنا الآن في مظاهرات الشوارع ، وهي تطور غير مسبوق ، ولكنه شديد الدلالة على "المحنة" التي صنعها البابا شنوده للوطن ولكرسي البابوية وللأقباط ، وعلى الرغم من قناعتي بأن هذا التطور طبيعي للغاية ومنطقي جدا بسبب لغة العناد والغطرسة والاستفزاز وتحريك الشارع عمال على بطال وتحويل الكاتدرائية إلى ساحة للتطاول على مصر الوطن والهوية والإسلام والعروبة بشكل أسبوعي تقريبا ، ووصلت الإهانات إلى حد الاستغاثة في هتافات المتظاهرين ـ من داخل كاتدرائية البابا شنودة ـ بقادة جيش العدو الإسرائيلي من أجل تحرير الأقباط من "وطنهم" ، على الرغم من قناعتي بأن ما يحدث الآن رد فعل طبيعي ، إلا أني كنت أتساءل دائما ، هل كان البابا شنودة يتصور أن هذا التنامي المروع في التهييج والإثارة التي يفتعلها داخل المجتمع القبطي يمكن أن يمضي إلى ما لا نهاية له بدون تحريك مشاعر المسلمين المضادة وإثارة الشارع المصري ، أم أنه كان يعي النتائج والتوابع ، وقصد للوصول إليها قصدا .


04-09-2010 م
 

المصدر: جمال سلطان - المصريون